تكرر خطف وبيع امرأة 9 مرات خلال مدة 10 سنوات تنقلت فيها ضمن شبكة اتجار بالبشر في الهند لينتهي بها المطاف في بيتها أخيرًا. واختطفت الشابة قبل 10 سنوات حينما كان عمرها 12 عاماً من أمام منزلها لتقع ضحية الاتجار بالبشر في الهند. وتمكنت الفتاة، التي تحفظت على اسمها صحيفة “ذي ميرور” البريطانية لأسباب قانونية، من الرجوع إلى حضن أمها في دلهي الأسبوع الماضي بعد أن قضت 10 سنوات تحلم بالعودة الى المنزل. وكانت الفتاة تلعب أمام منزلها في سيلامبور في دلهي عاصمة الهند عندما أتت سيدة وبدأت تتحدث إليها في ال 2 من يوليو 2006. وتذكر الضحية كل جزء من الفاجعة التي دمرت طفولتها، وتقول إنه تم بيعها في البداية إلى مزارع لقاء 300 يورو: “أول ما أذكره عندما استيقظت من غيبوبتي أنني كنت محبوسة في غرفة مغلقة مع ما يقارب ال 20 طفلة، وفوراً بدأ الهلع يسيطر عليّ وبدأت بالصراخ طلباً للنجدة. لقد كان الجميع يبكي. أذكر أن الرجل الذي جرني إلى السيارة صفعني وطلب مني البقاء هادئة”. وتتابع: “لقد رجوتهم كي يعيدوني إلى المنزل، عندها جاء إليّ رجل وأخذ بيدي وقال لي أإنه سيرسلني إلى المنزل. أذكر أنني ركبت القطار معه معتقدة أنني ذاهبة إلى المنزل حقاً، ولكنه أخذني إلى مزرعته وأجبرني على العمل”. وأجبرت الفتاة التي لم يتجاوز عمرها ال 12 عاماً على العمل في الحقول وحمل أكوام وأكياس من الحبوب على ظهرها إلى الشاحنات طوال النهار، وفي الليل كانت تتعرض للاغتصاب من قبل عدة رجال. وتؤكد: “لقد كنت أتعرض للاغتصاب مراراً وتكراراً كل ليلة. لقد كان العديد من الرجال يتبادلون الأدوار لاغتصابي وكانوا يضربونني إذا حاولت المقاومة. بعضهم كان يغتصبني وهو يحمل سكينا بالقرب من حلقي. لقد أجبروني على العيش في غرفة مظلمة ومغلقة ولم يعطوني إلا وجبة واحدة في اليوم”. وتشير إلى أنها بيعت 9 مرات خلال 3 سنوات حيث أجبرت على العمل نهاراً والتعرض للاغتصاب ليلا. ولم تنته قصتها عند ذلك، فأجبرت عام 2009 عندما كان عمرها 15 عاماً فقط على الزواج من سائق شاحنة يبلغ من العمر 50 عاماً في قرية في بنجاب شمالي الهند. وقالت: “لقد كنت فتاة لم أتجاوز 15 عاماً عندما أرغمت على الزواج من مدمن للكحول ومتعاط للمخدرات في بنجاب. ورزقت منه بطفلين ولكنه مات عام 2011. عندها بدأ أهل زوجي بتعذيبي وضربي وكان شقيق زوجي وأصدقاؤه يغتصبونني أحياناً. وفي النهاية قامت شقيقة زوجي بأخذ أطفالي ليعيشوا معها دون إذني وألقوا بي في الشارع.” ودون أية أموال لتجد نفسها مجبرة على العيش في الشوارع. وتكمل: “لقد كنت تائهة وحاولت إيجاد منزل ولكنني لم أنجح. وجدت بعد ذلك عملاً كعاملة تنظيف ومع أن الوظيفة أمنت لي غرفة صغيرة، لكن المعاش لم يكن كافياً، كنت أطلب المال من الناس في الشارع وأحياناً كنت أنام في الشوارع. أذكر أن رجلا تقدم مني حينها وعرض عليّ عملاً في سيليجوري غرب البنغال ووافقت على الذهاب معه، ولكنه باعني مجدداً لملهى ليلي، وهناك التقيت بفتاة من دلهي وصارحتها بقصتي.. وعندما أخبرتها بكل شيء وعرضت أن تساعدني على العودة الى المنزل”. وساعدت فتاة دلهي الضحية على ركوب قطار وبقيت معها خلال الطريق من غرب البنغال إلى دلهي. وفي عشية ال14 من يوليو 2016 تمكنت الفتاة من العثور على منزل أختها وطرقت الباب. وتقول: “لم أتوقف عن النظر إلى الخلف بينما كنت أركب القطار وطوال رحلتنا إلى دلهي. لقد كنت خائفة من أن أكون مطاردة. لقد تذكرت منزل أختي وطرقت باب منزلها وعندما فتحت لي الباب سقطت على ركبتي”. ولكن الأخت لم تتعرف على أختها وسألتها: “عمن تبحثين؟” ولكنها وفور أن أدركت أن هذه المرأة الغريبة هي أختها فاضت عيناها بالدموع وأخذت