أُعلن فجر اليوم الإثنين وفاة المفكر السوري صادق جلال العظم في العاصمة الألمانية برلين، وذلك على إثر أزمة صحية، بينما تناقلت مواقع إلكترونية أن نجلي العظم عمرو وإيفان نشرا نعيا تناقله سياسيون وناشطون جاء فيه "نعلمكم ببالغ الحزن والأسى وفاة والدنا صادق جلال العظم الأحد 11 ديسمبر في منفاه ببرلين، ألمانيا". والعظم أكاديمي ومفكر، يوصف بأنه من أبرز "العقلانيين العرب" المنافحين عن العلمانية والديمقراطية، أثارت آراؤه جدلا كبيرا وخاض معارك فكرية متعددة بسبب كتاباته، وحُكم عليه بالسجن إثر نشره كتابه "نقد الفكر الديني"، وأيد بقوة الثورة السورية. وُلد عام 1934 في العاصمة السورية دمشق لأسرة تنتمي لعائلة سياسية عريقة من أصل تركي، وكان والده جلال العظم أحد العلمانيين السوريين المعجبين بتجربة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا. درس صادق العظم المرحلة الابتدائية في دمشق والثانوية في المدرسة الإنجيلية بصيدا في لبنان، ثم التحق بالجامعة الأمريكيةببيروت حيث نال البكالوريوس في الفلسفة 1957، وسافر إلى الولاياتالمتحدة لإكمال دراساته العليا في جامعة ييل فحصل على الماجستير في الآداب (1959) والدكتوراه في الفلسفة الحديثة (1961). تولى العظم وظائف ومسؤوليات عدة، إذ درّس في جامعات مختلفة، وأسنِدت إليه عام 1969 رئاسة تحرير مجلة الدراسات العربية التي تصدر في بيروت، كما عمل باحثا أيضا في مركز الأبحاث الفلسطيني. حوكم العظم بسبب كتابه "نقد الفكر الديني" الصادر عام 1969 إثر نكسة حزيران 1967، وصدر عليه حكم بالسجن مطلع عام 1970 لكن المحكمة أعلنت براءته لاحقا في العام نفسه. عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011 على نظام بشار الأسد، أخذ العظم -الذي انتقل بعد تطور الأحداث إلى ألمانيا للعيش فيها- موقفا داعما لها على عكس كثير من نظرائه اليساريين العرب، وقال إن هدفها هو "استرجاع الجمهورية من السلالة الحاكمة إلى الأبد، ومن مجمعها العسكري/التجاري الاحتكاري لكل شيء مهم في البلد". وأضاف أنه "لا يمكن للصراع أن يصل إلى خاتمته دون سقوط "العلوية السياسية"، تماما كما أن الحرب في لبنان ما كان يمكن أن تصل إلى خاتمتها دون سقوط "المارونية السياسية" (وليس الموارنة) في لبنان". ووصف العظم الثورات العربية بأنها "العودة الربيعية للناس إلى السياسة"، ويرى أنها أوجدت جيلا جديدا سيقوم بتصفية مشاريع توريث السلطة لسلالات حاكمة في الجمهوريات العربية بنقل السلطة مباشرة إلى أبناء الحاكم أو أقاربه، ويؤكد أنه "ربما يكون في ذلك تمهيد لمستقبل أكثر ديمقراطية وحرية مما عرفناه حتى يومنا هذا".