نساء وحّدهن الألم، بمجرد ما أن تلقين الخبر الفاجعة بوجود ورم يفتك بأجسادهن الضعيفة، سواء في الثدي أو الرحم حتى أحسسن باقتراب النهاية، كل ما يعرفنه أنهن أصبن بمرض لا شفاء منه، وأن مصير غالبيتهن الموت، حيث تتضاءل في أعينهن آمال الشفاء بشكل يومي خاصة مع ألم العلاج بالكيماوي، تؤمن الواحدة منهن بأنه يلزمها معجزة إلهية لتعود صحتها إلى سابق عهدها وتقوم بواجباتها تجاه أسرتها، خاصة مع ضيق ذات اليد وضعف قدرتهن المادية. نساء وآلام أجمعت جل المستجوبات من قبل «المساء» حين سؤالهن عن معاناتهن مع العلاج بالكيماوي على معاناتهن النفسية مع المرض بمجرد سماعهن خبر إصابتهن إما بظهور ورم أو عن طريق الصدفة، حيث أحست كل منهن بأن حياتها انتهت وأن ساعة الموت اقتربت لا محال. حكت جلهن، بعد تجاوزهن للقليل من محنهن النفسية ومواكبة العلاج الكيماوي، بأنهن يعانين من تأثيرات عديدة، على رأسها تغير الذوق كما حدث لنعيمة وليلى التي أصيبت بسرطان بعنق الرحم منذ ثمانية شهور وتخضع للعلاج الكيماوي والأشعة، والذي لم تكتشفه إلا بعد زيارتها لطبيب بعد آلام بالرحم لم تجد معها الأدوية التي جعلتها تتنقل بين الأطباء. تضيف نعيمة «حين قيامي بجلسات العلاج الكيماوي التي أخضع لها مرتين كل أسبوع بينما الأشعة فيوميا، أحس فورا بتغير في حاسة الذوق لذلك نصحني الطبيب بضرورة التخلي عن الملعقة المعدنية واستبدالها بالخشبية أو البلاستيك وكذا الطبخ في إناء من الفخار. أما خدوج فرنيس، ذات الخمسين سنة فأصيبت بسرطان الثدي منذ أربعة شهور، تصف معاناتها بالقاهرة، حيث استأصلت ثديها اليسرى وتخضع للعلاج الكيميائي في عيادة خاصة، مضيفة أنها «ذهبت إلى مركز بالرباط ورفض استقبالي كوني أتابع العلاج مع أخصائي في القطاع الخاص، مما جعلني أستجدي ذوي الأريحية لمساعدتي، إذ بالرغم من توفري على التغطية الصحية إلا أنني أم لأربعة أبناء ولا معيل لهم غيري . وتضيف «مباشرة بعد خضوعي للعلاج بالكيماوي أصاب بدوار وأبدأ في التقيؤ فنصحني الطبيب بضرورة الأكل ساعتين قبل العلاج وتجنب الأطعمة الساخنة».نساء أخريات أكدن إصابتهن بآلام أثناء الحصص وكذا الإرهاق ومشاكل في الجهاز الهضمي والإمساك. وأشارت ثريا علواني، التي تخضع لجلسات العلاج الكيميائي، إلى أن طبيبها ينصحها بتغذية جيدة لكن ضيق ذات اليد تجعلها «تقضي باللي كان»، تقول ثورية: «أنا من القنيطرة وأتنقل إلى الرباط للاستفادة من جلسات العلاج الكيميائي، حيث اكتشفت المرض بالصدفة بعد زيارة لطبيبة الأمراض النسائية، طلبت مني بعض الفحوصات، التي ساعدني على جمع مقابلها المادي (2500 درهم) الأهل والأصدقاء. وأسافر إلى الرباط لأخضع للعلاج. وتقول ثورية «انتقلت من مدينة القنيطرة إلى الرباط حيث أقطن بجمعية تقع بالقرب من مستشفى مولاي عبد الله مقابل 30 درهما يوميا متضمنة الوجبات الثلاث التي لا يجب أن تتضمن اللحوم الحمراء ولا البيضاء، مما يضطرني في كثير من الأحيان لاقتناء حاجتي من الأكل حسب ما تشتهيه نفسي. وتوضح ثورية قائلة «أحمد الله أني أتوفر على التغطية الصحية التي أدت عني ما قدره 8 ملايين ولولاها لضاع أبنائي الخمسة» وعن الآثار التي تعاني منها قالت بعد كل جلسة كيماوي، أحس ب»زغللة» في عيني ولا أستطيع بذل مجهود كبير. أسر المرضى تمتد معاناة مرض السرطان من المريض إلى الأسرة والعائلة، والتي تبدأ من تلقيها خبر الإصابة إلى مختلف التحاليل وكذا العلاج التي تتطلب جهدا إضافيا حيث يسود القلق من نتائج الفحوصات والإقامة في المستشفى وكذا التكلفة العلاجية إلى