كشفت منطمة "مراسلون بلا حدود" في النسخة الجديدة من التصنيف العالمي لحرية الصحافة 2016، عن تدهور ملحوظ في المؤشر العالمي، حيث تراجع المغرب في سلم الترتيب ليحتل المرتبة 131 من أصل 180 دولة، مما يعكس حسب خريطة التصنيف الحالة الصعبة وغير المستقرة التي تعيشها حرية الصحافة في المغرب. وبخصوص المؤشرات الإقليمية، فقد أبرز التقرير أن أوروبا التي حصلت على (19.8 نقطة) مازالت هي المنطقة حيث تنعم وسائل الإعلام بأكبر قدر من الحرية، بينما تليها (بفارق شاسع) إفريقيا (36.9)، التي تمكنت على نحو غير مسبوق من تجاوز منطقة الأمريكيتين (37.1)، حيث تشهد أمريكا اللاتينية عنفاً متزايداً ضد الصحفيين، ثم تأتي آسيا (43.8) ثالثة وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى (48.4) رابعة، أما شمال أفريقيا والشرق الأوسط (50.8) فإنها تظل المنطقة حيث يئن الصحفيون تحت وطأة الضغوط بجميع أنواعها وشتى أشكالها. وتحتل ثلاث دول من شمال أوروبا قمة الترتيب العالمي، حيث تحافظ فنلندا على موقعها في الصدارة منذ عام 2010، متبوعة بكل من هولندا (2، +2) والنرويج (3، -1). وفيما يتعلق بأبرز التطورات الملحوظة، فقد أحرزت تونس (96، +30) تقدماً كبيراً، بفضل انخفاض وتيرة الانتهاكات والإجراءات العدوانية، كما سجل تحسنا ملحوظا في أوكرانيا (107 +22) نظراً لهدوء الصراع. وتُظهر نسخة 2016 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، تدهوراً عميقاً ومقلقاً لحالة حرية الصحافة في العالم، حيث سجل المؤشر العالمي 3857 نقطة، مما يعكس تدهوراً بنسبة 3.71 في المائة و13.6 في المائة مقارنة بالوضع في عام 2013، علماً أن أسباب تراجع حرية الصحافة عديدة ومختلفة، إذ تتراوح بين انسياق الحكومات في هاوية القمع والتخبط في سياسات سالبة للحرية، والسيطرة على وسائل الإعلام العامة، ناهيك عن الأوضاع الأمنية المتوترة على نحو متزايد، أو الحالات الكارثية التي تعيشها بعض البلدان. ويبرز التقرير أن جميع مؤشرات التصنيف، تعكس تدهوراً بين عامي 2013 و2016، ولاسيما على مستوى البنية التحتية، حيث لا تتردد سلطات بعض الدول في إيقاف خدمة الإنترنت، بل إن الأمر يصل أحياناً حدَّ التدمير التام للمباني أو المكاتب أو أجهزة البث أو آلات الطباعة التابعة لوسائل الإعلام التي تنزعج الحكومات من خطها التحريري أو من نبرتها الناقدة. فقد سُجل انخفاض في هذا المؤشر بمعدل 16% بين عامي 2013 و2016. كما لوحظ تدهور على المستوى القانوني، حيث "سُنت مجموعة من التشريعات التي تعاقب الصحفيين بجرائم واهية، وأمام هذا الوضع المقلق،غالباً ما يجد الصحفيون أنفسهم على حافة الرقابة الذاتية" حسب التقرير. يذكر أن التصنيف العالمي لحرية الصحافة ينشر سنوياً منذ عام 2002 بمبادرة من منظمة مراسلون بلا حدود، وهو يمثل أداة أساسية في عملية الدفاع عن حرية الإعلام واستقلاليته، وذلك على أساس مبدأ المنافسة بين الدول، إذ يمكنه انتشاره الواسع من التأثير بشكل متزايد في وسائل الإعلام والسلطات العامة على الصعيد الوطني والمنظمات الدولية كذلك. ويستند التصنيف على قياس حالة حرية الصحافة، انطلاقا من تقييم مدى التعددية واستقلالية وسائل الإعلام ونوعية الإطار القانوني وسلامة الصحفيين في 180 بلداً. ويوضع جدول الترتيب على أساس استبيان معياري بعشرين لغة مختلفة، وذلك بمشاركة خبراء من جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى التحليل النوعي يؤخذ في الاعتبار إحصاء لعدد أعمال العنف المرتكبة ضد الصحفيين خلال الفترة المدروسة. وتجدر الإشارة إلى أن التصنيف لا يمثل مؤشراً لجودة الإنتاج الصحفي ولا بياناً لحصيلة السياسات العامة، حتى وإن كانت الحكومات تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية في هذا الصدد.