يشهد الرأي العام المغربي في هذه الآونة الأخيرةِ نقاشا محتدّا بعد استيراد الحُكومة المغربية في شخص وزيرة البيئة حكيمة الحيطيللنفايات الإيطالية، الأخيرة لم تكن حكيمة البتّة بعدما خرجت من صمتها مؤخرا لتدافع بقوّة وبكثيرٍ من التشنّج عن موضوع استيراد المغرب لهذه للنفايات، وحاولت أن ترافع وتنافحعن هذا الاجراء قانونيا بعدما أثار الكثير من الشجب وردود الأفعال في الأوساط الشعبية المغربية لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي. فقد تفاعل المغاربة بشدّة مع الحدث، وهذا مؤشر إيجابي من الناحية الرمزية يعكس صبيب الوطنية و"تامغرابيت" اللتان لا تزالان بخير" واعتبروا أن استيراد الأزبال الإيطالية يمسّ بسيادة الوطن. إذ كيف يُعقل أن تقرّر حكومتنا الموقّرة محاربة "الميكا" من أجل الحقّ في بِيئة نظيفة سليمة -وإن كان اجراء المنع لم يُستتبع باقتراحاتوبدائلَ فعلية حقيقية ملموسة بعدما قررت الحكومة أن تحارب الأكياس البلاستيكية-إن الأزبال الإيطالية رغم كلّ الذي قيل عنها من الناحية الايكولوجية فإنها من الناحية الرمزية تبقىأزبالا، تسيء للمغاربة ولكرامة الوطن وسيادته، وهل هناك مواطن في الدنيا سوي يدافع عن الأزبال ؟ ويحبّأن يصير تراب وطنه مطرحا للنفايات والقذارة القادمة من الشمال المتحضر؟ كلاّ وألف كلاّ. بلدنا المغرب الذي ضحّى أجدادنا بالنّفس والنفيس في حروب وجوديةضارية شرسة دامت لعقود ليعيش المغاربة في كرامة، ويستردّوا انسانيتهم وحريتهم، مغرب يوسف بن تشافين ومحمد بن عبد الكريم الخطابي وموحى احموا الزياني..الخيتم تحويله إلى مقبرة للأزبال بعدما كان مقبرة للغزاة المعتدين !! عَجبي وحقّ لكل ذي لبٍّ غيور أن يعجب. تراب وطننا الطّاهر الذي ارتوى من دم المجاهدينالأشاوس،وجيش التّحرير والمقاومين الأبرار حدّ الشبع، من شماله الى جنوبه الى شرقه، ثاروا في الجبال والسهول ببنادقهم البسيطة وايمانهم القوي بعدالة قضيتهم في سبيل تطهيره من براثين الفساد، ولَوْثة الاستعمار وخزيه واستحماره واستغلاله وتبعيّته، يتم "تزبيله" اليوم في عهد حكومة روحانية تزعمُ لنفسها طُهر اليدِ والذّمة إلى مدفن للنفايات مقابل ما تجودبه علينا دولة إيطاليا من أفضال ونعم!أين الطهارة والرمزية والكرامة والأنفة والوطنية هنا يا سادة. لقد أسأتم الى أنفسكم والى كرامة الوطن؟ . المغرب أيها الوجع الساكن فينا قبلأن نسكنه، يا مَنبت الأحرار ومَعقل الثّوار ومشرق الأنوار ، هكذا علمونا ونحن نَدْرج مَدارِج الطفولة يحوّلونك اليومَإلى مطرح للنفايات ويدنّسونك. من المؤسف والمقرف حقّا أن تبدأ حكومتنا الموقرة ولايتها بشعارات عريضة؛ محاربة الفساد والمفسدين واسقاط الاستبداد والبروقراطية الإدارية بعد حراك عشرين فبراير واحتجاجها، وارتفاع سقف مطالب الشارع الذي خرج محتجّا منتفضا من أجل الكرامة ولا شيء غير الكرامة، ليتفاجأ المغاربة طيلة هذه الولاية الحكومية بجملة من القرارات الأحادية (التفكير بصيغة المفرد ) والنخبوية واللادمقراطية واللاشعبية التي غابت عنها روح المقاربة التشاركية والحكامة والتوافق المجتمعي ؛ (الرفع في سن التقاعد وإصلاح صندوق المعاشات دون تقديم من افرغوا هذه الصناديق الى العدالة كمدخل حقيقي للإصلاح، المصادقة على قانون التوظيف بالعقدة وهو قرار فوقي نخبوي كما يراه مجموعة من المتتبعين السوسيو سياسيين للمشهد الحقوقي والسياسي المغربي لتشجيع الزبونية وتكريس المحسوبية والعائلية في التوظيف، ضرب القدرة الشرائية للمغاربة، والقفز على ذلك الحائط القصير جيب المغاربة الزيادة في المواد الأساسية، الزيادة في الماء والكهرباء ..الخ وآخرها قرار منع "الميكا" في الوقت الذي يتم فيه استيراد نفايات إيطاليا. هل من عاقل في الدنيا يستطيع أن يجد انسجاما لهذه المفارقة التي لا تعكس إلا منطقا واحدا هو منطقالخبط والخلطوالارتجالية والعشوائية في التدبير والتسيير؟. أين الحكامة والتدبير العقلاني للشأن العام ؟أين الحكمة والتبصر يا حكيمة الحيطي؟ ألا تقوى وزيرة تشتغل 22 ساعة في اليوم على اتخاذ قرارات قانونية سَلِيمة مُنسَجمة مع ذاتها ينتفي فيها التناقض الذي قد يجلب الشجب واللغط ولربما قد يصل الأمر الى المطالبة بالرحيل ؟. إن كل الذي شاهدناه ورصدناه في النقاشات الافتراضية على صفحات الفايسبوكبين الشباب المغربي بمختلِف شرائحهم بعد قرار الاستيراد هذا، وما خلّفه من استياء عارم، وانتقال الكثير منهم إلى عين المكان وتسجيل فيديوهات تعري وتفضح حجم معاناة الآسفويين مع الغازات التي تنبعث من هذه المحروقات يعكس حقيقة أن "تامغرابيت" لا تزال بخير، ووطنية ومَغْرِبيّة المغاربة غير قابلة للمزايدة، وغِيرتهم على رمزية وكرامة بلدهم أمر ثابت غير قابل للشكيك والمساومة، نحتاج فقط الى مسؤولين نوعيين يتحملون المسؤولية التاريخية والأخلاقية الملقاة على عاتقهم ويعززون"تامغرابيت" بدل تدنيسها وتلويثها.