"يتولى مجلس الجالية المغربية بالخارج، على الخصوص، إبداء آرائه حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تأمين الحفاظ على علاقات متينة مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، وكذا المساهمة في التنمية البشرية والمستدامة في وطنهم المغرب وتقدمه." العبارة أعلاه جزء مما نص عليه الفصل 163 من دستور 2011، الخاص بمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج وتم تخصيص ثلاثة فصول أساسية أخرى لتحديد الرؤية الدستورية لصيغ تدبير ملف الجالية، فالفصل 16 نص على أن المملكة المغربية تتولى حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والمواطنات المغاربة المقيمين في الخارج، في إطار احترام القانون الدولي، والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال، كما تحرص على الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم، ولاسيما الثقافية منها، وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية. كما نص على أن الدولة تسهر على تقوية مساهمتهم في تنمية وطنهم المغرب، وكذا على تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع حكومات ومجتمعات البلدان المقيمين بها، أو التي يعتبرون من مواطنيها، أما الفصل 17 فحدد طبيعة نظرة الوثيقة الدستورية لمغاربة المهجر، ذلك أن المغاربة المقيمون في الخارج فيتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات، ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية المحلية والجهوية والوطنية، فيما نص الفصل 18 على أن السلطات العمومية تعمل على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج، في المؤسسات الاستشارية، وهيئات الحكامة الجيدة، التي يحدثها الدستور أو القانون. هذه النصوص وغيرها من النصوص التي تهم جالياتنا المقيمة بالخارج، يرى عدد من المهاجرين ومنهم أعضاء بمجلس الجالية المغربية الذي يديره كل من السيدان إدريس اليزمي وعبدالله بوصوف، أنها ما تزال حبيسة الرفوف ولم يكتب لها أن ترى النور بعد، بل إنها بحسبهم مجرد كلام وحبر على ورق. فالمجلس الذي تم تنصيب هياكله في يناير 2008، بموجب الظهير الملكي رقم 1.07.08 بتاريخ 21 دجنبر 2007 لولاية أولى مدتها أربع سنوات، ليجد الحلول للتحديات التي تواجه الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وكذا تحديات طبيعة التحولات التي تعتمل وسط هاته الجالية بسبب المعطيات الديمغرافية، وتغيرات بيئة المهجر، لم يقم بأدواره المنوطة به لتحسين أوضاع ما يزيد على 5 ملايين مغربي (أي 12.5 بالمائة من المغاربة) يعيشون في بلاد المهجر، على الرغم من أن تحويلاتهم بلغت خلال الثمان سنوات الأخيرة رقما إجماليا قدر بنحو 307.12 مليار درهم. وحسب عدد من المهتمين والمتتبعين، فإن المجلس فشل في بلورة الرأي الاستشاري الحقيقي لمعالجة الكثير من الملفات الحاسمة ذات الصلة بشؤون الهجرة، وقضايا المغاربة المقيمين بالخارج، والتوجهات الأساسية للسياسات العمومية التي من شأنها أن تضمن لهم الحفاظ على أواصر الارتباط الوثيق والعميق بهويتهم المغربية وتحقيق المواطنة الكاملة، وذلك في إطار دوره الذي تنص عليه المادة الثانية من الظهير المؤسس له، منتقدين طريقة اشتغاله وأنه كان من المفترض أن يقوم بتحسين منهجيتها وأدواتها حتى يصبح مجلسا منتخبا أعضاؤه بطريقة سلسة، شفافة وديمقراطية. والسبب في ذلك يعود إلى أن مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج لم يؤسس بعد رؤية استراتيجية يمكنه من خلالها أن ينسجم مع طموحات وتطلعات الجالية المغربية المقيمة بالخارج، خاصة وأن هذه الجالية تعيش وضعا قاتما في علاقتها بمسألة الانتماء للوطن، إذ أن الحكومات التي تعاقبت على تسيير وتدبير الشأن العمومي المغربي ظلت أسيرة للهاجس الاقتصادي في علاقتها معها، تستحضر فيه الواجبات والالتزامات في حين تغيب فيه الحقوق بما فيها الحقوق الاجتماعية والمدنية.. يحدث ذلك في الوقت الذي تتسارع فيه المتغيرات الديمغرافية والسوسيوثقافية ببروز أجيال جديدة، ومشاكل متنوعة، واحتياجات ومطالب عديدة، ورهانات إستراتيجية ومصالح حيوية بالنسبة للمغرب. وعلى الرغم من بعض التحركات والمجهودات التي تبذل بين الفينة والأخرى وبالرغم من هندسة مؤسساتية متعددة الأطراف فإلى جانب مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، هناك الوزارة المكلفة بالجالية المغربية، وزارة الخارجية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة القاطنين بالخارج، فإن كل هذه الجهود تبقى قاصرة ولا ترقى إلى المستوى الذي ينشده الجميع، إذ أن المجلس لم يستطع إعداد وتقديم الإجابات العمومية الملائمة لمطالب الهجرة، خاصة على المستوى الثقافي والتعليمي والاقتصادي كما هو منصوص عليه في الظهير المؤسس. ثم إن المجلس لم يعقد جمعه العام كما تنص على ذلك المادة 12 من الظهير المؤسس والذي يفترض أن يعقده كل سنة من قانونه الأساسي، مما حال دون تقديم تقريره المالي والأدبي وتوجيه عمله وفق احتياجات الجالية المغربية، كما أنه لم يعد أي تقرير سنوي عن أنشطته ولا تقريرا عاما، والذي من المفترض تقديمه كل سنتين حسب المادة الرابعة، والأفظع من ذلك كله فإن المجلس وبشهادة الجميع لا يتوفر على أية خارطة لتوجيه وترشيد تدبير ملف الجالية المغربية بالخارج، رغم ما يخصص له من ميزانيات مهمة، ومن ذلك استفادته من حوالي 45 مليون درهم سنة 2008، وحوالي 49 مليون سنتيم سنة 2009 وأضيفت له منحة 19 مليون درهم…"، وأن كل ما طبع عمله بعد مضي عشر سنوات كاملة على تأسيسه هو الفشل والتورط في مجموعة من الاختلالات والتجاوزات. تجاوزات واختلالات ستدفع عددا من المهاجرين ومنهم أعضاء بهذا المجلس، لمطالبة المجلس الأعلى للحسابات بافتحاص ماليته، بعدما وجهوا اتهامات خطيرة لأمينه العام عبدالله بوصوف باقتراف خروقات مالية، منها تورطه في توظيف مقربين منه وصرف أموال المجلس في أغراض لا علاقة لها بأدواره الدستورية.