يتساءل العديد من المتتبعين للأحداث الأخيرة التي عرفها إقليمالحسيمة، انطلاقا من يوم الجمعة الذي عرف انتفاضة عدد من المصلين بمعية الناشط ناصر الزفزافي داخل مسجد "ديور المالك" احتجاجا على مضمون الخطبة التي ألقاها إمام المسجد، (يتساءلون) عن فحوى هذه الخطبة التي أشعلت إقليمالحسيمة وخلف اعتقال عدد من المحتجين ومطاردة قائد الحراك ناصر الزفزافي إلى أن تم اعتقاله صباح أمس الإثنين. ونشر موقع "ميديا 24" نص خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي أججت الأوضاع بالحسيمة وثار ضدها عدد من نشطاء حراك الريف بعدد من مساجد الإقليم، والتي تسببت أيضا في إصدار وكيل الملك بالحسيمة أمرا باعتقال الزفزافي بعد أن انتفض في وجه إمام مسجد "ديور المالك". ومن جملة ما تضمنته الخطبة المذكورة، تذكير ساكنة إقليمالحسيمة، بالأمن والاطمئنان على النفس والعرض والمال والتي تستوجب أن يحمد المرء الله ويشكره، وجاء في الخطبة في هذا الصدد، "ومن نعم الله علينا كذلك، الأمن الذي نتفيأ ظلاله، وننعم بحسنه ونواله، نأمن على ديننا، وعلى أموالنا، وعلى محارمنا، وفي طرقاتنا، وبيوتنا ومساجدنا، نقطع بلادنا طولها وعرضها في أسفارنا آمنين على أنفسنا، في حين أننا نرى بعض الأقطار في حال لا تسر قلب مسلم من انفلات الأمن وضياعه". وبعد أن ذكرت الوزارة بالنعم التي ننعم بها في بلادنا، أكدت أن ذلك "لا يعني عدم وجود تقصير أو هفوات أو تجاوزات" وأنه "لا يعني عدم الرغبة في الإصلاح أو المطالبة بمعالجة أوجه القصور، كلا، ولكن معالجة هذا القصور لا بد أن نسلك فيها المنهج الشرعي، لا بد أن ننطلق من شرعنا"، مضيفة أن الإصلاح ليس "منطلقه دعوات مجهولة في الأنترنت، أو تأجيجا في فضائيات تنفخ القضايا، أو عواطف وحماسات تفتح عيونها كبارا على الأخطاء، وتصغر عيونها وتضيق في رؤية النعم والمنجزات والمكتسبات". وفيما يبدو أنها النقطة التي أفاضت الكأس وجعلت من بعض المصلين ينتفضون في وجه أئمة المساجد بإقليمالحسيمة ويحتجون وسط المسجد كما هو الحال لمسجد "ديور المالك"، ما جاء في خطبة الجمعة حول ربط الحراك بالفتنة وزعزعة الاستقرار حيث قالت وزارة التوفيق: "والمومن العاقل مسؤول عن كل تصرف فردي أو جماعي، ومطالب بأن يعرف من يعمل للفتنة حتى يتجنبها، فلا شيء إذن في الدين يبرر أو يسمح بتخريب الممتلكات، ونهب الأموال، وتعطيل مصالح الناس، وإغلاق الطرقات، وتفريق الكلمة، وضياع البلاد في نهاية المطاف، والدين لا يقبل التطرف في أي قول أو عمل، والخير لا ينال بالشر كيفما كانت درجته". وأضافت وزارة الأوقاف، من خلال خطبة الجمعة الماضية، أن "التحريض على العصيان والاضطرابات، بالكذب والتدليس والبهتان، وتسخير وسائل الإعلام لأغراض غير نبيلة وأهداف غير شريفة، أمر منهي عنه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يكون دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها"، كما يجب التحقق من الأخبار وصحتها قبل الانسياق وراءها مصداقا لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". وتابعت أن "الفتنة إذا أقبلت عرفها العلماء، فإذا أدبرت عرفها العامة، ولكن بعد فوات الأوان، والعلماء هم ورثة الأنبياء، ولا غنى للحاكم والمحكوم عنهم في السراء والضراء، والشدة والرخاء، فالله أمر بسؤالهم في جميع الأحوال، فقال سبحانه: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". وكان الناشط ناصر الزفزافي، أبرز متزعمي حراك الريف، قد هاجم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بعد تحذيرها للمصلين من الفتنة، خلال خطبة الجمعة بمسجد "ديور المالك" بالحسيمة، وذلك على خلفية الحراك الذي يعرفه إقليمالحسيمة، متسائلا بالقول: "هل المساجد لله أم للمخزن". وظهر الزفزافي على شريط فيديو، داخل مسجد "ديور المالك" بالحسيمة، وسط عدد من المصلين، وهو يلقي خطابا هاجم فيه إمام المسجد بعد تلاوته لخطبة وزارة الأوقاف التي كان موضوعها حول "الفتنة" وهو ما أثار غضب الزفزافي وعدد من المصلين الذين احتجوا على الإمام، وقال "لو كانت له الجرأة ويدعي نفسه إماما لقال كلمة الحق". وقدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، روايتها بخصوص الأحداث التي شهدها مسجد "ديور المالك" بالحسيمة، خلال خطبة الجمعة هذا اليوم، حيث أوضحت أن "شخصا تعمد الإخلال بالتقدير والوقار الواجبين لبيوت الله أثناء صلاة الجمعة بمدينة الحسيمة مما أفسد الجمعة وأساء إلى الجماعة"، في إشارة إلى ناصر الزفزافي، قائد احتجاجات الحسيمة. وأوضحت وزارة التوفيق في بلاغ لها اليوم الجمعة، أن "أحد مساجد مدينة الحسيمة شهد أثناء صلاة الجمعة، فتنة كبيرة حين أقدم شخص على الوقوف والصراخ في وجه الخطيب ونعته بأقبح النعوت، فأحدث فوضى عارمة ترتب عنها عدم إلقاء الخطبة الثانية مما أفسد الجمعة وأساء إلى الجماعة". النص الكامل لخطبة الجمعة