كشف المصطفى الرميد، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مواقفه بخصوص الأوضاع التي يعيشها حزبه في ظل التقاطب الحاد الذي عرفه المؤتمر الوطني الأخير، داعيا كل أعضاء حزبه إلى تجاوز ما حدث والانكباب على أوليات المرحلة، وفق تعبيره. وأبرز الرميد في حلقة جديدة من برنامج "حوار في العمق"، الوضع الحقوقي بالبلد في ظل الاحتجاجات التي شهدتها بعض المناطق (الريف والزاكورة…)، مشيدا بأداء حكومة العثماني التي توقع أن "ستسجل نفسها ضمن الموقعين على الدفتر الذهبي للإصلاحات العميقة والشاملة للمغرب". العثماني لم يقصي معارضيه القيادي الإسلامي سرد سلسلة الأحداث والتطورات التي شهدها حزب المصباح منذ إعفاء أمينه العام السابق عبد الإله ابن كيران من رئاسة الحكومة، خاصة بعد بروز "مواقف أظهر الحزب وكأنه تخلى عن خطه الممانع عن استقلاله وبعض مبادئه وقيمه"، مشيرا إلى أن "المؤتمر عرف تقاطبا ونقاشا حادا ترجمته نتيجة انتخاب العثماني ب51 في المائة من الأصوات، وهو ما كشف مستوى الديمقراطية المتقدمة في الحزب". وزير الدولة اعتبر أن العثماني لم يقصي الرأي الآخر في تركيبة الأمانة العامة للحزب، قائلا: "العثماني كان مهموما بإشراك الرأي الآخر، والذي كان منتظرا هو أن يكون ابن كيران رئيسا للمجلس الوطني فيما كان الأزمي مرشحا في لائحة العثماني للأمانة العامة، إضافة إلى الخلفي المعروف بمواقفه في هذا الصدد، والعربي وشيخي والرحموني ومفيدي، وبالتالي هي لائحة اكتملت باحترام القانون واحترام رأي تم التعبير عنه داخل الحزب". وأوضح المتحدث أن "العثماني لم يكن يريد لنفسه منصب الأمين العام، فهو ليس في حاجة لهذا المنصب من منظور شخصي لأنه رئيس حكومة، وفي العادة الناس يجعلون من المسؤولية الحزبية سلما للارتقاء في المسؤولية السياسية الكبرى في البلاد، بل كان في حاجة ليصبح أمينا عاما من أجل دعم موقعه الحكومي، وبالتالي هو تحدث في المؤتمر بلغة السياسة وليس بلغة طلب منصب أو مسؤولية". وتابع قوله: "كنت أؤكد أنه على العثماني تقديم استقالته من رئاسة الحكومة إن لم يتم التصويت عليه في رئاسة الحزب، لأنه ليس معقولا شخص من مستوى رئيس الحكومة، إخوانه هم من اقترحوه في المجلس الوطني ليكون أمينا عاما، ويأتي المؤتمرون ويصوتوا على غيره، هذا يعتبر نزعا للثقة حتى وإن كان تحت أي عنوان، وبالتالي لا يستحق أن يكون رئيسا للحكومة". "حكومة تخدم البلد" وفي الشأن الحكومي، اعتبر الرميد أن حكومة العثماني بمعطياتها وسياقها "ستقوم بخدمة البلاد والإجابة عن كثير من الأسئلة وتحقيق الكثير من الإنجازات، مما سيقطع كل ألسنة التشكيك في قدرة الحكومة على الإنجاز"، مشيرا إلى أن مقارنة حكومة العثماني لا يجب أن تكون مع حكومة ابن كيران الأولى في 2012، بل مع حكومة 2013. وأردف بالقول: "الإنصاف يقتضي مقارنة حكومة العثماني مع حكومة بنكيران في 2013، لنلاحظ أن هذه الحكومة إن لم تزد على حكومة 2013 في مستويات مختلفة، فإنها لم تنقصها في شيء، وبالتالي الحديث عن التراجع هو الذي وقع في 2013 وليس 2012 أو 2017". وأشار إلى أنه "يكفي القول بأنه لأول مرة نجلس في حكومة ونحدد أولوياتنا بصفاتنا السياسية، خلافا للمراحل السابقة التي كانت الإدارة هي من تعد قانون المالية في الغالب دون تحديد مسبق للأولويات، هذه المرة جلسنا وحددها أولوية التعليم والصحة والشغل وإصلاح الإدارة ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة والاستثمار والحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية والاهتمام بالعالم القروي". وتابع قوله: "هذه قرارات سياسية اتخذتها الحكومة عن وعي وبطريقة إرادية، وناقشنا قانون المالية بناءً على هذه الأوليات وصادقنا عليه في الحكومة باعتباره ترجمة لهذه الأولويات، حيث زادت ميزانية التعليم ب 9 في المائة وحققت ميزانية الصحة رقما قياسيا بزيادة 3 في المائة، ثم التشغيل الذي حدد 40 ألف بين منصب مالي ومناسب التعاقد في التعليم". الوزير وصف هذه الخطوات بأنها "إصلاحات عميقة وكبيرة قيد الإنجاز، ورغم أن الحكومة لم يمر على تشكيلها أقل من 10 أشهر، أخذت تبصم على إنجازات هامة، حيث سيصدر قريبا تقرير "ميزانية المواطن" الذي يعكس حجم المنجزات على كافة المستويات، والحكومة سيكون لها دور كبير في إصلاحات عميقة وستسجل نفسها ضمن الموقعين على الدفتر الذهبي للإصلاحات العميقة والشاملة للمغرب". الوضع الحقوقي.. تطورات ومشاكل الوضع الحقوقي بالبلد وصفه الرميد بأنه في تطور مضطرد منذ سنوات، مستدركا بالقول: "لكنه تطور لا يخلو من مشوشات ومشاكل واضطرابات، وما وقع في الحسيمة وزاكورة هي اضطرابات يمكن أن تشوش على الوضع الحقوقي، لكن لا يمكن الاستناد عليها للقول إن هناك تراجعات"، وفق تعبيره. الوزير المكلف بحقوق الإنسان، هاجم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، معتبرا أن خطابها دائما اتسم بالحدة ونوع من المقاربة السوداوية، "لكن ذلك لا يعني أن تقاريرها لا تخلوا من حقائق فهي جمعية مهمة وعندها كثير من المقومات، لكن فيها كثير من المبالغات والمزايدات والأخطاء، ويكفي أن الجمعية لم يسبق لها أبدا إصدار تقرير واحد فيه إنصاف حقيقي للوضعية الحقوقية بالمغرب". وأضاف: "الذين يقولون بوجود تراجعات لم يسبق أن قالوا أن هناك تقدمات، فهناك مكاسب عديدة لحقوق الإنسان، وبالطبع أنا لا أنفي وجود مشاكل، لكن هذا شيء طبيعي ومهمتي ومهمة كل الفاعلين هي التصدي لهذه المشاكل، فالوضعية الحقوقية فيها تطور وفيها مشاكل، وعلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان النظر إلى الجانب المملوء والفارغ من الكأس معا".