بتمكنها أخيرا بناء على معلومات استخباراتية دقيقة من إيقاف عنصر خطير موال ل"داعش"، كان يشكل حلقة وصل بين قيادة العمليات الخارجية لهذا التنظيم وعناصره الموقوفة بتاريخ 19 نونبر الماضي من قبل المصالح الأمنية الفرنسية، تكون الأجهزة الأمنية الوطنية، وبفضل ضرباتها الاستباقية قد حصلت على العلامة الكاملة في محاربتها للإرهاب والإرهابيين، وحولت المغرب بالتالي إلى بلد رائد في هذا المجال ليس فقط على المستوى الإقليمي والقاري، ولكن على المستوى الدولي أيضا. وقبل ذلك بيوم واحد فقط (يوم 1 دجنبر 2016)، كانت الأجهزة الأمنية نفسها قد تمكنت من تفكيك خلية إرهابية تتكون من 8 متطرفين داعشيين، ينشطون بمدينتي فاس وطنجة، ومن بينهم معتقلان سابقان في قضايا الإرهاب كانا ينشطان في إطار الشبكة الإرهابية التي كان يقودها مواطن فرنسي، سنة 2003، والتي خططت لتنفيذ اعتداءات إرهابية داخل وخارج المملكة، وذلك وفقا لما كشفه بلاغ صادر عن وزارة الداخلية، كما تمكنت وقبل ذلك بأقل من شهرين من وضع اليد على خلية نسائية إرهابية تعد، كما صرح بذلك مسؤول أمني كبير للصحافة، لتفجيرات إرهابية في عدد من المدن المغربية، مشيرا إلى أن أغلب فتيات هذه الخلية قاصرات. غير أن أخطر هذه الخلايا هي تلك التي فككتها الأجهزة الأمنية خلال شهر ماي الماضي والتي كان يديرها الإرهابي التشادي الملقب ب"أبو البتول الذباح"، وأيضا تلك التي كانت قد حددت موعد التفجيرات في 19 فبراير الماضي والتي تم إيقافها عشية المرور إلى تنفيذ مخططها المرعب باستعمال سيارة مفخخة تدرب قاصر على سياقتها، وتكمن خطورتها في كونها تقتبس نفس الطرق التي تعمل بها التنظيمات الارهابية في كل من سوريا والعراق وليبيا، وتضع سيناريوهات مشابهة لهذه العمليات من أجل تنفيذها بالمغرب لاسيما أنه تم العثور ضمن المحجوزات على خطاطة توضح بالرسوم كيفية صناعة صاروخ لإصابة أهداف بعيدة. يقظة الأجهزة الأمنية المغربية وبراعتها في تتبع وتفكيك الخلايا الإرهابية، جعل مسؤولون أمنيون وسياسيون في إسبانيا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولاندا وغيرها من الدول يخطبون ود المغرب ويعترفون بالدور الكبير والحاسم الذي يلعبه في الوصول إلى خيوط الإرهاب وإحباط اعتداءات في بلدانها، بفضل استباق مصالحنا الأمنية إلى تنبيه هذه الدول بالخطر الذي يداهمها قبل أن يوقعوه، أو توفير معلومات دقيقة ومعطيات حصرية حول منفذي العمليات الإرهابية مما يسهل تعقبهم واعتقالهم. ومن ذلك التحذير الذي توجهت به الأجهزة الأمنية المغربية إلى نظيرتها الفرنسية من خطورة مواطن مغربي يقيم في فرنسا ينتمي لتنظيم "القاعدة"، غير أن السلطات الفرنسية تأخرت في التحرك من أجل اعتقال المشتبه به مما أدى إلى اختفائه عن الأنظار، ما دفعها إلى إطلاق مذكرة بحث في حقه ومطالبة المواطنين الفرنسيين الذين يتوفرون على معلومات حول هذا الشخص بالإدلاء بها لدى المصالح الأمنية. يأتي ذلك في الوقت الذي يعتبر فيه المغرب من الدول المستهدفة من قبل التنظيمات الإرهابية بسبب موقعه الاستراتيجي الذي يتميز بقربه من أوروبا وبالحدود التي تجمعه بكل من موريتانيا والجزائر حيث ينشط تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بالإضافة إلى انخراطه ومنذ 11 شتنبر من سنة 2001، في الحرب الدولية على الإرهاب، زد على ذلك أن زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن كان قد ذكره في إحدى خطبه المصورة على الأنترنت في فبراير من سنة 2003، بالإسم كأحد الدول المستهدفة. وبالمجمل فإن المقاربة الأمنية المغربية قد ربحت رهان التحدي وتمكنت أجهزتها وبفضل ضرباتها الاستباقية من تجفيف منابع الخلايا الإرهابية وهزم التنظيمات المتطرفة وهو ما أعطى صورة جيدة عن المغرب وجعل تجربته تتداول في المحافل الدولية كتجربة ناجعة ورائدة وقابلة للتطبيق في كل البلدان المهددة.