بعد خرجات الرئيس الجديد المتكررة ورصاصاته الفارغة في كل اتجاه وكل مناسبة، أصبحت أعتقد جازما أنه يعيش حاليا بعض أسوء ايامه، رغم البهرجة ومظاهر الزهو يبدو فعلا أن الرجل في بؤس حقيقي، وحتى يدرك القارئ ما أرمي إليه، لنعد القصة من البداية. منذ أن طفا اسم محمد السيمو على سطح المشهد السياسي بالمدينة، والرجل يشتغل بمنهجية تتلخص في جملة واحدة: معارضة العدالة والتنمية. وطوال 12 سنة قضاها السيمو في عضوا في المجلس البلدي، كانت هذه الهوية توفر له إطارا واضحا للعمل، ووهبته دورا وظيفيا جعلته يحظى باهتمام أطراف عديد في بعض مفاصل السلطة وخارجها رأت فيه مشروع التشويش الوحيد على حزب تتعاظم قواه محليا وإقليميا خصوصا بعد ضمور الأحزاب التاريخية بالمدينة. بعد انتخابات 4 شتنبر وما تلاها من عملية بناء التحالفات وتشكيل مجلس جديد اختارت العدالة والتنمية موقع المعارضة فيه، يجد السيد السيمو نفسه في موقع مربك، فقد انتقل من موقع المعارض إلى موقع صاحب القرار، ولم تعد المدينة تنتظر رأيه فيما تفعله العدالة والتنمية بل أصبح المطالب بالفعل. وعوض انتظار المسلك الذي ستختاره العدالة والتنمية ليختار هو المسلك المعاكس، عليه الآن أن يتخد القرارات ويبسط الرؤى والتصورات ويطلق البرامج من أجل أن تكون له بصمة في مسار هذه المدينة نحو النهوض. بعد ثلاثة اشهر في مكتب الرئيس، لا شيء يدل على أن الرجل استوعب متطلبات موقعه الجديد ولا أدواره وواجبته، وهو يحن في كل مناسبة للممارسة دور المعارض حتى وهو في موقع المسؤولية، فكل لقاءاته الصحفية وتجمعاته العامة مخصصة للهجوم على تجربة العدالة والتنمية التي وجد فيها شماعة يعلق عليها عجزه وافتقاره إلى المواصفات الموضوعية لرجل التدبير، ولعل الخرجة الأخيرة حول موضوع أرشيف البلدية مجرد حلقة في سلسلة طويلة بدأت منذ تشكيل المجلس الجديد ولا بوادر على انتهائها قريبا، على الأقل ليس قبل الإنتخابات البرلمانية السنة القادمة. على العقلاء في محيط السيد الرئيس أن يجتهدوا في تنبيهه إلى الخروج من جلباب العدالة والتنمية، فهو اليوم يتحمل مسؤولية مدينة تعداد سكانها يقارب المئة وخمسين ألف نسمة، مدينة تنتظر إنجازات على مستويات التنمية والتشغيل وتأهيل المجال ولن تكتفي لوقت طويل بمسلسلات السيد الرئيس وقصصه البوليسية التي لا تنتهي. على أصدقائه الناصحين فطمه ولو بالإكراه عن هوسه بدور المعارض للعدالة والتنمية، تماما كما يفطم الطفل بالإكراه حين يعجز عن إدراك انتقاله من طور إلى طور. قلت في البداية أن رئيسنا تعيس، ولعل سبب تعاسته هو أنه أدرك أخيرا أن كرسي الرئاسة أكبر بكثير من مؤهلاته الكلامية والإستعراضية، فإذا كانت 12 سنة من المعارضة يمكن أن تنجح بقدر قليل من الدهاء، فإن موقع التسيير يحتاج إلى جرعات كبيرة من المعقول.. أمر للأسف، ليس من بين مواهب الرئيس الكثيرة.