أكدت نزهة الوافي أن التنصيص الدستوري على حقوق الجالية المغربية بالخارج في مشروع الدستور الجديد، يعد مكسبا أساسيا ليس فقط للجالية بل وللدولة المغربية في تعاملها مع مواطني دول المهجر. واعتبرت البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية المقيمة بالخارج، أن المطلوب اليوم هو إعطاء هذا النص الدستوري الروح عبر تدبير يتسم بالحكامة، والتناغم في السياسات العمومية دون تداخل وبأهداف موحدة. وأشارت الوفي في هذا الحوار الذي أجرته معها «التجديد»، أنه كان من الممكن التنصيص على دوائر انتخابية للمغاربة بالخارج ليتيح لهم انتخاب نواب يدافعون عن ملفاتهم، وهذا ما كنا نتمنى أن ينص الدستور عليه بشكل واضح تؤكد الوفي ليزول اللبس حول تمثيلية الجالية في مجلسي النواب والمستشارين. ❒ كيف يمكن تقييم ما جاء به مشروع الدستور بخصوص حقوق الجالية المغربية بالخارج ؟ ❒❒ باعتبار الدستور قانون القوانين والمؤسس للتشريعات الوطنية في كل المجالات فما خصصه الدستور من فصول بعينها 16، 17 ، 18 و30 يعتبر تقدما مهما، بحيث ولأول مرة تخصص أربعة فصول وأخرى ذا صلة بموضوع المغاربة في الخارج، كجزء لا يتجزأ من المواطنين المغاربة، وبهذا يؤسس الدستور لمقاربة واضحة للنهوض بقضايا الجالية المغربية بالخارج، وهذا سيسمح بالتفكير بشكل منفتح وشمولي وجماعي وتشاركي حول مسألة المواطنة الحقيقية، والحقوق الاقتصادية والسياسية للمواطنين بالخارج والتي ما تزال مجالا يستدعي تغييرا حقيقيا. ❒ هل يمكننا القول أن ما جاء به مشروع الدستور كاف ويلبي طموحات أفراد الجالية بالخارج؟ ❒❒ نعتبر ما تم التنصيص عليه في مشروع الدستور، والذي سيطرح للاستفتاء الشعبي يوم فاتح يوليوز القادم تطور مهم، في التعاطي مع قضايا المواطنين بالخارج، حيث نلاحظ أن الفصل 17، والذي يعتبر مكسبا أساسيا ليس فقط للجالية بل وكذلك للدولة المغربية في تعاملها مع مواطني دول المهجر، حيث ينص بشكل صريح وواضح، على المواطنة الكاملة للمهاجرين المغاربة حيث أكد أنه» يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة الكاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات...»، وهذا التصريح القانوني لأسمى قانون في البلاد يعتبر ضمانة قانونية ودستورية لحقوق 5 ملايين مغربي ظلوا محرومين من حقوقهم السياسية في وطنهم الأم، هذا من جهة. ومن جهة ثانية، كنا نتمنى أن ينص الدستور بشكل واضح عن اللوائح الانتخابية بالخارج ليزول اللبس حول تمثيليتهم في مجلسي النواب والمستشارين لما لها من أهمية، ولأن الأمر يستدعي تعديلا دستوريا، بحيث كان لا بد من التنصيص على هيئة لمغاربة الخارج، إلى جانب المكونات الأخرى بمجلس المستشارين على الخصوص، حتى لو كان ذلك في إطار إصلاح يسير في اتجاه التمثيل الترابي. وفيما يخص التمثيلية بالبرلمان كان من الممكن التنصيص بصراحة على دوائر انتخابية بالخارج ليتيح للمغاربة بالخارج انتخاب نواب يدافعون عن تدبير معقلن وإيجابي لملفهم بالوطن وبالخارج، وهذه خطوة نرتقب تحقيقها في القريب العاجل متى كانت فرصة أخرى لأي تعديل دستوري فنحن ندعو لأن يفتح النقاش مستقبلا حول هذا الأمر بموضوعية كبيرة، بعيدا عن كل انشغالات برلمانية وانتخابية، وأن لا يكون مهووسا بالانعكاس المحتمل لأصوات المغاربة المقيمين بالخارج، على تشكيلة الأغلبية البرلمانية لأن هذا حق من حقوق المواطنة. وأن تتحمل الدولة والأحزاب في تحقيق وتنزيل كل أبعاد هذه المواطنة. ❒ نص مشروع الدستور على أن الدولة ستعمل على الحفاظ على الوشائح الإنسانية ولا سيما الثقافية وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية. أي دلالة لدسترة هذه المعاني وما هي الآليات الكفيلة بتحقيقها؟ ❒❒ لهذا الأمر دلالة قوية فالفصل 16 الذي نص على صيانة الهوية الوطنية والدفاع عنها الشئ الذي يشكل مطلبا أساسيا للمغاربة بالخارج، وخصوصا للأجيال الصاعدة، وهذه الركيزة القانونية يجب أن تترجم في الواقع بسن سياسات عمومية تضع حدا لحالة اللانسجام واللاتناغم التي تتسم بها مجمل المؤسسات المتعددة الأطراف، كمجلس الجالية المغربية بالخارج، والوزارة المكلفة بالجالية المغربية، ووزارة الخارجية، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. فالبرغم من وجود كل هذه الهندسة المؤسساتية إلا أننا لم نتوفر على أجوبة واضحة وملموسة، ولو نسبيا على مستوى الانتظارات الإستراتيجية، خصوصا فيما يتعلق بالرؤية الموحدة والمندمجة، المرسومة الأهداف مثلا لتعليم اللغة العربية والثقافة الإسلامية والمغربية كمطلب أساس وملح للجالية ووسيلة يمكن من خلالها أن تربطها بالوطن الأم، ووسيلة تورث رصيدها من المبادئ والقيم الإسلامية للأجيال الجديدة، ونحن اليوم أمام متطلبات الجيل الرابع من دون أن تعزلهم عن مجتمعهم الذين يعيشون فيه، وينتمون إليه فلا بد من تقييم موضوعي مشترك وأن نكف عن المبادرات الموزعة وغير المنسجمة الأهداف بين المتدخلين. ❒ ما المطلوب في المستقبل مع ما أتاحه مشروع الدستور من الجالية ومن الدالة لتدعيم حضور الجالية في الشأن الوطني كقوة فعلية؟ ❒❒ المطلوب هو إعطاء روح لهذه الفصول عبر تدبير يتسم بالحكامة وتناغم السياسات العمومية دون تداخل وأهداف موحدة. مثلا الفصل 18 يلزم السلطات العمومية باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أوسع مشاركة للمغاربة القاطنين بالخارج في المؤسسات الاستشارية وهيئات الحكامة الجيدة، التي يحدثها الدستور أو القانون. أعتقد أن هذه ضمانة قانونية، فالمفروض اليوم أن تكون لنا دراسات ورؤى منجزة، تطور وتحين حول إدماج وإشراك المغاربة بالخارج وخصوصا الكفاءات، في كل المؤسسات الاستشارية وهيئات الحكامة، والمفروض أن يكون هذا العمل منجزا من طرف مجلس الجالية، لكن الحال يقول أنه لم يقدم ولأزيد من ثلاث سنوات أي خارطة طريق لتدبير عقلاني وشمولي لملف الجالية، رغم ما يُخصص له من ميزانيات مهمة، ومن ذلك استفادته من حوالي 45 مليون درهم عام 2008، وحوالي 49 مليون سنتيم عام 2009 وأضيفت له منحة 19مليون درهم ولم يقدم أي رأي استشاري في أي ملف حيوي كان اللهم تقرير يتيم. ثم إن المجلس كان من الفروض اليوم أن يكون قد بلور رأيا استشاريا في منهجية اشتغاله، لكي يصبح مجلسا منتخبا أعضاؤه بطريقة ديمقراطية، ونحن نبني لمغربا جديد وقوي بمواطنيه بالداخل والخارج بدستور جديد، تثميننا-كمغاربة قاطنين بالخارج- بالمواد التي أفردها مشروع الدستور الجديد لمغاربة العالم، يعادله التدبير المعقلن والشمولي الذي تحكمه المتغيرات الديموغرافية والسوسيوثقافية التي تعرفها هذه الفئة لاستدراك النقص الحاصل في مواكبة الملفات الإستراتيجية لهؤلاء المواطنين، وبالتالي اليوم يجب أن نطرح سؤال المنهجية والحكامة. ❒ من جملة المطالب التي طالب بها مغاربة العالم هو تخصيص كوطة تمثيلية في مجلسي النواب والمستشارين في نظركم لماذا لم يتم الإستجابة لهذا المطلب؟ ❒❒ أعتقد أن هذا حل جزئي ومرحلي وأن النقاش يجب أن ينصب حول التمثيلية بالاقتراع المباشر بالخارج بتمكين الأجيال الجديدة من حق التصويت والترشيح، وتمكين المغاربة المهاجرين بتمثيلهم بمجلس النواب، وكذا إحداث دوائر تشريعية بالخارج لتحقيق ممارسة فعلية للمواطنة الكاملة بالخارج، فضلا عن الدور الذي يمكن أن تلعبه في خلق جسور مؤسساتية للتقارب والتعاون بين أفراد جاليات هذه البلدان وتطوير الاستفادة من الموارد البشرية، خصوصا من الأجيال الصاعدة التي يمكن للمغرب الاستفادة منها، فهي تسمح للمهاجر أن يكون فاعلا سياسيا ببلده يؤثر إيجابا في الحياة السياسية ببلده الأصل، لأن هناك تجارب أضحت نموذجا بالنسبة للدول التي تبحث عن تمثيلية أبنائها في المهجر داخل مؤسساتها الوطنية، كما هو الحال بدول متقدمة قريبة منا، والتي استطاعت أن تبتكر نماذج وأن تساهم في تدبير جيد لملف الهجرة، كالنموذج الإيطالي والإسباني وكذا النموذج البرتغالي، والتي من شأن المغرب أن يستفيد منها خصوصا وأن هذه النماذج أعطت مفهوما متجددا للمواطنة السياسية بالخارج والتي ترتبط بالمواطن حقوقا وواجبات حيثما أقام بالداخل والخارج. ❒ بخصوص الدبلوماسية الموازية والشعبية كيف يمكن للجالية استثمار ما تم التنصيص عليه لتفعليها خدمة للقضايا الكبرى للوطن؟ ❒❒ يجب أولا أن تكون للدولة المغربية إستراتيجية واضحة، في استثمار سفرائها غير الرسميين بالخارج في ملف القضية الوطنية، عبر التحسيس والتكوين حسب أهداف كل مرحلة، والتوفر على مونوغرافيا كفاءاتها بالخارج والهيئات، خاصة الحقوقية الموجودة بها، للاشتغال بمهنية وبالأساليب الحديثة (اللوبينغ). **** فصول مشروع الدستور بخصوص الجالية المغربية بالخارج ● الفصل 15 للمواطنين والمواطنات الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق. ● الفصل 16 تعمل المملكة المغربية على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والمواطنات المغاربة المقيمين في الخارج، في إطار احترام القانون الدولي، والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال.كما تحرص على الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم، ولاسيما الثقافية منها، وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية. تسهر الدولة على تقوية مساهمتهم في تنمية وطنهم المغرب، وكذا على تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع حكومات ومجتمعات البلدان المقيمين بها، أو التي يعتبرون من مواطنيها. ● الفصل 17 يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات.ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية،المحلية والجهوية والوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة. ● الفصل 18 تعمل السلطات العمومية على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج، في المؤسسات الاستشارية،وهيئات الحكامة الجيدة، التي يحدثها الدستور أو القانون. ● الفصل 30 لكل مواطن أو مواطنة، الحق في التصويت، وفي الترشح للانتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية، والتمتع بالحقوق المدنية والسياسية. وينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية.التصويت حق شخصي وواجب وطني. يتمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين والمواطنات المغاربة، وفقا للقانون. ويمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية، بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل. يحدد القانون شروط تسليم الأشخاص المتابعين أو المدانين لدول أجنبية، وكذا شروط منح حق اللجوء. **** مقترحات هيئة مغاربة الخارج عرفت هيئة مغاربة الخارج منذ تأسيسها يوم 21 مارس 2011 انضمام العشرات من الكوادر المغربية القاطنة بالخارج، لتشكل بذلك أكبر هيئة شعبية لمغاربة الخارج بهدف الدفاع عن حقهم المشروع في المشاركة السياسية في بلدهم الأصل وإبداء رأيهم حول التغييرات الذي يجب إدخالها على الدستور المغربي الحالي كمدخل أساسي للاستجابة للمطالب الشعبية. كما أعلنت الهيئة أنها بصدد تشكيل لجنة تأسيسية لإنشاء «الهيئة العالمية لمغاربة الخارج» حتى تكون مؤسسة شعبية عالمية للدفاع عن مصالح المغتربين المغاربة بكل أقطار المعمور، نظرا للهوة الشاسعة بين عمل المؤسسات الرسمية (وزارة الخارجية، وزارة الجالية، مجلس الجالية، مؤسسة الحسن الثاني...) والهموم والتطلعات الحقيقية للمغتربين المغاربة. وفيما يلي أهم النقط التي جاءت بها مذكرة الهيئة بشأن التعديلات الدستورية بخصوص ضمان حقوق الجالية المغربية: ✹ قانون ينظم للمغاربة المقيمين بالخارج حق الترشح والتصويت في البرلمان بمجلسيه، والدولة ملزمة بتسهيل ذلك. ✹ الجالية المغربية في الخارج جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي المغربي. ✹ يضمن الدستور حق المشاركة السياسية لمغاربة الخارج في جميع مؤسسات الدولة بما فيها مجلسي النواب والمستشارين. ✹ حق التصويت والانتخاب لتحمل المسؤولية العمومية للجالية المغربية حق مضمون ✹ تعطى نسبة تمثيلية قارة ( الكوطة) لمغاربة الخارج في مجلسي النواب و المستشارين. ✹ تعمل الدولة المغربية على تسهيل عمليات التصويت و الانتخاب في بلدان الإقامة في القنصليات و سفارات المملكة المغربية في الخارج. ✹ يعين وزير الجالية المغربية من الجالية المغربية المقيمة في الخارج. ✹ المجلس الأعلى للجالية المغربية هو مؤسسة عمومية تهتم بشؤون مغاربة العالم الاقتصادية الاجتماعية الثقافية و الإدارية. ✹ قانون ينظم كيفية انتخاب و تمثيلية الجالية المغربية في المجلس الأعلى للجالية. ✹يكفل حق المواطنين المغاربة في الخارج في الاستفادة من وسائل الإعلام العمومي. ✹تكفل الحكومة الحماية الدبلوماسية للمواطنين المغاربة في الخارج. ✹تعمل الحكومة المغربية على إبرام اتفاقيات مع دول المهجر تسمح للمواطنين المغاربة بالتصويت و الترشح في الانتخابات المحلية لهذه البلدان، كما يمكن للأجانب التصويت و الترشح في الانتخابات المحلية في المغرب تكريسا لمبدأ المعاملة بالمثل. ✹ ضرورة تدخل القوات المسلحة الملكية لحماية المغتربين المغاربة في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة في إطار احترام العهود والمواثيق الدولية. *** حقوق الجالية المغربية بالخارج في مشروع دستور 2011 في مقارنة بسيطة لوضعية حقوق الجالية المغربية في الخارج بين ما تضمنه مشروع دستور 2011، المعروض على الاستفتاء في الأول من شهر يوليوز القادم، وما كان عليه الحال في دستور 1996 يتضح بجلاء الفرق الكبير بين المشروع الجديد والدستور الحالي، فمع المشروع الجديد حضيت الجالية المغربية بجملة من الحقوق نصت عليها الفصول أربعة فصول هي الفصل 16 و17 و18 و 30 من المشروع الجديد على عكس الدستور الحالي الذي لم ترد فيه كلمة «جالية» ولا مرة. ويمكننا أن نسجل أن أبرز النقاط التي تطرق لها المشروع الجديد، هي تلك المتعلق بحرص الدولة المغربية على الحفاظ على الوشائج الإنسانية لجاليتها في دول المهجر، ولاسيما الثقافية منها، حيث أنها ستعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية وهو ما أشار إليه الفصل 16 من مشروع الدستور الجديد بالقول «تعمل المملكة المغربية على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والمواطنات المغاربة المقيمين في الخارج، في إطار احترام القانون الدولي، والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال.