بلغ عدد المواطنين المغاربة الذين تم ترحيلهم من ليبيا جراء الحرب التي اندلعت بين نظام القذافي والثوار سنة 2011، نحو 16 ألف مواطن. وعلم لدى الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنه تم خلال ذلك ترحيل حوالي 12 ألف مواطن على نفقة الدولة بتأطير من الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون وقنصليات المملكة المغربية بتونسوطرابلس وبنغازي وسفارة المملكة بمصر ومؤسسة محمد الخامس للتضامن وشركة الخطوط الملكية المغربية وغيرهم من الفاعلين في هذه العملية، في حين غادر حوالي أربعة آلاف مواطن الأراضي الليبية على حسابهم الخاص. وحسب توزيع المغاربة العائدين من ليبيا حسب آلية النقل وبلد العودة، بلغ العائدون عبر الباخرة من مصراتة وطرابلس وبنغازي 5888 شخص، وعبر الرحلات الجوية المنتظمة من طرابلس 3851، وعبر الرحلات الجوية الخاصة من جربه وسبها 1926، والعائدون عبر تونس 2400، وعبر مصر 322، وعبر دول عربية وأوروبية مختلفة 106. وفي ما يتعلق بالإجراءات والتدابير المتخذة لمواكبة مغاربة ليبيا، أشار المصدر إلى أنه تم تشكيل خلية أزمة بالرباط، حيث وعلى إثر تدهور الوضع الأمني في ليبيا تم في فاتح غشت 2014 تشكيل خلية أزمة بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، لتتبع أوضاع أفراد الجالية المغربية المتواجدين في ليبيا وتضم في عضويتها ممثلين عن عدة قطاعات وزارية معنية. وأبرز أن هذه الخلية تتكفل بالتنسيق مع المصالح الدبلوماسية والقنصلية للمملكة المغربية في ليبيا وتونس من أجل التدخل الاستعجالي ومساعدة المواطنين المغاربة، و تم وضع أربعة أرقام هاتفية رهن إشارة المغاربة المقيمين بليبيا وأفراد عائلاتهم بالمغرب لتمكينهم من متابعة تطور الوضع في هذا البلد. كما تقوم الخلية بدراسة آليات التدخل الكفيل بتأمين عودة المغاربة، وقد تلقت الخلية حوالي 1500 مكالمة هاتفية من طرف مغاربة متواجدين في ليبيا وأفراد أسرهم بالمغرب طلبا للمساعدة، وتمت طمأنة هؤلاء بتعبئة السلطات المغربية وكذا التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية المغربية في كل من ليبيا وتونس لمتابعة حالة المغاربة بهذا البلد، وتوفير الدعم والمساعدة اللازمين. كما تم تكثيف الرحلات الجوية المنظمة من طرف شركة الخطوط الملكية المغربية بين تونس والدار البيضاء وتوسيع الطاقة الاستيعابية للطائرات (طائرات من الحجم الكبير)، وتأمين ترحيل 152 مواطن خلال الأيام القليلة الماضية من تونس بتأطير من القنصلية العامة للمملكة المغربية، وبصدد تأمين ترحيل 91 مواطن نازح عبر تونس. وأكد المصدر أنه تم أيضا وضع خلية أزمة بطرابلس لاستقبال المواطنين المغاربة وتقديم المساعدة اللازمة إلى غاية 13 غشت، حيث تم استقبال 2500 طلب ترحيل بطرابلس، واستقبال 400 طلب ترحيل ببنغازي، وإعادة فتح مكتب الخطوط الجوية المغربية بطرابلس لبيع تذاكر السفر للراغبين في العودة إلى المغرب انطلاقا من مطار تونس- قرطاج. وتم كذلك فتح اعتماد مالي على مستوى القنصلية العامة بطرابلس لمساعدة الموجودين في وضعية صعبة، وتنسيق مصالح القنصلية العامة للمملكة بطرابلس مع مكتب الخطوط الجوية المغربية لشراء التذاكر من طرف 270 مواطن بأثمنة مناسبة وتنسيق عملية عبوره عن طريق معبر رأس جدير. وأضاف أن من بين الإجراءات المتخذة وضع خلية أزمة في رأس جدير من خلال لتتبع في المعبر الحدودي لرأس جدير (بمشاركة قنصليتا المملكة بطرابلس و تونس) وحماية ومساعدة أفراد الجالية، والتنسيق مع السلطات الليبية والتونسية بغرض تيسير عملية عبور مواطنينا العالقين بهذه النقطة الحدودية المتوفرين على تذاكر السفر والراغبين في العودة إلى المغرب انطلاقا من تونس. وهمت الإجراءات فتح ملحقة للخطوط الجوية المغربية بمعبر رأس جدير لإصدار