أختها إلى الأم التي سقطت مغشياً عليها عندما رأت ابنتها. مضيفة: “لقد اعتقدت أمي أنني كنت ميتة ولم تصدق أنني على قيد الحياة. أذكر كم شعرت أمي بالألم عندما أخبرتها بقصتي وعلمت أن ابنتها قد عانت كل هذه المعاناة في حياتها”. وجمعت الأم العائلة المكونة من 9 إخوة للاحتفال بعودة أختهم. قائلة: “بعد أن يئست من الشرطة بدأت أعتقد أن ابنتي قد فارقت الحياة. لقد كانت هذه الهواجس تقتلني كل يوم وخصوصاً عندما أحاول أن أتخيل ما عانته. إن جسدها مغطى بعلامات التعذيب وحروق السجائر. لم أستطع سماع أي شيء من الأهوال التي عاشتها. لم أستطع تحمل ذلك كأم. لقد قتل هؤلاء الأشخاص شهيتها. لقد حضّرت لها كل الأطباق التي كانت تحبها ولكنها لم تأكل شيئاً. كل ما كانت تأكله هو الأرز فقط، فقد كان الشيء الوحيد الذي تناولته لسنوات طويلة”. وتضيف الأم: “سوف أكرس حياتي لدعم إبنتي الآن. سوف أفعل كل ما في وسعي ما حييت. لقد دمر هؤلاء المجرمون حياتها. لقد سرقوا 10 سنين من عمرها. لقد سرقوا أجمل سنوات عمرها. لم تتمكن ابنتي من أن تحيا الحياة التي كنت أريدها لها. ولكني سأبذل وسعي لأمنحها كل ما أستطيع الآن”. وبعد بضعة أيام من عودة الفتاة إلى بيتها، ذهبت هي وأمها مباشرة إلى مركز الشرطة في دلهي. وعندها قال نائب مفوض الشرطة أجيت كومار سينغلا، في شمال شرق ديلهي: “لقد قمنا بتسجيل إفادة الفتاة وسوف نبدأ فوراً بالتحقيق في مزاعمها. لقد أخبرتنا عن مناطق التجارة الرئيسة والمناطق التي تم أخذها إليها وسوف نقوم بإرسال فرقنا إلى هناك حالاً للتحقيق وإلقاء القبض على زعماء هذه العصابات”. وتريد الضحية الآن أن ينصفها القانون وتأمل أن يتم إيقاف هؤلاء المجرمين حتى لا تعاني عائلات أخرى مما عانت منه هي وعائلتها. قائلةً: “كان الكل يقول إنني فتاة مشاغبة وذكية. لقد كنت أريد أن أعمل في الحكومة وأحصل على عمل جيد وسمعة جيدة. لقد كانت لدي آمال كبيرة ولكنني فقدت كل شيء. لقد فقدت الرغبة بالعيش. يجب أن أرى الأشخاص الذين اختطفوني معلقين على حبل المشنقة. لقد انتهت حياتي”. وتضيف: “تقوم هذه المجموعات باختطاف العديد من الفتيات ولا أريد أن يفقد طفل آخر طفولته مثل ما حدث لي. لا أريد أن يكون هنالك ضحايا مثلي. سوف أقاتل من أجل العدالة. ليس لدي ما أخسره”. وتقول الضحية أنها سوف تقاتل لتستعيد أطفالها الذين يبلغون من العمر 5 سنين و4 سنين الآن: “أريد أن أستعيد أطفالي وأريد أن أعيش معهم وأن يعيشوا مع عائلتي. لا أستطيع أن أتخيل الحياة التي يعيشونها الآن مع تلك العائلة. لم أر أطفالي منذ سنتين. لا أريدهم أن يعانوا أو يتعذبوا. آمل أن تتمكن الشرطة من مساعدتي. إن أطفالي هم مستقبلي الآن”. وعلى صعيد متصل، نشرت منظمة العمل الدولية عام 2015 تقريراً يظهر أن عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 – 17 عاماً في الهند يصل إلى 5.7 مليون من أصل 168 مليون طفل في العالم. وقالت تينكو خانا، مديرة أبني آب ويمين وورد وايد، وهو صندوق خيري لتمكين الفتيات والنساء والقضاء على الاتجار بالجنس: “أكثر من 80% من الأطفال المتاجر بهم هم من مجتمعات داليت. إن هذا الوضع المخيف يؤثر على الأطفال الفقراء في الهند وهو مخز حقاً، خصوصاً أنه يزداد حدة يوماً بعد يوم. إن معظم الفتيات اللواتي يغنين ويرقصن في الملاهي الليلية هن من العبيد تم الاتجار بهن من مناطق مختلفة من البلاد. وللأسف، فإن هذه التجارة المجرمة تطال الأولاد أيضا وتستغلهم جنسياً”. وتؤكد خانا: “إن الاتجار بالأطفال يتم لسببين أساسيين: الاستغلال للعمل أو الجنس. وللأسف فإن معظم الأطفال الذين يقعون ضحية لهذه التجارة يتعرضون للاستغلال الجنسي بطريقة أو بأخرى”.