كما تحرص على الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم، ولاسيما الثقافية منها، وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية.» إضافة إلى هذا «تسهر الدولة على تقوية مساهمتهم في تنمية وطنهم المغرب، وكذا على تمتين أواصر الصداقة والتعاون مع حكومات ومجتمعات البلدان المقيمين بها، أو التي يعتبرون من مواطنيها». جاء هذا التنصيص الدستوري وغيره نتيجة للملاحظات الكثيرة التي سجلها عدد من المراقبين حول إقصاء كتلة بشرية مهمة تساهم بشكل كبير في الرفع من نمو الإقتصاد المغربي من حقوق دستورية تخول لها الحق في صناعة قرار الوطن الذي تعد جزء لا يتجزا منه، هذا من جهة ومن جهة ثانية فقد أبرزت هيئة مغاربة الخارج في مذكرتها التي رفعت للجنة المكلفة بتعديل الدستور، عدد من النقاط اعتبرتها إقصاءا للجالية حيث أكدت من خلالها الهيئة المذكورة أن الجالية المغربية بالخارج تعيش ما أسمته «وضعا شاذا» في علاقتها بمفهوم المواطنة، حيث بنيت السياسات الحكومية المتعاقبة في علاقاتها بالمواطنين في الخارج على أساس اقتصادي محض، تستحضر فيه الالتزامات في حين تغيب فيه حقوق المهاجرين السياسية داخل بلدهم، وهكذا بلغت تحويلات مغاربة الخارج خلال الأثمان سنوات الأخيرة رقما إجماليا يقدر ب 307.12 مليار درهم، وسجلت هذه العائدات ارتفاعا سنويا بمعدل 38.39 مليار درهم حسب المذكرة. وأكدت نفس المذكرة أن هذه الأرقام تبرز أهمية الجالية المغربية في الاقتصاد الوطني كرافد مهم وأساسي للعملة الصعبة. وفي المقابل تضيف المذكرة «لا تجد هذه الفئة من أبناء الشعب المغربي إلا الحيف والظلم والتهميش من قبل الدولة منذ استقلال المغرب إلى الآن». وفيما يخص المشاركة السياسية وصنع القرار في بلادنا، أوضحت المذكرة أن مغاربة العالم يشكلون خمسة ملايين مهاجر بمعدل 12.5 بالمائة من مجموع السكان، مما أصبح معه «يقينا أننا نشكل رقما مهما في المعادلة السياسية في المغرب ولا يمكن تجاهلنا بأي حال من الأحوال». وبهذا الخصوص ركز الفصل 17 من مسودة الدستور الجديد أنه «يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات.ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية،المحلية والجهوية والوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة». مع التأكيد في الفصل 18 أن السلطات العمومية تعمل على ضمان أوسع مشاركة ممكنة للمغاربة المقيمين في الخارج، في المؤسسات الاستشارية،وهيئات الحكامة الجيدة. وبخصوص الأجانب المقيمين بالمغرب فقد عزز مشروع الدستور في الفصل 30 منه دوره هذه الجاليات حيث نص على أنه «يتمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين والمواطنات المغاربة، وفقا للقانون. مؤكدا أنه «يمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية، بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل وفق شروط تسليم الأشخاص المتابعين أو المدانين لدول أجنبية، وكذا شروط منح حق اللجوء التي يحدد القانون.