تذاكر السفر للمغاربة الراغبين في العودة للمغرب عبر تونس، بأثمنة مناسبة تفاديا للمضاربات في الأسعار، وتأمين تنقل المغاربة صوب مطار قرطاج الدولي بتونس العاصمة، وفتح اعتماد مالي على مستوى القنصلية المغربية بتونس لتأمين تنقل وإيواء المغاربة بتونس قبيل الترحيل صوب أرض الوطن. وعلى مستوى الصعوبات التي تعيق تنظيم عملية الترحيل الجماعي من ليبيا، أكد المصدر على انعدام جاهزية الموانئ والمطارات الليبية، لإجراء رحلات منتظمة من طرف وسائل النقل المغربية الممكن اعتمادها جراء تدمير المنشأة الحيوية بالمطارات والموانئ، والاقتتال الدائم بين الفصائل الليبية للسيطرة على المنشأة الحيوية. ومن بين الصعوبات غياب سلطة مركزية للتنسيق معها في شأن تنظيم عملية إجلاء المواطنين المغاربة، وغياب نسيج جمعوي مغربي فاعل في المجال الاجتماعي لمساعدة القنصليات المغربية بليبيا لتأطير الجالية، و إغلاق الحدود في وجه النازحين الغير المتوفرين على تذاكر سفر، وبروز شبكات لبيع تذاكر سفر مزورة والنصب على الراغبين في العودة، وابتزاز بعض العائدين عبر الحدود وإجبارهم على أداء إتاوات لتسهيل العبور. وفي ما يخص الإجراءات المقترح اتخاذها في إطار اللجنة الوزارية المكلفة بالمغاربة القاطنين بالخارج وشؤون الهجرة لمواكبة إدماج العائدين من ليبيا، أكد المصدر على ضرورة مراجعة الاتفاقية الخاصة مع العمران بشأن توفير سكن اجتماعي بشروط تفضيلية للعائدين، وبحث إمكانية تخصيص منح دراسية للطلبة العائدين لتشجيعهم على الاندماج من جديد في المنظومة التعليمية. كما تهم هذه المقترحات الإدماج الصحي للعائدين الموجودين في حالة مرض مزمن أو المصابين جراء الحرب، وإدماج الأطفال العائدين في المنظومة التربوية الوطنية، وتسجيل الطلبة في الجامعات ومعاهد التكوين، وبحث إمكانية إحداث أقسام نموذجية للرقي بالمستوى التعليمي للتلاميذ العائدين ودعم مكتسباتهم في اللغتين العربية والفرنسية، وتبني مقاربة ترابية في مجال الإدماج المهني والاقتصادي للعائدين بتنسيق مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والجماعات الترابية والمنظمات الدولية. وكشف المصدر عن معطيات عامة حول الجالية المغربية القاطنة بليبيا، حيث كانت تقيم بليبيا جالية مغربية مهمة تقدر بأزيد من 100 ألف مواطن، وأنه تقلص عددها إلى حوالي 60 ألف مقيم، بعد اندلاع الثورة الليبية سنة 2011، وفرض نظام التأشيرة من طرف السلطات الليبية. وأبرز أن غالبية هؤلاء المغاربة يتمركزون في المناطق التابعة لنفوذ الدائرة القنصلية المغربية بطرابلس بنسبة تقارب 80 في المائة من مجموع القاطنين بليبيا، وأن هناك نسبة مهمة من النساء المغربيات المتزوجات بأجانب، وأنه تواجد بليبيا منذ تسعينات القرن الماضي جالية مغربية هامة، كيد عاملة ذات مهارات عالية. واعتبر أن الجالية المغربية تحظى بمكانة خاصة في قلوب الليبيين و باحترام و تقدير كبير، ساهمت في تقويته أواصر الأخوة بين مواطني البلدين، والتضامن الذي عبر عنه المغاربة بتقاسمهم محن الشعب الليبي. وعن الوضع العام بدولة ليبيا، اعتبر المصدر أنه تميز بعدم الاستقرار السياسي والانفلات الأمني منذ الإطاحة بالنظام السابق في أكتوبر 2011، حيث وصلت الحالة أقصى مداها إثر اندلاع مواجهات عنيفة بالأسلحة الثقيلة في 13 يوليوز 2014 بين ميليشيات تتصارع من أجل السيطرة على المنشئات الحيوية في العاصمة طرابلس. وأضاف أنه تميز باستمرار القصف العنيف والقتال في الشوارع الذي استمر لأكثر من شهر بين الفصائل المسلحة المتنافسة التي تسعى لانتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس والمناطق الحيوية بليبيا، واستعمال المطارات و الموانئ الليبية أصبح شبه مستحيلا، بسبب حالة الفوضى وسيطرة المليشيات المسلحة على المنشأة الحيوية.