تصاعدت في مصر النداءات الداعية للاحتشاد في الشوارع والميادين، يوم 11 نونببر المقبل، للاحتجاج على تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، تحت اسم "ثورة الغلابة"، وذلك بعد حادثين أثارا الكثير من الجدل، إثر قيام شاب بحرق نفسه أمس السبت بالإسكندرية، وذلك بعد 48 ساعة من أزمة سائق التوك توك الذي أثر في ملايين المصريين عند حديثه عن تردّي أوضاع مصر السياسية والاقتصادية، وهو ما أثار موجة تضامن واسعة وزاد من صرخات الاحتجاج ضد النظام الانقلابي في البلاد بسبب ارتفاع الأسعار. وفي المقابل، أكدت سلطات الانقلاب، استعدادها مبكرا للتصدي لهذه التظاهرات المتوقعة، عبر تشديد قبضتها الأمنية واتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة أي تحركات في الشارع. وكانت حركة غير معروفة تطلق على نفسها اسم "حركة غلابة"؛ قد أطلقت دعوة للتظاهر يوم 11 نونبر للتنديد بارتفاع الأسعار تحت شعار "ثورة الغلابة". وأكدت الحركة في بيان أن الأسعار في مصر اشتعلت بطريقة جنونية، تفوق قدرة الفقراء على العيش. القمع مبكرا قبل الخروج عن السيطرة وأورد موقع "عربي 21" في لندن نقلا عن مصادر أمنية مصرية، إن وزارة الداخلية وضعت خطة شاملة لمواجهة دعوات التظاهر، وإجهاضها مبكرا وعدم إعطاء فرصة لتجمع المتظاهرين فى الشوارع أو الميادين، عبر مواجهة أية تحركات بسرعة وحزم خوفا من خروج الأمور عن السيطرة. وأوضحت المصادر أن الداخلية بدأت في اتخاذ إجراءات استثنائية وغير مسبوقة لمواجهة هذا اليوم، حيث تم نقل ضباط وقيادات بارزين إلى الأماكن التي يتوقع أن تشهد تجمعات كبيرة للمتظاهرين، كما تم تغيير أماكن كثير من الضباط خوفا من استهدافهم. وأصدرت الداخلية قبل أيام؛ تعميما على جميع العاملين بالوزارة، بما في ذلك الموظفون المدنيون والإداريون، ينص على تكليفهم بأدوار أمنية في ذلك اليوم للتصدي للمتظاهرين، وتم التأكيد على هؤلاء الموظفين بأنهم سيتم توزيعهم في الشوارع مرتدين ملابس مدنية، وأنه سيتم تسليحهم للدفاع عن أنفسهم أو المنشآت الحيوية، أو حتى تفريق المتظاهرين إذا استلزم الأمر. وأكدت المصادر أن حالة استنفار قصوى تم إعلانها في وزارة الداخلية مطلع الشهر الجاري، كما تم إلغاء إجازات جميع العاملين بالوزارة بلا اسثتناء، مع الاستعانة بقوات إضافية، مشيرة إلى أن تعليمات من الوزارة صدرت بتوسيع دائرة الاشتباه السياسي والجنائي وإلقاء القبض على أي شخص يثير شكوك رجال الأمن لحين التأكد من عدم تهديده للأمن. توالي الأحداث وقال عمار علي حسن، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن هناك العديد من الوقائع التي حدثت خلال الفترة الأخيرة "تهدد شعبية عبد الفتاح السيسي خصوصاً مع عدم قدرته على تحقيق ما وعد به". وأكد حسن في تصريحات لموقع "هافينغتون بوست عربي"، أن "ما شاهدناه في كارثة غرق عبارة رشيد، مع ربطه بما أعلنته السفارة الأميركية عن تسجيل أكثر من 750 ألف شاب مصري في راغبي الهجرة إلى الولاياتالمتحدة خلال 2016، يعكس حجم اليأس الذي أصاب المصريين من الحياة بمصر، وتؤكد أن هناك خللاً كبيراً في المنظومة المجتمعية المصرية نتيجة الممارسات السياسية". وأوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي أن الإقبال الشديد على مشاهدة رابط فيديو "سائق التوك توك"، وما تبعه اليوم من حادث إحراق شاب مصري لنفسه بسبب الظروف المجتمعية التي قد يتم استغلالها لدعم دعوات التظاهر في 11 نونبر المقبل التي دعا إليها نشطاء