نشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية، تقريرا حول الشاب جيسي كلافر الذي ينحدر من أصول مغربية، والذي يقود حزب الخضر اليساري في هولندا، ويتوقع البعض صعوده في المشهد السياسي الهولندي؛ ضمن تحالف يهدف للتصدي لمخططات المرشح اليميني خيرت فيلدرز "العنصرية والمتطرفة". وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته صحيفة "عربي21" اللندنية، إن حوالي خمسة آلاف ناخب اجتمعوا في أحد المسارح بأمستردام الأسبوع الماضي، ضمن أكبر تجمع سياسي تشهده البلاد في الحملة الانتخابية الجارية، من أجل دعم الشاب جيسي كلافر البالغ من العمر 30 عاما، والذي يقود حزب الخضر اليساري، في حملة انتخابية تدافع عن فكرة العدالة الاجتماعية وحماية البيئة. وأشارت إلى أن هذا الشاب المغربي الأصول؛ يتميز بمظهر أنيق دفع كثيرين إلى تشبيهه برئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، كما أنه يتميز بخلفيته الاجتماعية المتنوعة، حيث إنه ينحدر من أب مغربي وأم إندونيسية، وأصبح مؤخرا الوجه الأكثر شعبية في الأوساط الليبرالية، وبفضل ذلك زادت حظوظ حزبه بشكل كبير في استطلاعات الرأي. وأضافت أن كلافر يأمل في أن تمكنه شعبيته المتزايدة من التصدي لمخططات الزعيم اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، الذي يتبنى خطابا شعبويا، ويحقق هو أيضا تقدما في استطلاعات الرأي، عبر رفع شعارات تدعو لإقصاء الإسلام من هولندا، وغلق المساجد، وتنظيم استفتاء لمغادرة الاتحاد الأوروبي. وقالت الصحيفة إنه بينما ينتظر فيلدرز انتخابات الأربعاء المقبل لتحقيق ما سماه ب"ربيع الوطنيين" أو سلسلة انتصارات الأحزاب القومية في كافة أنحاء أوروبا؛ فإن جيسي كلافر يثق بأن لديه القدرة لبعث الحياة مجددا في اليسار الهولندي، والتصدي لموجة الأحزاب اليمينية. ونقلت الصحيفة عن كلافر قوله في لقاء معها: "هذه الانتخابات مصيرية بالنسبة لهولندا؛ لأنني لا أريد أن ينتصر الخوف والكراهية، وهي مصيرية أيضا بالنسبة لكل أوروبا". وأضاف كلافر: "هذه هي أول انتخابات في القارة الأوروبية خلال هذه الفترة، وبعدها ستأتي الانتخابات الفرنسية ثم الألمانية، والأحزاب اليسارية تواجه أوقاتا صعبة، ولكن كما ترون؛ فإن حزب الخضر اليساري في هولندا يحقق النجاح؛ لأنه ابتكر طرقا جديدة لممارسة السياسة". وأشارت الصحيفة إلى أن المشهد الانتخابي في هولندا يغلب عليه الانقسام، حيث إن هنالك 28 حزبا تشارك في الانتخابات، ويتوقع أن يفوز منهم 14 حزبا بمقاعد في البرلمان. وبينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب الحرية الذي يقوده خيرت فيلدرز سيحل في المرتبة الثانية بنسبة 14 في المائة؛ فإن حزب الخضر اليساري الذي يقوده كلافر ينافس على المرتبة الثالثة ضد الديمقراطيين المسيحيين وحزب ليبرالي آخر. وأكدت أن أغلب القيادات السياسية في هولندا تعهدت بتوحيد الصفوف لقطع الطريق أمام خيرت فيلدرز، ومنعه من الوصول إلى الحكم، حتى لو حصل على المرتبة الأولى أو الثانية في عدد المقاعد