الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين والدنيا يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي والمشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي، قائد عسكري وضع أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن في ظل الراية العباسية، اشتهر خلال حياته بمعاركه الضارية مع الفرنجة وغيرهم من أعداء الدولة الإسلامية من الصليبيين والأوروبيين في سبيل استعادة المقدسات التي استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدسهزيمة منكرة في معركة حطين التي تعتبر أشهر الوقائع الحربية التي ظهرت فيها حنكته العسكرية وتمكن فيها من هزيمة الفرنجة وإجلائهم عن أراضي المسلمين. وشهدت حياة القائد صلاح الدين الأيوبي العديد من الفتوحات والانتصارات أبرزها فتح دمشق وفتوحات الشام الداخلية، كما تمكن من توسعة الدولة الإسلامية عبر فتح أطراف من بلاد ما بين النهرين وضم حلب للدولة الإسلامية. كان صلاح الدين الأيوبي قد وضع نصب عينيه هدفين أساسين وهما توحيد المسلمين في ظل الدلة الإسلامية من خلال جمع مصر وسوريا والحجاز وتهامة والعراق في دولة واحدة تحيط ببيت المقدس، أما الهدف الثاني فكان جلاء الصليبيين عن أراضي المسلمين المقدسة في فلسطين وتحرير بيت المقدس من دنس الصليبيين وهذا ما حصل في معركة حطين. في تاريخ 25 ربيع الآخر سنة 583 ه، الموافق فيه 5 يوليو سنة 1187م، نزل الصليبيون قرون حطين، وكان صلاح الدين قد سبقهم إلى هناك وتمركز جيشه في المنطقة العليا منها حيث نبع المياه، وكانت تجهيزات الفرنجة الحربية الثقيلة هي سبب تأخرهم في الوصول، ولمّا وصلوا إلى الموقع كانوا هالكين من العطش لدرجة أنهم شربوا الخمر بدلاً من الماء فسكر منهم الكثير، وهاجموا جيش صلاح الدين فقُتل من الفريقين عدد من الجنود. كان الصليبيون متحمسين في البداية للحصول على الماء فهزموا المسلمين في أول النهار ولكن دارت الدوائر في آخر النهار، فانقض الأيوبيون على الجيش الصليبي ومزقوا صفوفه، واستمرت المعركة ساعات طويلة، وما أن انقشع غبارها حتى تبيّن مدى الكارثة التي لحقت بالصليبيين، فقد خسروا زهرة شباب جنودهم، وقُتل العديد من الفرسان والضبّاط المخضرمين، ووقع ملوك الصليبيين في الأسر فمنهم من قُتل بعد رفضهم الإسلام ومنهم من أُخذ أسيرا، وهكذا انتهى حكم الصليبيين واحتلالهم لبيت المقدس في ذلك الوقت. ذكر بهاء الدين الأصفهاني أنه في شهر أبريل من عام 1191م كانت امرأة من الفرنجة قد سرق منها طفلها الذي يبلغ من العمر ثلاث شهور، وبيع في السوق، فنصحها الفرنجة بالتظلم لصلاح الدين الأيوبي نفسه، فأمر صلاح الدين باستعادة الطفل من ماله الخاص لأمه، وأعادها إلى مخيمها.