تتوالى الخصوصيات المتعلقة بالواقع المغربي سواء سياسيا أو اقتصاديا او اجتماعيا لكن ما يثير الانتباه أكثر في الآونة الأخيرة هو استحواذ الجانب السياسي على النقاش الإعلامي سواء من ناحية المقارنة مع الأنظمة والتجارب العربية الأخرى أو من جانب طبيعة الحراك السياسي الداخلي. فمن الحديث حول نجاح خطاب الإصلاح في ظل الاستقرار واستمرار تداعيات الربيع العربي على الواقع المغربي إلى انتشار الحديث حول القطبية السياسية بين حزبين بعينهما لكن المتتبع للأمور عن قرب يلاحظ انه لا يوجد قطبية حزبية وإنما التقاطبالوحيد هو بين حزب العدالة والتنمية والسلطة المتمثلة في الداخلية لتتابع مجموعة من المعطياتفمن غض الطرف على الطريقة التي تحصد بها الأحزاب -التي تصنعها- المقاعد في مختلف الهيئات المنتخبة وصولا إلى التجييش المنظم لأجهزة الداخلية من ولاة وعمال و قياد و مقدمينو الامتناع عن التأشير للميزانيات الخاصة بالجماعات الحضرية المسيرة من طرف حزب العدالة و التنمية والوقوف في وجه المشاريع السائرة في طريق الإنجاز بدعوى ان تلك الخدمات تدخل في الحملة الانتخابية لهذا الحزب ضاربة عرض الحائط مصلحة المواطن و الوطن اما المقدمين و الشيوخ فالجميع يعلم قصتهم و مساهمتهم الفعالة في الانتخابات الأخيرة. فرغم ظهور النتائج بما لا تشتهي السلطة فإنها لن تغامر بعرقلة أي تحالف حكومي بقيادة العدالة والتنمية مخافة حدوث احتمالين لا ثالث لهما في حالة فشل التحالف الحكومي والإعلان عن إعادة الانتخابات. الأول عزوف المواطنين عن التصويت لفقدانهم الثقة التامة من العملية الانتخابية مما سيفتح الطريق للعدالة والتنمية لاكتساح مجلس النواب نظرا لوجود كتلة انتخابية وفية او زبناء أوفياء كما يحلو للبعض تسميتهم. والثانية مشاركة المواطنين بكثافة والقيام بالتصويت العقابي لصالح العدالة والتنمية انتقاما من السلطة مما يمكنه أيضا من اكتساح مجلس النواب. ومما يثير الدهشة ان الأصل في الفاعلين السياسيين الذين يتخندقون إما في الأغلبية او المعارضة ان يكون بينهم نوع من الانسجام والتعاون لكن واقعنا السياسي أفرز حالة غريبة نوعا ما جعلت حزب العدالة والتنمية -الذي في الأصل هو الحزب الحاكم بشرعية الصناديق-يظهر بشكل جلي على انه معارض لسياسات الدولة من خلال تسويقه الجيد لخطاب التحكم والدولة العميقة وان السلطة ليس له منها إلا الاسم و هذا كان له اثرين عميقين الأول إفراغ المعارضة المفترضة لسياساته من محتواها و سقوطها في موقف المتفرج و أحيانا سقوطها – بطريقة مباشرة او غير مباشرة – في حضن التحكم و هذا ما يفسر هزالة حصيلتها الانتخابية. والثاني خلق تعاطف شعبي لحزب العدالة والتنمية الذي نجح في إقناع فئات عريضة من المجتمع بما في ذلك الطبقة المتوسطة وبعض المتضررين من سياساته بخطاب المظلومية الذي ساهم في تكريسه ممارسات بعض الولاة والعمال اتجاه وهو بذلكيقود معركة تجربته بذكاء يضع من خلالها قدم في الحكومة وقدم في المعارضة. باحث في علم الاجتماع السياسي