قد يبدوا هذا الطرح بعيد المنال أو ضربا من التأمل و الخيال, و لكن الأوضاع السياسية الحالية المتأزمة التي تعيشها الأمة العربية الإسلامية هذه الأيام لا تبشر بخير أبدا, فالقادم يبدو أسوء و صعب التصديق و التقبل أيضا على ذوي القلوب الضعيفة. لقد راهن الإنقلابيون في مصر على كسر شوكة الثوار بتعذيبهم داخل السجون أو سحلهم و سجن عشرات الآلاف من مؤيدي الشرعية كما رهنوا على استسلام قيادات الإخوان المسلمين و غيرهم و خاصة الرئيس مرسي المنتخب , و لكن الذي حصل أن لا شيء تغير و لم ينسى الثوار ما جرى بل بدأت تدب في نفسهم كراهية ثقيلة تجاه الجيش المصري الذي يجب أن يكون بعيدا عن المزايدات السياسية. و غير بعيد عن مصر,فقد أصر المالكي طيلة فترة حكمه الماضية ,على إقصاء المكون السني من شتى ميادبن الحياة السياسية و الاجتماعية و صار يصف السنة, بأنهم أتباع نظام صدام البعثي مرة او الارهابيون الوهابيون مرة أخرى بالإضافة إلى إتهام دول خليجية بعينها بدعم التمرد في العراق,و كأنه كان يتلقى الاوامر من الخميني ,حتى حصل ما حصل و بدأ الان يحصد ما زرع من فتنة و تفرقة بين العراقيين, فها هم السنة الذين حاربهم باسم التطرف على مشارف بغداد حاملين من الأحقاد تجاهه و تجاه الشيعة ما لا يطيقه قلب بشر و منذرينه "بتصفية الحساب" ليس في بغداد بل في النجف و كربلاء و هذا لا يدل سوى على اقتتال طائفي بين السنة و الشيعة أساسه سياسة المالكي كما أشار الديوان السعودي مؤخرا بذلك داعيا لتكوين حكومة توافق وطني تشمل جميع مكونات العراق. و لكن دعونا من هذه الفرضيات و لنناقش فرضية الحرب العالمية الثالثة,ماذا لو إنتصرت "داعش" على جيش المالكي و انتقمت بالتالي من الروافض كما تسميهم ,ألا يستدعي ذلك تدخل إيران قسرا عن نفسها للدفاع عن شيعتها بالإضافة إلى "حزب الله" المنخرط أصلا في حرب سوريا؟؟؟ سيجر تدخل إيران الشيعية في العراق الويلات ثم الويلات على منطقة الشرق الأوسط ككل, فالمملكة العربية السعودية وقطر رغم حيادهما,الظاهري, عن القضية, لن يقفا مكتوفا الأيدي و هم الذين يظهرون النوايا ,مرارا, تجاه نظام فارس و المالكي. و يتوجسون منهما شرا أو كما يسمونه خطر الهلال الشيعي المدعوم من طرف أمريكا, و بالمثل "فروسيا" أيضا لن تقف متفرجة فيما سيحصل لا قدر الله و سترغب في حماية مصالحها النفطية في العراق و كردستان العراق, و إذن دون أن يدري العرب سيجدون أنفسهم ضمن حرب تدميرية قوية خصوصا و أن الجماعات الإسلامية مثل "داعش" و "النصرة" لا أمل لهما في الحياة الدنيا الزائلة الفانية, كما يصرحان بذلك فإن وقعت بأيديهم أسلحة ثقيلة او نووية فلن تتوانوا بقصف أي خطر يهدد كيانهم و لو كانت القوات الأمريكية أو الروسية.
إننا نأمل أن تسوى الأوضاع السياسية في وطننا العربي الإسلامي و لا نحبذ الحروب و ما يليها من قتل و تشريد و فقر و مجاعة ,و لكن الأوضاع الحالية في الوطن العربي الإسلامي لا تكذب و لا تصدق أيضا ,في الآن نفسه, فيوما ما سنستيقظ على هدير الصواريخ و المدافع في الشرق الأوسط, نتيجة سياسات بعض الحكام المتهورين تجاه شعبهم و نتيجة زرع الأحقاد و بث الفتنة و التفرقة بين أبناء الشعب الواحد, و إن ما حصل من ثورات مضادة في مصر و محاولة نسخها في ليبيا و اليمن لن يسلم أبدا ,لأن هذه الثورات ربت جيلا صعب المنال و صعب التقييد أو التأطير ففكره يتغير عدة مرات في اليوم الواحد وما أصرا عليه قد لا يظهره للعيان.