طمأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نقابات المحامين أن تركيا ستبقى "دولة قانون"، مشددًا أن "النضال ضد الانقلابيين كان منذ اللحظة الأولى في إطار هذا المفهوم". جاء ذلك خلال استقبال أردوغان، اليوم الثلاثاء في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، رئيس اتحاد نقابات المحامين في تركيا متين فيض أوغلو ووفدًا مرافقًا مكونًا من 70 رئيس نقابة محامين، إضافة لوزير العدل بكر بوزداغ. وأضاف أردوغان، في كلمته خلال اللقاء، أن "الشعب التركي بكل أطيافه وتياراته السياسية خرج من امتحان 15 يوليو/ تموز الماضي(محاولة الانقلاب الفاشلة)، مرفوع الرأس، وليس لأحد أن يقلل من شأن هذه الصورة البهية التي تدعو للفخر". ولفت أن "منظمة العفو الدولية تعرب بين الحين والآخر عن قلقها بشأن بعض الأمور المتعلقة بالانقلابيين، وأنا أدعوها لزيارة تركيا، للوقوف على ما حل بمجلس الأمة التركية الكبير (البرلمان) ومديرية الأمن، ومجمع رئاسة الجمهورية، وجسر البوسفور، وثانوية قوله لي العسكرية، نتيجة قصف الانقلابيين لتلك المؤسسات"، مشيرا أن "القيام بمثل هذه الزيارة من صميم عمل المنظمة، الذي يجب عليها مراقبة الأوضاع ميدانيًا". وتابع قائلا إن "أي بلد أوروبي يشهد عمليات إرهابية من تلك التي تنفذها تنظيمات مثل (بي كا كا) و(داعش) في بلدنا، فكونوا على ثقة بأنهم سيعيدون العمل بعقوبة الإعدام، ويعلنون حالة الطوارئ حتى إشعار آخر". وكشف أن "جل اهتمام المسؤولين الأوروبيين عند اتصالهم بنا كان ينصب على الموقوفين والمفصولين من وظائفهم نتيجة ضلوعهم في المحاولة الانقلابية، ولم يسألوا عن 240 مواطنًا قتلوا برصاص الانقلابيين، وعن ألفين و195 آخرين من الجرحى". وانتقد مواقف بعض الدبلوماسيين والإعلاميين الغربيين من تركيا قائلا "بعض دبلوماسيي وصحفيي الدول الغربية ينطقون بنواياهم الحقيقية بعض الأحيان، لكن نحن سنستمر بالحفاظ والذود عن ديمقراطيتنا وحريتنا، ودولة القانون التي نمتلكها. نحن لا ندافع عن هذه القيم لأنها مفروضة علينا من قبل الغرب أو الاتحاد الأوروبي بل لأننا نرى بأن شعبنا يستحق هذه القيم". وزير العدل بكر بوزداغ، قال في كلمته خلال اللقاء أن بلاده "شهدت مع الأسف حالات تجاهل فيها أعضاء في الهيئات القضائية التزامهم وارتباطهم بالدستور والقضاء والقانون، وأعلنوا ولاءهم لتنظيم فتح الله غولن الإرهابي". وأضاف بوزداغ أن "بعض الأمثلة المخزية لم تحجب الموقف المشرف لغالبية المؤسسة القضائية ومنهم رؤساء المحكمة العليا والمحكمة الدستورية، الذين كان موقفهم واضحًا جدًا من المحاولة الانقلابية التي جرت في تموز/ يوليو الماضي". من جهته، قال رئيس اتحاد نقابات المحامين في تركيا متين فيض أوغلو إن "أكبر هدف يسعى تنظيم فتح الله غولن/ الكيان الموازي لتحقيقه، هو جعل الدولة غير قادرة على التمييز بين البريء والمذنب، ومن ثم الظهور بمظهر الضحية أمام العالم، واستغلال ذلك في أجندتهم الخاصة وعلاقاتهم الدولية". وطالب فيض أوغلو اتحاد نقابات المحامين في تركيا ب"المشاركة في أي عمل من شأنه الدفاع عن حقوق البلاد المشروعة، والكشف عن نوايا ومخططات تنظيم فتح (غولن) أمام العالم أجمع". ويعتبر هذا اللقاء هو الأول من نوعه بين أردوغان وفيض أوغلو، منذ عام 2014، حين ألقى الأخير كلمة بحضور الأول الذي كان حينها رئيسًا للوزراء، في احتفال الذكرى السنوية ال 146 لتأسيس المحكمة الإدارية العليا في تركيا. وتطرق فيض أوغلو حينها إلى بعض المواضيع السياسية، وهو ما اعتبره أردوغان "خطاباً يقحم نقابات المحامين في المسائل السياسية"، ليغادر بعدها قاعة الاحتفال برفقة رئيس الجمهورية "عبدالله غل" ورئيس هيئة الأركان "نجدت أوزل". وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف الشهر الماضي محاولة انقلابية فاشلة، نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة "فتح الله غولن" (الكيان الموازي) الإرهابية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (شمال غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة. وقوبلت المحاولة الانقلابية، باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي. جدير بالذكر أن عناصر منظمة "فتح الله غولن" الإرهابية - غولن يقيم في الولاياتالمتحدة الأميركية منذ عام 1999- قاموا منذ اعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة، الامر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الإنقلابية الفاشلة.