ماذا لو تم تحويل الاموال و استثمار العمل التطوعي الذي يقوم به المحسنين بناء مزيدا من المساجد الى دعم مجال التعليم المبكر للأطفال ، و يساهم المواطن بماله و خدماته في تشجيع و تكوين الأطفال في جميع المجالات من دراسة و فن و رياضة. عندما تتجول في المدن المغربية ، ستلاحظ ان في كل ركن هناك مسجد و بين مسجد و مسجد توجد قاعات للصلاة وفي بعض الأحيان هذه المساجد غير بعيد عن بعضها الا ببعض الامتار. نعم انه شئ جميل ان يساهم المواطن في توفير أماكن العبادة لكن هل المغاربة في حاجة الى كل هذه المساجد التي تكون اغلبها فارغة اثناء أوقات الصلاة؟ لماذا لا يتم استغلال هذه البنايات و الموارد في تكوين الأطفال ؟ كثيرا ما ترى سكان الحي او القرية يجتمعون و يتطوعون لجمع الاموال لبناء المسجد و لم ارى يوما مثل هذه المجهودات تبدل في بناء مدرسة او روض للأطفال و مركز ثقافي او قاعة للمعلوميات. ما ذَا لو تظافرت الجهود في كل حي او مدينة بالشكل و الحماس الدي يتم التعامل به لبناء مسجد لبناء مرافق اجتماعية تساهم في تربية ابناء الحي. النتيجة بالأكيد ستكون قرب كل مسجد ستجد هناك قاعات للمطالعة و المعلوميات و أماكن لممارسة للرياضة . السبب ان المجتمع المتشبع بالخطاب الديني اصبحت له القابلية الفكرية للقيام بهذا العمل الخيري لبناء أماكن العبادة و تغيب عنه القيمة الكبيرة التي يلعبه التعليم المبكر في تكوين شخصية الطفل. بالإطاحة الى العمل الخيري تساهم الدولة بدور كبير في انتشار هذه المساجد فكل مكان . في الدول الديمقراطية يكون دور الدولة جد محدود في تسير الأمور الدينية و لا يحق لها بمقتضى الدستور ان تتدخل في معتقدات المواطنين. في المغرب العكس هو الصحيح ، الدول تتدخل في كل شئ له العلاقة بالمعتقد حيث اصبحت وزارات الأوقاف من بين اكبر الوزارات من حيث المصارف. مع العلم ان الفائدة من هذه الوزارة جد محدود من ناحية تكوين المواطنين و المساهمة في تطويرالبنيةً الاقتصادية للبلاد.فهي لا تكون جيلا او يدا عاملة تعود بالنفع على المجتمع. في الجانب الاخر نرى إهمال تام للتعليم المبكر للأطفال . رغم ان ، كما تشير الأدلة الدولية ان الفوائد الاجتماعية والاقتصادية للاستثمار في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة للأفراد جد مهمة وتعود بالنفع على المجتمعات . كما ان البحوث التي اجريت في علم نفس النمو، وعلم الاجتماع، وعلم التربية والتعليم، تؤكد على الأثر الحاسم للتنمية في المرحلة المبكرة للطفولة في تكوين القدرات الذهنية وتكوين الشخصية واكتساب السلوك الاجتماعي. ويمكن للتاثيرات التراكمية المترتبة على الاهمال في هذه الفترة ان تستمر طيلة الحياة. نعم انه شئ جميل ان نهتم بدور العبادة لكن الأولية هي تعليم الأطفال لمحاربة الجريمة ، كفى من بناء المساجد. يجب توجيه هذه الموارد المالية و العمل الخيري نحو التعليم و الاستثمارفي اجيال المستقبل .