تنطلق اليوم الاثنين 19 سبتمبر/أيلول الجاري فعاليات الدورة الخامسة من المهرجان الدولي لفيلم المرأة، الذي يُنظم في مدينة سلا بالمغرب على امتداد ستة أيام، وينكب على عرض الأفلام السينمائية التي تتطرق إلى قضايا المرأة في مختلف أصعدة الحياة، ثقافياً واجتماعياً وسياسياً. وبينما تعاني الدورة الحالية من المهرجان الدولي لفيلم المرأة بقلة الحضور العربي بسبب ندرة الإنتاجات السينمائية العربية التي تأثرت بزخم الثورات التي تشهدها المنطقة، يحتفي المهرجان بالسينما الإفريقية عبر استدعاء سينما دولة بوركينا فاسو كضيفة شرف. وعاب ناقد سينمائي على هذا المهرجان الدولي تكريمه للفنان المصري حسين فهمي، باعتبار أنه وجه انتهت صلاحيته الفنية، فأضحى يبحث عن الأضواء لتُسَلط عليه بالمغرب، متسائلاً عن الخلفيات الثقافية والفنية التي تحكم تنظيم مثل هذا المهرجان. غياب العرب وحضور الأفارقة ويشهد المهرجان الدولي لفيلم المرأة في مدينة سلا برمجة عامة تتضمن 12 فيلماً سينمائياً طويلاً، تنتمي كلها إلى السينما الإفريقية وسينما جنوب الصحراء، وهذه الأشرطة تمثل بوركينا فاسو ضيفة شرف الدورة الخامسة للمهرجان، والكاميرون، وبنين، ومالي، وساحل العاج، وموريتانيا، والسنغال، والتوغو، والنيجر، والغابون، والكونغو الديمقراطية، ثم تشاد. أما المسابقة الرسمية لمهرجان فيلم المرأة فيتنافس حول نيل جائزتها الكبرى 12 فيلماً من 11 دولة، ومن ضمنها: فيلم "أكادير بومباي" للمخرجة المغربية مريم باكير، وفيلم "ستة، سبعة، ثمانية" للمخرج المصري محمد دياب، و"أجنبيتنا" لسارة بويان من إنتاج بوركينا فاسو وفرنسا، و"الغرفة الصغيرة" لستيفاني شيا وفيرونيك رايمون من سويسرا، و"عندما نرحل" لفيو ألداك من ألمانيا، وغيرها من الأفلام الأخرى. ومن مميزات هذه الدورة من المهرجان أن لجنة التحكيم كلهن نساء، برئاسة الممثلة والكاتبة الكندية لويز بورتال، كما يقدم عروضاً خاصة للفيلم الوثائقي المصري والفيلم القصير المغربي، علاوة على ورشات تقنية تهتم بالتكوين في كتابة السيناريو. ويكرم المهرجان في دورته الحالية الفنان المصري المعروف حسين فهمي، والناشطة الحقوقية التركية، حليم كومر، مؤسسة مهرجان فيلم المرأة بأنقرة، وأيضاً الفنانة التشكيلية المغربية فاطمة العلوي بلحسن، والممثلة ناكي سي سافاني من ساحل العاج. وبحسب منظمي المهرجان، فإن قلة العروض السينمائية العربية المشاركة في هذه الدورة الخامسة يُعزى أساساً إلى قلة الإنتاجات السينمائية الخاصة بقضية المرأة، نتيجة الانشغال بالحراك العربي والثورات الشعبية التي تشهدها العديد من البلدان العربية منذ بضعة أشهر. تكريم ممثل انتهى وانتقد الناقد السينمائي المعروف أحمد بوغابة استدعاء المهرجان الدولي لفيلم المرأة للممثل المصري حسين فهمي، لكونه "انتهى سينمائياً وتلفزيونياً، وأكل عليه الدهر وشرب كما يقول المثل، ولم يعد يهتم به أحد في بلاده، لينبعث في المغرب حتى تسلط عليه الأضواء التي افتقدها"، بحسب تعبير بوغابة. وقال بوغابة في تصريحات ل"العربية نت" إنه في خضم الحديث عن الثورات العربية، يتم تكريم حسين فهمي، وهو الذي عُرف عنه أنه من أنصار النظام السابق في مصر، ونتاج ما سُمي في عهد السادات بالانفتاح الذي جاء بأسماء معينة إلى الفن السينمائي، لتفرز ما عُرف حينها بسينما المقاولات. الفنان حسين فهمي وتابع المتحدث بأن مهرجان سلا للمرأة لا يختلف كثيراً عن مهرجانات كثيرة تُنظم بالمغرب، بحيث يعيد إنتاج نفس البرامج واستنساخ بعضها، بسبب الفقر في التفكير، أو البحث عن التميز، وعن إضافات جديدة؛ من قبيل تنظيم ورشات للتكوين في السيناريو. وأوضح الناقد أن تكرار مثل هذه التداريب والورشات الخاصة بكتابة السيناريو في جميع المهرجانات السينمائية بالمغرب يعطي انطباعاً كأن السيناريو هو المشكل التقني الوحيد القائم في السينما، أو المعضلة الوحيدة التي تشتكي منها السينما الوطنية، حيث يريدون أن يحولوا المغاربة كلهم إلى كتاب للسيناريو. واستطرد بوغابة أن هذا المهرجان مثل العديد من المهرجانات الأخرى بالبلاد ينظم عروضاً هامشية لملء فراغات المدينة، وليس بهدف سينمائي واضح، مضيفاً أنها مهرجانات لا تفكر في جعل السينما وسيلة ثقافية وتوعوية، ولو حملت في طيها الترفيه، بقدر ما تنظم "أعراساً"، وهو ما يصرح به أصحابها دائماً، وبالتالي فهي تُنظم وفق عقلية السوق بالمفهوم السلبي. وزاد المتحدث بالقول إن توظيف السينما في أغراض ذاتية وانتخابية وغيرها، وليس من أجل رؤية اجتماعية تضيف للمجتمع جديداً تجعله يفكر في مستقبل المرأة، يجعل النقاشات تزيغ عن موضوع المهرجان الأصلي، فتذوب في هوامش جانبية غير مفيدة إطلاقاً. وعاد بوغابة ليسجل وجود نقطة وحيدة تميز هذا المهرجان؛ هو اختياره موضوع المرأة تيمة رئيسة للمهرجان، وأن تكون لجنة تحكيمها مكونة فقط من المرأة، مشيراً إلى أنه إذا لم يقف هذا المهرجان عند هذه الإشكاليات وتقييمها، ومحاولة ضبط خط تحريره في اتجاه يخدم قضية المرأة من خلال السينما كإبداع، فلن يكون إلا رقماً قد يعصف به التاريخ.