السلام عليكم ورحمة الله ، وبعد أتمنى من الله أن تجدك رسالتي هذه في أحسن الظروف ، والأحوال وفي صحة جيدة ، وعمل متواصل بجد ونشاط ،ومداواة أفئدة مرضاك بحسن الاستماع لهم ،واصفا لهم الأدوية اللازمة حتى يصحوا ، وبحسن استقبالك لهم، وابتسامتك في وجوههم، سيفتحون لك قلوبهم وسيخبرونك بالعلل التي يشتكون منها الظاهرة والباطنة ، وسيهل لك ذلك التشخيص الجيد للأمراض التي يعانون منها ، ولا تخال أن السعادة التي تدخلها عليهم مسألة سهلة بل كبيرة جدا لأنهم سيثنون عليك في غيابك ، ويدعون معك غيبا ، وحسن تواصلك معهم ، وخفض الجناح لهم ، وتواضعك ، وسعة صدرك ، واستيعابك لمعاناتهم سيحبونك أكثر ، وحتى تمارس مهامك عزيزي الطبيب جيدا ، فاستغل أوقات فراغك ، في الاطلاع على مستجدات تخصصك ،والتواصل مع أساتذتك ، وقراءة تخصصك جيدا ، وإتقانه على أعلى مستوى ،تنظيم عيادتك ، والحرص على حسن معاملة المرضى من طرف مساعدتك ، وعدم التكشير في وجوههم ، ومعالجة بعض المرضى الفقراء مجانا سيكون صدقة عليك ،وبركة في عملك .. أخي الطبيب المسلم : رأسمالك رأفتك بمرضاك ، وعدم إفشاؤك أسرارهم لأي كان لأن ذلك من قسمك أثناء تخرجك ، كما أن موضوعيتك في عملك ، وحيادك، وعدم انصياعك لمن يدفع أكثر، والتعامل مع جميع مرضاك سواسية بدون تفضيل الأكثر غنى وعطاء على الأقل كل ذلك سيزيد من مصداقيتك ، وبالتالي إقبال الناس عليك..الطبيب الذي يدين بالإسلام يزرع الثقة في النفوس، ويربط الناس بالالتجاء إلى الله ،ويخبرهم أنه هو سبب فقط، والشافي المعافي هو الله ،ويزرع البسمة والأمل في قلوبهم ، ويخبرهم بحاله قبل مقاله ، أنه عالي الهمة ، وليس مادي محض ..و أنه يمارس مهامه بإخلاص ، و إتقان ، ويتمنى لهم الشفاء .. أخي الطبيب المسلم : درست كثيرا ، وحفظت كثيرا ، ووجدت مشاق كثيرة في طريقك إلى الحصول على عملك ، وهذا كلف منك الكثير من الجهد، والاجتهاد ،والسهر، والإعداد ، لكن جهدك لم يذهب سدى، و أنت في مصاف الوظائف التي يقدرها مجتمعك ، لأنك من خلص نخبته التي يؤخذ برأيها ،وحتى تنال رضا مرضاك على الأقل فلا تغلق عيادتك دونهم ،أو لا تبادر الى معالجة من التجأ إليك لشيء ألم به ، أو تشعره أنك لا تريد نجدته لأن ذلك سيعرضك للمساءلة القانونية ، لان ذلك ليس من الإنسانية في شيء ،والطبيب الذي يعشق المال ، ويتحول إلى مستثمر ، ويهوى أن يدور في فلك الأثرياء والمترفين لينمي ثروته ، يبدو أنه جانب الصواب ، لأن تلويثه لشخصيته بالأطماع ، وحرصه على الحساب الدقيق مع مرضاه ، ويعرض عن الفقراء لأنه أصبح من طبقة الأغنياء، وللأسف أغلب هؤلاء الأغنياء محدودي الثقافة .. فصن نفسك ، واعرض عن كل من يريد شراء ضميرك ، وكن نعم الرجل الذي يحافظ على دينه ، وصلاته ، ونقاء معدنه ، والذي لم يتغير جراء اغتنائه ، وإلا فالأطباء ما أكثرهم ، ولكن المميزين والرساليين فقلة.. الطبيب الرسالي والداعية يقوم بواجباته قبل السؤال عن حقوقه ، ويكون رحمة على مرضاه، وعلى مجتمعه، ويعرف بالاستقامة،والنزاهة ، ومناصرته للفضيلة ، ويكون قلبه ينبض بحب الله لأنه رأى في دراسته آيات الله في خلق الإنسان وفي دقة صنع هذا الإنسان ، وما عليه إلا أن يذعن لعظمة الله ، وحكمته ، وخبرته ، لأنه الخالق الذي أبدع تصوير هذا الإنسان وهو في بطن أمه وختاما لا تنسى أن خطأ واحد منك قد يقتل إنسانا ، فكن متأنيا في تشخيص حالة المريض ، وأدخل السرور على مرضاك بجعلهم يستقرون نفسيا بعد رؤيتك ، حتى يطمئنوا ويرتاحون لك ، واحتسب أعمالك واربطها بالآخرة واجعلها لوجه الله إضافة إلى أجرك الدنيوي، وستعد كلما أسعدت الآخرين و أدخلت البهجة على قلوبهم ، وأريد أن أزف اليك بشرى وهي من العبادات المنسية وهي: ** إدخال السرور على قلوب المسلمين ** دامت لك الصحة والعافية ، و أسعدك الله بقدر إسعادك للمسلمين و أبنائهم وكل إنسان ضرير ، يا طبيب .