شكل خطاب ثورة الملك والشعب مناسبة لتأكيد وترسيخ سياسة المغرب الجديدة في قارته الإفريقية. فالمغرب يرغب في تعميق علاقاته الإفريقية من خلال رؤية استراتيجية بعيدة المدى، وذلك لإيمانه بوحدة المصير وبالمستقبل الإفريقي الواعد. وقد أكد الجالس العرش في خطابه على أن السياسة المغربية الإفريقية لا تأتي على حساب التنمية الداخلية، بل وفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق وصيانة المصالح المشتركة من خلال شراكات تضامنيةرابح-رابح. وقد برهن الوفد المغربي في الاجتماع الوزاري الأخير للقمة السابعة لمؤتمر طوكيو لتنمية إفريقيا على قدرة المغرب على خوض معركة دبلوماسية تقوي مكانته كبلد رائد في إفريقيا، قادرعلى الحفاظ على سيادته والدفاع عن وحدته الترابية وكذلك احترام التزاماتهاتجاه شركائه الإفريقيين أو الأجنبيين. ويعتبر انضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لبنة أساسية لتعزيز مكانة المغرب الاستراتيجية في المنطقة. فبمجرد انضمام المغرب للمجموعة سيتصدر المرتبة الاقتصادية الثانية بعد نيجيريا بناتج داخلي خام يناهز 100 مليار دولار، كما سيستفيد المغرب من سوق اقتصادي مهم يعادل 340 مليون مستهلك.وتحتل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المرتبة 20 عالميا بناتج داخلي إجمالي يقدر ب 700 مليار دولار. التحاق المغرب بالمجموعة سيمكنه من تطوير علاقاته التجارية مع بلدان غرب إفريقيا عبر تسعيرة خارجية موحدة للمبادلات التجارية.فالمغرب سينخرط في منظومة إفريقية جهوية جديدة ستمكنه من إنجاز استثمارات استراتيجية مربحة ورافعة للنمو على المدى البعيد. وقد تمكنت السياسة المغربية الجديدة من تعزيز موقع المغرب داخل الاتحاد الإفريقي المكون من أكثر من 50 دولة، ترسيخا للتوجه الاستراتيجي الجديد الهادف إلى تطور الاقتصاد المغربي داخل قارته وعبر مجموعة من المشاريع يكون فيها المغرب رائدا على المستوى الإفريقي كالطاقات المتجددة والفلاحة المستدامة والتحول الرقمي. الشراكات السابقة للمغرب مع دول أوربا لم تمن أحيانا متوازنة ومبنية على اقتصاد تضامني قدر ماهي تحالفات فرضتها ظرفية اقتصادية، عكس الشراكات الإفريقية الراهنة المؤسسة على المعرفة والتعاون قبل الربح المادي. الترتيبات القانونية والتقنية الحالية لانضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقياماهي إلى مرحلة أولية لوضع الخطوط العريضة للتوافق الاقتصادي بين المملكة ودول المجموعة على كل الأصعدة،والدليل على ذلك الزيارة الأخيرة لرئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا للمغرب. التحديات الإفريقية المغربية الجديدة متعددة، أذكر من بينها الاندماج الاقتصادي والسياسة النقدية الموحدة والموقف الدبلوماسي الإيجابي من القضية الوطنية. لكن، المغرب معبئ وعازم على التنزيل السليم لاستراتيجيته قصد تعزيز مكانته السياسية في إفريقياوكذا النهوض بالاقتصاد الوطني عبر خلق فرص شغل جديدة منبثقة من الشراكات التضامنية الإفريقية. * الكاتب العام للمركز المغربي للحكامة والتسيير