قرر حزب العدالة والتنمية، في توتر جديد للعلاقة بينه وبين حزب الاستقلال بمدينة فاس، وضع شكاية صباح أمس الخميس بالمحكمة الابتدائية تتهم عمدة المدينة، الاستقلالي حميد شباط، وعددا من «أنصاره» في الحزب ممن يوصفون من قبل خصومه السياسيين ب«البلطجية» بتهم تتعلق ب«جنحة الضرب والجرح». وقال مصدر مسؤول في حزب العدالة والتنمية إن هذه الشكاية تستعرض تفاصيل «اعتداء» تعرض له مستشارون جماعيون في دورة «ساخنة» عقدها المجلس الجماعي أول أمس الأربعاء للمصادقة على الحساب الإداري للمجلس، وللمصادقة على مشروع تصميم التهيئة وقرار التدبير المفوض للنقل الحضري. وانتهت هذه الدورة باشتباكات بين مستشارين من حزب العدالة والتنمية ومستشارين من حزب الاستقلال، بعد أن تدخل مناصرون لحزب الاستقلال لمنع مستشار جماعي من تصوير أجزاء من هذه الدورة بمبرر أنه لا يتوفر على أي صفة تخول له التصوير. وأصيب على إثر هذا التدخل المستشار الجماعي سعيد السرغيني بجروح في الوجه واليد. وقال أحد محامي الحزب إن هذا الاعتداء أسفر عن تكسير آلة تصوير المستشار الجماعي ونظارتيه. وأضاف بأن مستشارا آخر من مقاطعة زواغة (محمدين زروق) جاء لمتابعة أطوار الدورة فلم يسلم من «الاعتداء». وكان المستشار الجماعي لحزب العدالة والتنمية، سعيد السرغيني، يحاول تصوير سيدة حضرت الجلسة وهي توجه «انتقادات» إلى رئيس المجلس. وقال سعيد بنحميدة، عن حزب العدالة والتنمية، إن المستشار الجماعي يعمل أيضا مراسلا للموقع الإلكتروني لحزب العدالة والتنمية. وشهدت الساحة الرئيسية للمجلس الجماعي، قبل هذه الاشتباكات بين الحزبين، «مواجهات» بين تنسيقية المعطلين المجازين وبين «أنصار» حزب الاستقلال، بعدما حاول المعطلون «اقتحام» المقر للوصول إلى القاعة التي شهدت أطوار هذه الدورة. وتعرض جزء من واجهة الجماعة الزجاجية للتكسير. وتدخل رجال الأمن ل«تهدئة الوضع»، فيما واصل المعطلون احتجاجاتهم خارج ساحة المجلس الجماعي، وسط استنفار كبير من قبل أنصار حزب الاستقلال في جل البوابات المؤدية إلى المجلس خوفا من «اقتحامات» المحتجين. وقرر حزب العدالة والتنمية الامتناع عن التصويت على الحساب الإداري للمجلس لسنة 2011، فيما قرر حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب الأصالة والمعاصرة التصويت بالرفض، مما أدى إلى توتر العلاقة بين الأغلبية وبين الفرق الأخرى. وتبادل عمدة فاس مع عدد من المستشارين الاتهامات و«التنابز بالألقاب». وبالرغم من الجدل الذي أثير حول تصميم التهيئة والتدبير المفوض للنقل الحضري، فقد نجح عمدة فاس في ضمان التصويت على قرارات المجلس بأغلبيته المريحة. وإلى جانب هذا الجدل، تفجرت قضية أخرى تتعلق بتوقيف دعم خيرية «باب الخوخة» بفاس العتيقة، مما يهدد أطفالها وعجزتها بمصير مجهول. عمدة فاس، في رده على استفسارات عدد من المستشارين في المعارضة، أوضح بأن المجلس قرر توقيف هذا الدعم لأن الخيرية تتعرض لما أسماه السرقة الموصوفة من قبل المسؤولين عنها، في إشارة إلى البرلماني محمد مفيد، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كان إلى جانب العمدة في الأغلبية، قبل أن يقرر مقاطعة هذه الأغلبية وينضم إلى المعارضة إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة. وظهرت في الأنترنت عدة أشرطة فيديو تصور بعض أطفال الخيرية وهم يحكون عن أوضاع «مأساوية» يعيشونها. واتهمت الأشرطة هذا البرلماني بالوقوف وراء معاناتهم. واتهم عمدة فاس رجل سلطة و أفرادا من القوات المساعدة ب«التحالف» مع هذا البرلماني لإيذاء هؤلاء الأطفال. ودعا عدد من المستشارين المعارضين إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول هذه الخيرية، لكن هذا الطلب لم يتم اعتماده.
حزب الاستقلال يشكك في وطنية أعضاء العدالة والتنمية ويتهمهم ب«الإرهاب» عاد حزب الاستقلال بمدينة فاس إلى استعمال مصطلحات سبق له أن نعت بها حزب العدالة والتنمية في ذروة الأزمة بين الطرفين منذ سنوات. وتحدث بلاغ للحزب نشره الموقع الإلكتروني للعمدة شباط عن «إدانة هجوم بلطجية العدالة وشبيحة التنمية على منصة المجلس الجماعي لمدينة فاس في دورته العادية فبراير 2012 وشجب للإرهاب والعنف والتخلف الممارس من طرفهم». وتحدث البلاغ الناري لحزب الاستقلال عن «الاعتداءات الإجرامية التي قامت بها عناصر تخريبية تابعة لحزب العدالة والتنمية بمدينة فاس» في الدورة، و«ما شملته من تحريض على العنف والإرهاب». وأضاف أن تلك «الأفعال الخطيرة» تشكل «انتهاكا متعمدا لحقوق مسيري الدورة العادية لمجلس مدينة فاس فبراير 2012، وخطيرا للأمن والسلم المحلي على حد سواء من قبل هذه العصابات الإرهابية المعروفة، والمحسوبة على حزب العدالة والتنمية. كما أنها تعتبر جرائم ويجب تحميل قيادات الحزب بمدينة فاس مسؤوليتها». وأشار البلاغ إلى أن حزب الاستقلال بفاس يعتبر اقتحام منصة الدورة سابقة خطيرة من نوعها وتتطلب أكثر من وقفة، في إشارة إلى التحالف الحكومي الذي يجمع بين الحزبين.