انتهى مسلسل الاعتصام المستمر بمقر حزب الاستقلال بعد ثمانية أيام تقريبا، حيث حج إلى المكان عشرات من المواطنين لمتابعة الصدام بين أنصار حزب الاستقلال والأطر العليا المعطلة المعتصمة بمقر حزبهم، حيث تواجد عدة مسؤولين عن الحزب أمام المقر صباح أول أمس الثلاثاء، من بينهم أعضاء المجلس الوطني للشبيبة الاستقلالية، والذين حاولوا ولوج مقرهم بهدف عقد اجتماع مجلسهم الوطني. وقد صرح المنتمون للحزب بأنهم «تعرضوا لاعتداء همجي من طرف بعض البلطجية المنتسبين إلى المجموعات التي تحتل مقر حزب الاستقلال»، التي رفضت دخولهم المقر. ونفس الرفض واجهه باشا مدينة الرباط الذي استمر في المفاوضات مع المعتصمين طيلة اليوم، دون أن يتم التوصل إلى اتفاق أو السماح له بالدخول إلى المقر. وفي منتصف النهار احتدم الصراع بقدوم أنصار حزب الاستقلال، الذين قاموا بمحاولة فتح الباب الحديدي للمقر، لتتدخل القوات الأمنية وتطوق المقر. وهو التدخل الذي لم يستسغه أنصار الحزب وقرروا اقتحام المبنى من الباب الخلفي، ليبدأ بعد ذلك التراشق بالحجارة، فتضررت عدة سيارات كانت متوقفة بمحطة البنزين المجاورة للمقر. وقد أخرج الأمن المحسوبين على حزب الاستقلال من المبنى وأغلق بابه الخلفي، واستمر الشد والجذب بين الطرفين، وتم ترديد شعارات من الجانبين. شعارات الأنصار تدعو إلى إخلاء المقر وتحريره وتصف المعطلين ب«الكسالى»، وشعارات المعطلين التي تؤكد مسؤولية الوزير الأول عن وضعيتهم، وتستنجد بالتدخل الملكي، حيث صرح المعتصمون بأن من وصفوهم ب»بلطجية حزب الاستقلال» شنوا عليهم هجومهم حوالي ساعتين ولم يتدخل الأمن إلا بعد استنكار المارة لما يحدث، وقدوم عائلات المعطلين إلى عين المكان بعد تأزم الأوضاع، فاقتحمت القوات الأمنية المكان من سطوح المباني الخلفية، مما دفع البعض إلى التهديد بكل تلقائية بمحاولة الانتحار برمى أنفسهم من فوق سطح المبنى في حالة تعرضهم للعنف. وهكذا منع الاحتكاك بين الطرفين، واستمر الوضع على هذا الحال ساعات، إلى أن قدم رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي والأمين العام للمجلس محمد الصبار، اللذان تفاوضا مع المعتصمين لإخلاء المقر مقابل التوسط لحل الملف. وحسب تصريحات متطابقة للمعطلين، فإن اليزمي أكد لهم حدوث تدخل أمني في حقهم في حالة إصرارهم على عدم إخلاء المكان، وشدد على ضمان سلامتهم في حالة عدولهم عن قرار الاستمرار في الاعتصام، الذي بقي مفتوحا إلى غاية الساعة الثالثة والنصف من صباح أمس، حيث خرج المعتصمون بإرادتهم وسط تكتل أمني. خروج جاء نتيجة صدور تهديدات شفوية من طرف المسؤولين وجهت إلى ممثلي الأطر العليا المعطلة، بمتابعتهم قضائيا عن المجزرة التي كانت سترتكب في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه، خاصة بعد التهديدات بالانتحار من لدن المعطلين وحالة الاحتقان التي أصابت الاستقلاليين. وقضى المعطلون ليلتهم في الحدائق الموجودة بشارع محمد الخامس، وسط أجواء مشحونة بالغضب والهستيريا والإرهاق النفسي والجسدي. وعاينت «المساء» حدوث إصابات في الرأس والأرجل في صفوف المعتصمين، وأيضا حدوث حالات إغماء وسط المعطلات، بسبب ما أسماه المحتجون «الإرهاب النفسي، الذي مورس عليهم طوال يوم كامل». وأشاروا كذلك إلى معطيات أخرى حول ما جرى، وصرحوا ل«المساء» بأن أنصار الحزب أتوا مدججين بمناشير حديدية وحاولوا إخافة الأطر التي كانت تسهر على حراسة الباب الرئيسي وسط تجاهل أمني لما يحدث، يضيف المعتصمون. وقد أكد المحتجون على استمرارهم في النضال بخطوات تصعيدية جديدة في حالة عدم وفاء المسؤولين ببنود المحضر الذي وعد بتوقيعه، حتى تحقيق المطالب. من جانب آخر، اتهم المحتجون عمدة مدينة فاس حميد شباط بإرسال «بلطجيته» الذين اعتدوا عليهم. كما أشاروا إلى أنه أثناء مساعدة المارة للمعطلين برمي قنينات الماء إليهم، عمد الاستقلاليون إلى رمي قنينات بها مخدر، لكن المعطلين -كما أكدوا- اكتشفوا محتوى تلك القنينات واكتفوا بعدم الشرب. وقد أكد المحتجون أن ما ارتكبه حزب الاستقلال في حقهم «نقطة سوداء في تاريخ حزب يدعي النضال من أجل المعطلين». من جهتها، أكدت الشبيبة الاستقلالية، في بيان لها حصلت «المساء» على نسخة منه، إدانتها «بقوة احتلال المركز العام لحزب الاستقلال، باعتباره مقرا لهيئة حزبية غير حكومية، لا يجوز لأي من كان التطاول عليه أو الإساءة إليه». كما أكد البيان على أن شبيبة الحزب تعتز «بالمجهودات الجبارة للحكومة الحالية التي يقودها حزب الاستقلال في مجال تشغيل حاملي الشواهد العليا غير المسبوقة في تاريخ تعاطي الحكومات المغربية مع إشكالية البطالة». كما نددت الشبيبة الاستقلالية في بيانها ب«الاستغلال السياسوي لمعاناة حاملي الشواهد العليا وتحملهم مسؤولية السقوط في فخ التوظيف السياسوي لملف اجتماعي». وعاينت «المساء» عدة محاولات لتكميم أفواه الصحفيين الحاضرين لتغطية الحدث، حيث تم الاعتداء بالضرب على الصحفيين أكثر من مرة، ومحاولة الاستيلاء على آلات التصوير حتى لا يتم تصوير الخروقات التي عرفها الصدام بين الطرفين، دون أن يحدد هؤلاء المهاجمون هدفهم من هذا الفعل ولا خلفياتهم.