لقد أصبح الوضع الأمني بمدينة العرائش غاية في التعاسة والبؤس ومدعاة للحزن والأسى لما آل إليه بعد الاستفحال والانتشار المريع للانحراف والإجرام بكل أنواعه خاصة السرقات و الاعتداءات المتكررة على السلامة الجسدية للمواطنين وترويج المخدرات ، وتتابع سقوط ضحايا الاعتداءات يوما بعد أخر كان أخرها مقتل الشاب زهير و سقوطه صريعا بعد الاعتداء الشنيع الذي تعرض له من قبل احد المجرمين بحي جنان بيضاوة تلاها بعد ذلك وفي اقل من أربع وعشرين ساعة العثور على جثة فتاة في ربيعها العشرين كذلك وقد تم الاعتداء عليها بشكل فضيع بغابة الاوسطال ، مما يعد مؤشرا خطيرا عن مدى ما بلغه انعدام الأمن بالمدينة من تدهور مأساوي والانفلات الكبير الذي يشهده تدبير المجال الأمني المحلي . لينضاف ضعف تدبير المجال الأمني هو الأخر إلى خانة التسيب المستشري في دواليب الإدارة المحلية والى سلسلة الكوارث التدبيرية وضعف الحكامة التي ابتليت بها المدينة والإقليم على مستوى الصحة والسلامة والنظافة والتعليم والتشغيل والسياحة والثقافة والتربية والاقتصاد والمحافظة على البيئة و أدت إلى رسم الصورة القاتمة التي نعيشها اليوم على جميع الأصعدة ويعرفها الجميع خاصة أولئك الذين يمثلون الإقليم على المستوى البرلماني و كأن شؤون المواطنين الذين انتخبوهم لا تعنيهم من قريب أو بعيد . فبعد أن كانت مدينة العرائش يضرب بها المثل في الهدوء والسكينة والأمن مقارنة مع مثيلاتها من المدن المغربية أصبحت اليوم تصنف من بين المدن التي تعرف نشاطا إجراميا مكثفا بل وأصبحت بعض أحياءها نموذجا للفوضى الإجرامية حتى أن بعض ساكنتها فرضوا على أنفسهم منذ عهد بعيد حظر تجوال تلقائي بعد صلاة المغرب خشية على أنفسهم وأسرهم من التعرض للأذى من قبل المجرمين والمنحرفين . علينا أن نشير مرة أخرى إلى أن ناقوس الخطر قد تم دقه بالمدينة من زمن طويل وبصورة متكرر ومستمرة من قبل المواطنين و ناشطي المجتمع المدني لعل وعسى أن يجد الأذان الصاغية وان يثير ذلك في أنفس المسئولين الغيرة المواطنة والحمية الإنسانية لأداء واجباتهم وتصحيح سياساتهم على الأقل كي يتم إعادة الأمن للساكنة والمواطنين وضمان حقهم في السلامة والأمان بعد سلسلة من جرائم القتل البشعة والاغتصاب والسطو و السرقة بالإكراه التي عرفتها عدة أحياء أصبحت بمثابة بؤر سوداء قاتمة لنشاط المجرمين وإنتاج الانحراف السلوكي والإجرامي بل و لازالت تعرفها إلى حدود الساعة وتؤدي كل يوم إلى سقوط ضحايا جدد. لكن رغم ذلك فلا زالت دار لقمان على حالها ولازالت نفس الأخطاء التدبيرية ترتكب كما في الماضي بسبب ضعف الحكامة وضعف النجاعة والفعالية في إعداد سياسة أمنية محلية قادرة على مواجهة الجريمة والقضاء عليها . سقوط الضحايا الجدد عليه أن يفتح أعيننا جميعا على حقيقة الوضع بمدينتنا وان يدفعنا كمواطنين ومجتمع مدني إلى التحرك بقوة عن طريق كتابة العرائض والاحتجاج السلمي وتقديم المقترحات العملية في شكل مذكرات إلى المدير الإقليمي للأمن الوطني من اجل تفعيل أداء الشرطة الإدارية وتقوية وجودها في المدينة وتقوية دورها الوقائي للحيلولة دون وقوع الجريمة والحفاظ على الأمن والنظام العام وتكثيف