فيسبوكيون. وتابع: "في ظل الأوضاع الحالية، ومع توتر العلاقات المصرية مع السعودية، وفي ظل الانتقادات الواسعة لأداء جهاز الداخلية، يصبح من المطروح وقوع كافة السيناريوهات بما فيها ثورة مجتمعية، بدأت ملامحها في إرهاصات واضحة للجميع". الاعتقال من المواصلات العامة وتضمنت خطة الداخلية اعتقال أكبر عدد ممكن من الداعين لتلك المظاهرات عن طريق القبض عليهم داخل وسائل النقل العام أو الشوارع والميادين. ورصد موقع "عربي21" خلال الأيام الأخيرة، انتشار الأكمنة الثابتة والمتحركة بكثافة عالية في الشوارع والميادين، كما انتشر في مناطق وسط القاهرة وفي محطات مترو الأنفاق؛ رجال شرطة يرتدون ملابس مدنية، يستوقفون المارة ويفحصون هواتفهم المحمولة لمعرفة ميولهم السياسية. وفي هذا السياق، تم نقل عدد من ضباط وأفراد جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا) للعمل داخل مترو الأنفاق ومحطات السكك الحديدية ومواقف الحافلات، لتطبيق الخطة الأمنية والتوسع في تطبيق الاشتباه السياسي. وكانت الوزارة قد أعلنت في بيان لها الأسبوع الماضي؛ أنه خلال يوم واحد فقط تم توقيف أكثر من ألف مشتبه فيهم بالمواصلات العامة، عن طريق أفراد الشرطة السريين، ثم جرى تحويلهم إلى المقرات الأمنية لفحصهم واتخاذ قرارات بشأنهم. كما أعلنت وزارة الداخلية تكثيف الرقابة على الإنترنت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، لرصد ومتابعة الدعوات للاحتجاج ضد النظام و"استغلال الأزمات الاقتصادية" لتأجيج غضب المواطنين، وقالت إن أكثر من 700 ألف حساب على مواقع التواصل الاجتماعي تدارمن خارج مصر تحرض المصريين على الثورة ضد النظام، وفق قولها. تأييد متزايد وقال موقع "عربي21"، إنه رصد خلال الأيام الماضية تزايد التأييد لهذه الاحتجاجات بين المواطنين في الأماكن العامة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتأكيد العديد من الشباب على المشاركة في تلك الفعاليات. ويقول الداعون لتظاهرات 11 نونبرر إن مصر أصبحت تعاني من أزمة طاحنة بسبب الفساد وارتفاع الأسعار، وفشل النظام في إدارة البلاد، مع اعتماده فقط على القروض الخارجية ورفع الدعم عن الفقراء. وتشهد مصر أزمة اقتصادية حادة، ونقصا في سلع أساسية كالسكر والأرز، مع انخفاض أعداد السياح الأجانب وارتفاع سعر الدولار الأمريكي إلى أكثر من 15 جنيها في السوق السوداء، ما تسبب في ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات. وكان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قد أكد في حوار صحفي، السبت، أن الدعوة للتظاهر ضد حكمه يقف وراءها أهل الشر والمخربون، متوقعا أن تفشل بسبب "وعي الشعب المصري"، كما قال. لكن المراقبين للشأن المصري رصدوا، تفاعلا للمواطنين مع حديث سائق "التوك توك" الذي انتشر بسرعة، وحادث إشعال شاب في الإسكندرية النار في نفسه، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، وانسداد الأفق السياسي والاجتماعي. ولم تعلن أي جهة سياسية معروفة وقوفها وراء الدعوة للتظاهر يوم 11 نونبر، إلا أن جماعة الإخوان المسلمين وعدة حركات سياسية أعلنت تأييدها لها. وقال "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، في بيان له الجمعة، إنه "مع توالي الاستعدادات لهبة شعبية جديدة في 11 نوفمبر المقبل، فإنه يدعو كل المصريين للمشاركة فيها بشكل فعال ومؤثر استعداداً لغضبة ثورة يناير الكبرى". المصادر : عربي 21 / هافينغتون بوست عربي / العمق المغربي بتصرف