في البرلمان. "وفي ظل هذا السيناريو؛ فإن الحكومة قد تشكلها مجموعة من الأحزاب الصغيرة، ومن بينها حزب الشاب جيسي كلافر، الذي قد يجد نفسه في قلب هذه المعادلة، باعتبار أن الأحزاب الوسطية ستعمل على حشد كل الدعم اللازم لحكومة لا يشارك فيها حزب الحرية". واعتبرت الصحيفة أن أحد السيناريوهات المثيرة والتي لا يمكن استبعادها؛ هو أن يصبح جيسي كلافر رئيس وزراء هولندا المقبل، حيث تقول خبيرة استطلاعات الرأي الهولندية موريس دي هوند: "إنه شاب جذاب، ويشبه جاستن ترودو، رغم أن تحركاته السياسية تشبه بيرني ساندرز، حيث إنه يقود تيارا شبابيا متفائلا بالمستقبل". ونقلت "التلغراف" عن أحد الشبان الحاضرين في الاجتماع الانتخابي لكلافر قوله: "أنا مهتم بالدفاع عن البيئة، وجيسي كلافر شخص رائع.. أنا أبلغ من العمر 29 سنة، وهو يكبرني بسنة واحدة، وبصراحة أنا أثق بأبناء جيلي". وأشارت الصحيفة إلى أن كلافر هو واحد من 12 بالمائة من سكان هولندا الذين ينحدرون من أصول غير غربية، فهو ابن مهاجر مغربي، ولذلك يقول أحيانا إن مسألة الانتخابات هي مسألة شخصية بالنسبة له، وخاصة عندما يستمع لخطاب خيرت فيلدرز الذي وصف مؤخرا المهاجرين المغاربة بأنهم "حثالة". ونقلت عن كلافر قوله: "أنا لا أفكر كثيرا في هذه المسألة، ولكن الشيء الوحيد الذي يهمني الآن هو كيفية قطع الطريق أمام خيرت فيلدرز وحزبه الشعبوي حتى لا يفوز بالانتخابات. نحن ندافع عن مبادئنا ولا نخاف من خوض النقاشات في المسائل الحساسة، سواء تعلق الأمر بالتهرب الضريبي أم بتغير المناخ". وأشارت الصحيفة إلى أن هذا النهج السياسي القائم على مبادئ واضحة؛ لا يتبناه جميع السياسيين في هولندا، فعلى سبيل المثال؛ فإن رئيس الوزراء المحافظ مارك روته، رغم إعلانه معارضة خيرت فيلدرز؛ إلا أنه اضطر هو أيضا لمجاراة النعرة الشعبوية عبر التعهد بالحد من الهجرة. كما أنه وجه مؤخرا رسالة إلى المهاجرين دعاهم فيها إلى "الاندماج أو المغادرة". وأضافت أن عددا من زعماء الأحزاب الأخرى أيضا؛ حاولوا في الفترة الأخيرة تبني خطاب معاد للمهاجرين من أجل مجاراة صعود التيار الشعبوي، حيث دعا هؤلاء إلى تحديد عدد العمال القادمين من خارج البلاد، "ولذلك يتوقع كثيرون حدوث خلافات حول هذا الأمر؛ في حال انضمام جيسي كلافر وحزبه لأي تحالف حكومي مقبل سيكون فيه أيضا محافظون من أمثال مارك روته". وأكدت أن نتائج الانتخابات الهولندية يصعب توقعها، وخاصة في ما يتعلق بحجم النجاح الذي سيحققه خيرت فيلدرز، إذ إن الأمر سيرتبط بشكل كبير بأداء هذه الأحزاب في المناظرات الانتخابية النهائية التي ستعقد يومي الإثنين والثلاثاء، كما أن الخلاف الحاد الذي جد فجأة بين الحكومتين الهولندية والتركية؛ قد يضفي مزيدا من التوتر على الأجواء قبيل الانتخابات. وختاما؛ نقلت الصحيفة عن جيسي كلافر تأكيده أنه لا يركز على شيء غير الدفاع عن المبادئ التي يؤمن بها، والتي تقوم عليها هولندا، وهي الحرية والتسامح والتضامن، مخاطبا الشعبويين بالقول: "أريد استعادة بلدي هولندا".