قضية "مي فتيحة" جعلتنا نتساءل كثيرا، ماذا يقع في المغرب، هل وصلت درجة "الحكرة" تجاه المواطن إلى هذه الدرجة؟ أم أن الربيع المغربي لا زال ينتظر "بوعزيزاه̏ ؟ ألا يمكن لقضية "مي فتيحة̏" أن تكون نقطة تُفيض الكأس من أجل خضوع الداخلية للمراقبة والمحاسبة؟ و يطالب الشعب بإسقاط الرؤوس الفاسدة على كل الوزارات؟ أم أننا في المغرب لا زال منطق أًرَاسِي وكلمات الأم هي المتحكمة، "عْنْدَاكْ شِي صْدَاعْ أوْلْدِي"، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، قضية العصبية الرياضية والعرقية وكذا الحزبية وصلت إلى مستواها الأقصى، هذه المؤشرات تؤكد أن الوضع غير مطمئن وأنه متجه إلى الفوضى والاشتعال؛ أم أننا فقط أمام رجة ستمُر بسلام؟ ويُؤكَد لنا بأننا نعيش استثناء مغربي، لا يمكن لأي مشكل كان أن يصل بنا إلى التساهل والتسامح في استقرار الوطن، فنرضى ˊبالحكرةˋ بدل الفوضى والمستقبل المجهول، ونبقى مصرين عن الخيار الثالث: "الإصلاح في ظل الاستقرار" . فالمتأمل في المشهد العام للمجتمع المغربي، يرى بأن الواقع لا يبشر بخير مستقبلا، إذا استمر الوضع على حاله، فأن يصل المواطن درجة إحراق ذاته فلا شك بأن هناك أمور تغيرت في المنظومة الاجتماعية للمجتمع المغربي، فقد أصبح الإنسان يفضل الموت بدل أن يعيش في ˊالحكرةˋ من طرف أي كان، فقضية مي فتيحة هي قضية البوعزيزي في تونس، إلا أن النتيجة كانت مختلفة، فالبوعزيزي أحرق نفسه فأحرق رأس النظام، ومي فتيحة أحرقت نفسها وأحرقت مستقبل أبناءها، فالشعب المغربي لا زال لم يصل درجة التفاعل التلقائي كما حدث في تونس، ولهذا ينبغي للإنسان قبل أن يحرق نفسه أن ينظر إلى طبيعة المجال الجغرافي وطابع البشر المحاط به، حتى لا تذهب روحه هباء منثورا؛ لأنه كان على المجتمع القنيطري أن ينتفض ضد المسؤول على هذا الفعل، ويضع حدا لمن تتسول له نفسه أن يهين مواطن يوما ما، لكن، لا حياة لمن تنادي، فلازلنا نخشى من زرواطة البوليس، ولا زال من تحكمه أمه بكلماتها الرنانة، فالتغيير المجتمعي في المغرب عليه أن ينتظر سنوات، عسى أن يستطيع المرء أن يتحدث على حقه، أي إذا ذهب لقضاء مصلحته الإدراية ولم يتم التعامل معه بطريقة محترمة أن يحتج، فمتى نصل ونرى هذا المواطن الشجاع، أم أننا سنبقى حاني الرؤوس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. أما حال الرياضة اليوم، أمر مخز، فبعد أن كانت الرياضة في المغرب تجلب الكثير من العشاق، بهدف الترويح عن النفس والاستمتاع بالفرجة، صار اليوم، تجلب المجرمين، فما يقع في الأونة الآخيرة من تقتيل ودمار، يجعلنا نتساءل؟ هل نحن أمام رياضة أم أمام حرب؟ والواقع أننا في حرب، حيث كل مشجِع يحب فريقه حتى إذا أخطأ، ولا تهمه الفرجة سوى الانتصار على الغريم، وإذا انهزم فلا حيلة له سوى تخريب الممتلكات وقتل الأرواح، وهذا أتى طبعا بعد أن بلغت السياسة حدودها القصوى في الرياضة، فلم نبقى أمام تنافس فريقين، بل أصبحنا أمام صراع سياسي يُحَول في غالب الأحيان إلى صراع عضلي، يعطينا المشهد الذي نراه في أغلب الملاعب الرياضية، فبعد أن كانت الكرة الرياضية محط ترفيه، صارت مصدر تفرقة وتجزئة بين أبناء الوطن، نتيجة التعصب التنظيمي للفريق المُحب. يتابع ..