جانب الرعاية الخاصة التي يحتاجها المريض بالسرطان، الذي يصبح يشبه الطفل الصغير في طباعه، وتتأثر نفسيته تتأثر بكل شيء مما يستوجب، سواء على الطبيب المعالج وكذلك أقرباء المصاب، الوقوف مع المريض ودعمه نفسيا وتذكيره بالله وبالصبر وعدم اليأس والقنوط وفتح باب الأمل له في العلاج قدر المستطاع . إحصائيات وأرقام يسجل المغرب سنويا ما بين 35 ألفا و50 ألف مصاب جديد بالسرطان، حسب تقديرات الدراسة الميدانية الأولى في المغرب حول مرض السرطان، التي أنجزتها «جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان»، تبعا للمعطيات التي يوفرها سجل داء السرطان الخاص بجهة الدارالبيضاء الكبرى، حيث يصل معدل انتشار الداء ما بين 100 و180 حالة في كل 100 ألف نسمة. ويعتبر السرطان من أهم أسباب الوفاة في جميع أرجاء العالم، إذ تسبب في وفاة 7.9 ملايين نسمة، أي نحو 13 في المائة من مجموع الوفيات في عام 2007، بينما تفيد التقديرات بأنها ستبلغ 12 مليون حالة في عام 2030، وهو مرض يشمل مجموعة من الأمراض التي يمكنها أن تصيب كل أجزاء الجسم. ومن أخطر أنواعه تلك التي تصيب الثدي والرحم والرئة والبروستاتا والمعدة والكبد والقولون، إلا أنها أمراض أضحى في الإمكان مقاومتها، بواسطة العلاجات حديثة الابتكار، وبفعل تطور الأجهزة الطبية، شريطة التشخيص المبكر للداء، والخضوع للعلاج المناسب لكل حالة على يد طبيب خبير، وذي تجربة في المجال. مبادرة إنسانية قرر روبرت هاورز، مصور فوتوغرافى أمريكى أن يوثق معاناة مريضات بالسرطان خلال جلسات الكيماوي وما ينتج عنها من تساقط للشعر وآلامهن ومعاناتهن خلال هذه الجلسات، من خلال مجموعة من الصور الفوتوغرافية تحت اسم «معاناة الكيماوى». وبحسب جريدة «دايلى ميل» البريطانية فإن روبرت هاورز بدأ في مشروعه لتصوير معاناة الكيماوي منذ عام 2011، إذ التقط صورا لأكثر من 35 حالة من عمر 17 إلى 70 سنة من الرجال والنساء، ولكنه ركز على النساء بشكل أكبر، وقال روبرت إن جلسات الكيماوي تجعل المريض يعبر عن آلامه لأنه لن يستطيع إخفاء مشاعره الحقيقية من الألم والدموع. مشروع روبرت بدأ منذ سنوات بالصدفة، عندما كان يصور سيدة واكتشف وجود آثار جراح في وجهها فقالت له إنها على وشك أن تقوم بعملية «زرع نخاع العظام»، وحينما سألها هل توافق على أن يصور العملية رفضت حينها، وبعد سنوات وافقت على تصويرها بعد جلسات الكيماوي، وكانت الصور بمثابة دعم نفسي للمريضات، وهو ما مثل نقطة تحول كبيرة في طريق شفائهن من المرض، جنباً إلى جنب مع مجموعات الدعم النفسي لهن. فكرة روبرت جاءت مختلفة، حيث حاول تصوير المرأة نفسها بدلاً من أن يصور المرض وهو ما حسن حالتهن النفسية، واختلفت تأثيرات المرض على المريضات حسب قوتهن، فهناك من كانت ترتدي الحجاب لتغطي رأسها بعد أن تساقط شعرها وأخرى كانت تصر على بقاء رأسها دون حجاب، لأن هذه ليست مشكلة بالنسبة إليها ولن تؤثر على جمالها. السرطان.. يحتاج العلاج منه لفريق طبي وعلى وزارة الصحة منع العلاج في العيادات الخاصة والمنازل ما السبب الكامن وراء مضاعفات العلاج من السرطان بالأدوية الكيماوية؟ إن الأدوية المعروفة باسم الكيماوي أو قاتلة الخلايا قوية على خلايا الجسم، تتم عن طريق الأوردة لذلك فهي تستهدف جل أعضاء الجسم بدون استثناء، وغالبا ما تتسبب في آثار جانبية غير مرغوب فيها، فهي تعمل على قتل الخلايا التي تنقسم وحتى بعض الخلايا السليمة، ولكن الآثار الجانبية تختلف من دواء لآخر، وحتى مع نفس الدواء، قد يتفاعل بشكل مختلف من شخص لآخر، بعض المرضى يعانون بشكل أكبر من الآثار الجانبية عن الآخرين الذين يأخذون نفس العلاج. ومن الآثار غير المحبذة بالنسبة إلى الذين يعالجون كيميائيا: – التعب: هو أكثر الآثار الجانبية حدوثاً، حيث يشعر بعض الناس بالتعب الشديد، وقد يحتاج بعضهم إلى الاعتماد على الآخرين للقيام بالمهام الروتينية اليومية. – الغثيان والقيء: من الشائع أن يشعر المريض (بالغثيان) أثناء وبعد كل دورة من العلاج. – التأثير على الدم وجهاز المناعة: يمكن أن يؤثر على نشاط نخاع العظم، وهو المكان الذي تصنع فيه خلايا الدم الحمراء، وأيضا هناك تأثير على خلايا الدم البيضاء وأيضا الصفائح الدموية مما يتسبب في فقر الدم، وقد تحتاج المريضة التي يصبح لون وجهها شاحبا إلى عناية ونقل للدم بسرعة فائقة. وهناك أدوية كيماوية تؤثر على لون البشرة وحتى الأظافر، إلى جانب مشاكل في الهضم، على رأسها الإسهال وهناك من المرضى من يغلق معيه الغليظ نتيجة ارتخائه وتكرار التقيؤ لديه، مما يستوجب المتابعة لدى المركز الذي بدأ فيه العلاج، وليس تغيير الطبيب المعالج كما يفعل الكثير من المرضى الذين يغيرون الطبيب المعالج، فيتوجهون إلى الطبيب الجراح الذي يخضعهم لعملية جراحية في حالة استعجالية بينما هو في الواقع لا يحتاج لذلك، لأن الارتخاء ناتج عن الأدوية. إذن مريض السرطان يحتاج عناية وفريق أطباء ماذا عن الذين يخضعون للعلاج في البيت أو العيادات الخاصة؟ نعم، مريض السرطان يحتاج إلى عناية مركزة وفريق أطباء من مختلف الاختصاصات، وهذا ما يتوفر لدينا في مركز الأزهر، حيث يرافق الأخصائي في العلاج الكيميائي أخصائي الإنعاش والقلب، لأن هناك أدوية من شأنها التأثير على القلب مباشرة، على سبيل المثال لا الحصر: هناك أدوية تعالج بها المريضة بسرطان الثدي كل 21 يوما ولها تأثير مباشر على القلب ودقاته، ألا يستدعي ذلك وجود أخصائي لإنقاذها من موت محقق في حال ظهور أي مضاعفات؟ فلا يعقل ألا يتوفر مركز لعلاج السرطان على فريق طبي من مختلف التخصصات، لذلك أوجه ندائي لوزارة الصحة بضرورة منع العلاج بالمواد الكيماوية في المنازل وفي العيادات، وهي موجودة بالرغم من أن القانون المغربي يمنعها. لأن في الأمر خطورة كبيرة على حياة المريض. ماهي الخطوات العلاجية التي تقومون بها قبل البدء في العلاج بالجلسات بالكيماوي. نقوم قبل أن نخضع المريض للعلاج الكيماوي بتحاليل على مستوى الدم وتتكرر كل 15 إلى 21 يوما حتى إن بعضهم يظن أننا «دايرين اليد مع المختبر» بينما الأمر من مستلزمات العلاج وكذا فحص للقلب كل ثلاثة أشهر. وأشير إلى أن هناك أكثر من أربعة علاجات نعتمدها لعلاج مرضى السرطان: العلاج بالجراحة، الأشعة، المواد الكيماوية والهرمونات، وهناك دواء جديد وهو ما يعرف ب»الدواء الموجه لمكان المرض» وأشير إلى أن العلاج يتغير من مريض لآخر والطبيب المعالج هو من لديه صلاحية وصف العلاج المناسب لكل حالة على حدة وتبعا للمراحل التي يكون فيها السرطان، إذ يختلف الأمر في العلاج بين المرحلة الأولى والثانية والأخيرة، وأيضا التكلفة التي ترتفع كلما تأخر المرض مما يزيد في معاناة من ليس لديهم تغطية صحية، وخاصة من يعملون في القطاعات غير المهيكلة مما يجعلنا عاجزين عن علاج ما يزيد عن 7 ملايين من المغاربة، لذلك يجب عليهم التأمين على أنفسهم، الأطباء «نداوويهم فابور» والآخرين؟ لابد من التأمين والتشخيص المبكر لأن التكلفة تكون أقل بكثير مقارنة بالحالات المتأخرة وكذا في حالة الإصابة بسرطان الرئة الذي يستلزم العلاج منه الأشعة والكيماوي والجراحة.