وجود دوريات الشرطة في الأماكن و الأحياء التي شهدت ارتكاب جرائم الاعتداء والسرقة ومتابعة شكايات المواطنين ضحايا الاعتداء وعدم إهمالها و تمشيط المدينة وأحيائها للبحث عن الفارين من العدالة والقبض على تجار المخدرات واجتثاث تجارة المخدرات وأقراص الهلوسة التي تعد السبب الرئيس وراء ارتفاع معدلات ارتكاب الجريمة وكذلك رفع مذكرات إلى السيد وكيل الملك باعتباره رئيس الشرطة القضائية من اجل تسريع مسطرة تحريك الدعاوى العمومية في مواجهة الجانحين والمجرمين وتنفيذ سياسة زجرية قادرة على الردع كما انه من الضروري أن تتكاثف الجهود في إطار إستراتيجية متعددة الأبعاد لمواجهة أسباب الانحراف و إيجاد الحلول الملائمة وتنويع المقاربات بشكل تشاركي ومندمج بين المؤسسات الاجتماعية والمجتمع المدني والدولة من خلال ثلاثية التربية والتكوين – الإدماج – والعلاج ، وإيجاد الحلول الملائمة عبر المقاربة السوسيو اقتصادية لإدماج الشباب والمراهقين في النسيج الاجتماعي للحيلولة دون وقوعهم في براثن الجريمة والجنوح ، والمزاوجة بين العقاب و الإصلاح خاصة بالنسبة للجانحين الذين قضوا فترات العقوبة بالمؤسسات السجينة حتى لا يعودوا مرة أخرى لممارسة النشاط الإجرامي ، ذلك لان النسبة الكبرى من مرتكبي الجريمة بحسب إحصائيات غير رسمية هم في حالة العود وهذا يعني بشكل كبير فشل المؤسسة السجنية في لعب أدوارها الإصلاحية والتهذيبية و فشل منظومة العقوبة في أداء وظيفتها الزجرية وانتفاء تأثيراتها التربوية والعلاجية . على السلطات الأمنية المحلية والإقليمية عموما أن تقوم بدورها وواجباتها في حماية المواطنين وتوفير الأمن الاجتماعي و الإنساني وضمان الحق في الحياة كما تنص على ذلك مقتضيات الدستور المغربي حيث ينص الفصل 20 على أن (الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان،ويحمي القانون هذا الحق.) والفصل 21 الذي ينص على انه ( لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته ، تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.) من حقنا اليوم كذلك أن نطالب بإعداد سياسة جنائية محلية تتوافق و الاكراهات المحلية وارتفاع معدلات الجريمة و تتكامل مع السياسة الجنائية الوطنية وإستراتيجية مكافحة الجريمة وتفرض إيجاد تصورات جديدة لمفهوم الحكامة الأمنية وفق مبدأ سيادة القانون والشفافية والمساواة . من حقنا اليوم أن نطالب برفع كفاءة و فعالية رجال الشرطة وزيادة عددهم وتمكينهم من الخبرات والوسائل و الأدوات الضرورية لأداء مهامهم بالشكل المطلوب ومواجهة المخاطر التي تتربص بالأمن الاجتماعي وامن المواطنين وتقوية الوظيفة الوقائية للمؤسسة الأمنية وجهاز الشرطة باعتبارهما مؤسسات مواطنة تهدف إلى السهر على ضمان امن المواطن والوطن في احترام تام للمعايير المهنية والحقوقية .
من حقنا اليوم أن تتوفر مدينة العرائش وساكنتها على جهاز امني في المستوى المطلوب حتى تستعيد المدينة أمنها المسلوب وسكينتها المعتدى عليها وحتى يتم القضاء التام على الظواهر الإجرامية الرئيسة التي أصبحت تنتشر في شوارعها وأحيائها وحتى نحفظ أرواح ساكنتها من أن تذهب سدى ضحية للإجرام و الانحراف وانعدام الأمن .