نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها مارتن شولوف، من العاصمة السعودية الرياض، يقول فيه إن المملكة حضرت استقبالا حافلا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متجاهلة مظاهر القلق حول مزاجه الانفعالي، ومشيرة إلى أن زيارته اليوم السبت ستؤكد موقع السعودية بصفتها قوة إقليمية. ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21″، إلى أن المسؤولين السعوديين "المبتهجين"، يقولون إن قرار الرئيس الأمريكي جعل الرياض محطته الأولى، في أول زيارة له للخارج منذ وصوله إلى البيت الأبيض، تقدم رسالة قوية عن نفوذ السعودية، بعد ثماني سنوات من العلاقات المتوترة في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما. ويقول شولوف إن "الرئيس المحاصر بالفضائح، سافر من أمريكا يحمل معه أجندة طموحة، تهدف إلى تأكيد قيادته الدولية، أولا بإلقاء خطاب عن الإسلام في مهده، وبعد ذلك يزور القدس والفاتيكان، وبذلك يزور مراكز الثقل للأديان الرئيسة في العالم، قبل أن ينهي زيارته باجتماع الناتو ومجموعة الدول السبع". وتذكر الصحيفة أن المسؤولين في الرياض يعتقدون أن ترامب سيوقع واحدة من أكبر الصفقات في التاريخ، ويكشف عن خطط لإنشاء ناتو عربي، بشكل يقوي التحالف الأمريكي السعودي، الذي ظل يميز التعاون بين البلدين، حتى وصول أوباما للحكم. ويلفت التقرير إلى أنه تم إقناع القيادة السعودية بفكرة الخطاب الرئيسة لترامب، وهي مواجهة أيديولوجية التطرف؛ لاعتقادهم أنها تقوي العلاقات الثنائية، وتساعد على الحد من سلطة القيادة الدينية المحافظة في السعودية. ويعلق الكاتب قائلا إن "الخطاب المرتقب للرئيس الأمريكي يهدف إلى إعادة بناء العلاقات مع الدول الإسلامية، التي شعرت بالقلق من تصريحاته حول الإسلام خلال حملته الانتخابية، لكنها وجدت تطمينات منذ توليه السلطة من خلال موقفه الصدامي ضد إيران، حيث نقل عن أحد أعضاء العائلة المالكة، قوله: (إيران هي الجائزة الكبرى، وكل ما عدا ذلك إضافات)". وترى الصحيفة أن ولي ولي العهد، ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، استخدم زيارة ترامب لتوسيع برنامجه الإصلاحي، الذي يتضمن إعادة إصلاح القطاع الخاص، ويأمل بتعزيز قطاع الترفيه والتبادل الثقافي. ويجد التقرير أنه لن يتم حل هذه القضايا بتنظيم حفلة غنائية يحييها المغني توبي كيث، المعروف بأغنيتيه "أحب الفتيات اللاتي يشربن البيرة"، و"الأمريكي الغاضب"، مشيرا إلى أن السعوديين اشترطوا تحركهم ضد التطرف الوهابي بدعم أمريكي لأجندة الإصلاح ومواجهة إيران، حيث قال أحد أعضاء العائلة المالكة: "الحرب ضد التطرف هي في محور هذا كله"، وهم يقولون لترامب "نريد التعامل معك". ويعلق شولوف قائلا إن "الرايات الأمريكية والسعودية ترفرف في المنطقة الرئيسة للتجارة والأعمال في الرياض، ويعرف أهل الرياض الكثير عن أعمال ترامب وتاريخه المتقلب في مجال التجارة وتلفزيون الواقع، وهناك الكثير من الشكوك حول أسباب زيارته، واعتراف في الوقت ذاته بأن تاريخه كونه صانع صفقات قد يكون مفيدا". وتنقل الصحيفة عن خالد سلمان، الذي يعمل في قطاع المال، قوله: "هل يفهم إيران؟ لا، لكن مستشاريه يفهمون، وكذلك من يستضيفونه في المحطة القادمة"، لافتة إلى أنه قبل سفره يوم الاثنين إلى القدس، فإنه سيكون ضيفا إلى جانب 50 من قادة الدول العربية والإسلامية على مأدبة غذاء، برعاية الملك السعودي؛ ل"توطيد أواصر شراكة جديدة"، حيث أن مركز هذه العلاقة القريبة هو المعارضة لإيران، التي اتهم قادتها ابن سلمان قبل فترة بمحاولة السيطرة على العالم الإسلامي. ويفيد التقرير بأن "ترامب حاول تفكيك أجندة أوباما داخل أمريكا وخارجها، حيث قام بإلغاء مشروع العناية الصحية والتغيرات المناخية والاتفاقيات التجارية، ويبدو أنه متحمس أكثر، وبشكل خاص، لإلغاء الاتفاق النووي، الذي وقعته إدارة أوباما بالتعاون مع دول أخرى مع إيران، الذي نص على وقف طهران مشروعها النووي، مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات، فالتحرك من التقارب مع إيران، وزيارة عالية المستوى للسعودية، يعيدان الوضع السابق، الذي مارست فيه أمريكا ولعقود عدة دور الحاجز ضد الطموحات الإيرانية". ويرجح الكاتب أن يضغط ترامب على القادة السعوديين لتطوير العلاقات مع إسرائيل، بناء على فكرة التشارك في الخوف من التهديد الإيراني، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين قامت، وإن بطريقة متقطعة، منذ السبعينيات في القرن الماضي، وأصبحت أكثر انتظاما خلال ال 15 عاما الماضية، حيث أصبح البلدان مقتنعين بأن إيران تقوم ببناء برنامج للسلاح النووي. وتبين الصحيفة أن السعودية تريد الاحتفال والتخلص من سنوات المرارة في عهد أوباما، فعندما زار الأخير الرياض العام الماضي تجاهله الملك، وأرسل حاكم منطقة الرياض لاستقباله، منوهة إلى أنه لهذا فإنه لا يمكن مقارنة استقبال ترامب بما حصل لأوباما. ويورد التقرير نقلا عن معلق صحافي سعودي، قوله: "القضية شخصية بالنسبة للملك سلمان، ولن يهتم لو تملص أوباما مما فعل وهو يكتب مذكراته، لكنه كان واضحا طوال حكمه، بأنه يعتقد أن الإيرانيين هم الأخيار ونحن الأشرار". وينوه شولوف إلى أن الفكرة عن دور السعودية في نشر التطرف ودعم الجماعات المتطرفة كانت منتشرة وسط إدارة أوباما، حيث نظر مسؤولون لقادة السعودية بشك، وزعموا أن قادة دينيين بارزين نشروا الفكر الوهابي الجامد في بعض الدول المسلمة، التي ينظر إليها على أنها معتدلة. وبحسب الصحيفة، فإن الإدارة الأمريكية ابتعدت عن هذه المواقف، لكن ترامب نفسه زعم أن "الإسلام يكرهنا"، وحاول منع مسلمي دول إسلامية من دخول الولاياتالمتحدة للإقامة والعمل، مشيرة إلى أن الرياض ستدرس موقفه من فكرة "ناتو عربي"، وهي الفكرة التي طرحتها قبل سنوات، في إطار قيادة أمريكية ودعم مالي. وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه "رغم تفضيل ترامب النماذج الثنائية، التي تخفف العبء المالي عن أمريكا، لكن تردده في كتابة الشيكات ربما يؤثر في حجم الصفقة التي سيوقعها بقيمة 100 مليار دولار لتسليح السعودية".