في البداية دعوني أوجه تحية اكبار وإجلال إلى الذين يستيقظون قبل مدينتنا كل يوم بفرح ، يهتمون بجمال شوارعها ونظافتها،عمل يومي دؤوب لا يعرف التعب أو الملل،شتاءً وصيفاً...تحية لك يا عامل النظافة في هذا اليوم ، نعتذر منك بالنيابة عن وزارة بخستك حقك المعنوي والمادي وجلبت لك العار باستيراد نفايات الغير،فرغم دورك الأساسي في حماية الناس من مختلف الأمراض تبقى أنت المتضرر الأول والأخير، من استيراد هذه الاطنان من النفايات ....شكراً لك، لتحملك وتنظيفك بقايا نفايتنا،نعدك بأن نفايتنا المستوردة أكثر تحضراً وتنظميا ونظافة حسب وزيرتنا المحترمة....ففضيحة النفايات الإيطالية ليست الأولى من نوعها سيدي عامل النظافة، وليست غير رقم مكشوف/مفضوح الى جانب العديد من الأرقام السرية التي لا يعلمها غير "أولي الأمر" منا، في باطن الأرض والبحار وأعالي البحار... وبدون شك، جريمة النفايات الإيطالية والفرنسية والإسبانية والأمريكية...هي كثيرة ومتنوعة ولن تكون الاولى ولا الاخيرة. لا أحد يعرف لما اختارت المغاربة ، وفي الدارجة تحديداً، كلمة زبالة بدلا قمامة ! من دفع المغاربة الى هذا الخيار اللغوي المقزز؟ كلمة قمامة ذات دلالات دقيقة جداً في القاموس العربي، وهي تشبه في دقتها التعبيريّة وتخصصها الكلمات الأجنبية ، التي تقابلها في المعنى: المخلفات المنزلية العضوية وغير العضويّة. لكن الدارجة المغربية آثرت كلمة أخرى، عربية أصيلة أيضا، لكنها لا تتفق مع كلمة قمامة العربية والأجنبية في الدقة اللغوية، وفي إيراد المعنى الحقيقي. لأنّ كلمة "زبل" واشتقاقاتها اللغوية كافة، ومنها كلمة "زبالة"، لا تعني سوى براز الحيوانات. ربما النتانة هي من دفعت الناس الى ذلك! ولكن، نتانة من ؟ ناتنا ام نتانة مسؤولينا؟ الترات العربي يحمل لنا أمثلة تراثية مشرقة في مجال مقاومة الزبالة أو القمامة أو الوساخة. وربما يكون أكثرها شهرة، ما ينسب الى الرسول صلى الله عليه وسلم من قول مأثور: "النظافة من الإيمان"، وسواء صح الحديث أم لم يصح فإنّ شيوعه وتحوله الى مثل يضرب، دليل على رجاحة عقل وذوق قائله، ولو خرجنا من حدود النظافة الى عموم الحديث، أو المثل، لوقفنا على صورة مشرقة من صور التفكير النيّر والسلوك الحضاري العالي المرتبة: مساواة النظافة الجسدية بالإيمان، أي بالنظافة الروحيّة، وتلك في ظنى أسمى منازل العقل والروح....فكيف تحولنا الى مزبلة مادية وروحية للغير؟ فهل نفايات ايطاليا قاتلة ونفايتنا صحية؟ النفايات، كل النفايات بغض النظر عن جنسيتها وطبيعتها، فقاتلة، لكن النفايات الأشد قتلا وفتكا وإجراما (وأشد "نفاقا") هي نفاياتنا، ونفاياتنا ليست بالضرورة بقايا "الخبز والشاي والزيت"، زاد وغذاء الفقراء من بنات وأبناء شعبنا العظيمات والعظماء، إن نفاياتنا السامة/القاتلة هي "أحزابنا السياسية" المتخاذلة (الرجعية/الظلامية/الشوفينية وحتى "الإصلاحية") و"نقاباتنا" أو بالأحرى القيادات البيروقراطية لهذه الدكاكين الفارغة وبعض "جمعياتنا" وبعض "مثقفينا" وبعض "فنانينا" وبعض "رموزنا" والكثير من "إعلاميينا"/"مرتزقتنا"، منذ مؤامرة "إيكس-لي-بان" الى اليوم، إن نفاياتنا هي الطابور الخامس (المندسون بعناية في "صفوفنا" الذين يحملون نفس شعاراتنا، بل ويزايدون علينا في هذا المنعطف ويتحاملون علينا في ذاك، بغاية التشويش وخلط الأوراق وإخفاء الحقيقة التي تزعجهم وأسيادهم الذين يمولونهم بسخاء...).. إن نفاياتنا السامة هي كل من ساهم في هندسة وتمرير مخطط التقاعد الغادرة والمجحفة، إن نفاياتنا هي كل متهافت على اقتسام الفتات والغنائم.. إن نفاياتنا السامة هي كل من اغتال/يغتال الديمقراطية وأجهز/يجهز على الحرية، وهي كل من داس/يدوس بالأقدام على حقوق الإنسان بشكل عام، إن نفاياتنا السامة هي كل من استغلنا/يستغلنا واضطهدنا/يضطهدنا، عمالا فقراء ومعطلين وطلبة، نساء ورجالا، شيوخا وأطفالا، إن نفاياتنا السامة هي كل من افترى/يفتري علينا، ليلا ونهارا، سواء عن علم أو عن جهل،إن نفاياتنا السامة هي كل الزعمات النقابية الكرتونية التي نسيت المهام النضالية الآنية والملحة ويغوص في التفاهات وفي "التقيحات" المرضية الموجهة من طرف النظام ... إن نفاياتنا السامة هي الزعامات القائمة على الولاءات للمصالح وتقديس العلاقات النفعية الانية والمستقبلية ، وكذلك الهروب سواء الى "الأمام" أو الى "الوراء". والمر أو الأمر هو التحول أمام الملأ من "الى الأمام" الى "الى الوراء"... إن نفاياتنا السامة هي الخيانة/الخيانات للوطن وللمغاربة من طرف انتهازين باعوا الوطن ، إن نفاياتنا السامة هي "السكوت" (الصمت المريع) دهرا والنطق المخجل "كفرا" من طرف مسؤولينا ، إن نفاياتنا السامة أخطر من نفاياتهم،إلا أن النفايات المستورة رغم خطورتها، بل انها قاتلة الا أنها بنكهة ايطالية...فشكرا لكم مسؤولينا على هذه النكهة.