قالت الخبيرة الفرنسية آن ماري إيدراك إن المغرب أبان عن مقاومة جيدة للأزمة الاقتصادية، وذلك من خلال حفاظه على التوازنات الكبرى، وإبقاء الدين الخارجي دون نسبة 25 في المائة من الناتج الداخلي الخام، فضلا عن انفتاحه على الخارج وتعزيز تنافسيته إضافة إلى تبنيه مشاريع استثمارية عمومية كبرى. وأضافت إيدراك، التي شغلت منصبي كاتبة الدولة الفرنسية في النقل (1995 - 1997) وكاتبة الدولة في التجارة (2008 - 2010)، في تقرير صدر مؤخرا بباريس، أنه يتوقع أن يحقق المغرب نسبة نمو تفوق خمسة في المائة سنة 2014 وهي السنة التي يرتقب أن يصل فيها الناتج الداخلي الخام هامشا رمزيا بقيمة مائة مليار دولار، مشيرة إلى أن صندوق النقد الدولي أبقى على خطه الائتماني البالغ ستة مليارات دولار. وأفاد التقرير بأن المغرب حافظ أيضا على ثقة المانحين الدوليين في اقتصاد المملكة، مشيرا إلى أن أحد التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى في البلاد تكمن في إصلاح نظام دعم الأسعار الذي يؤثر سلبا على الحسابات العمومية (20 في المائة من النفقات العمومية و5 في المائة من الناتج الداخلي الخام). وأضافت الخبيرة الفرنسية، من جهة أخرى، أن المغرب فتح اقتصاده على نحو مليار مستهلك بفضل التوقيع على خمسين اتفاقا للتبادل الحر خاصة مع الاتحاد الأوروبي الذي منح المملكة سنة 2008 "وضعا متقدما" ينص على اندماجه في السوق الداخلي الأوروبي عبر العمل على انسجام التشريع المغربي مع نظيره الأوروبي، مبرزة أن المملكة شرعت مؤخرا في مفاوضات مع كندا والمجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا والتي قد تتوج بإقامة شراكات استراتيجية قد تشمل التبادل الحر. وسجل التقرير أن المبادلات الخارجية تحتل مكانة هامة في الاقتصاد المغربي، موضحة أن الصادرات المغربية تشمل أساسا أربعة أنواع من المنتوجات تتمثل في الفوسفاط ومشتقاته والنسيج ومنتجات الفلاحة والمكونات الالكترونية. وقالت الخبيرة الفرنسية إن المغرب عمل، خلال العشرية الأخيرة، على تنويع المنتجات المصنعة، لكنها أشارت مع ذلك إلى أن الميزان التجاري لا يزال يعرف عجزا وأن معدل تغطية الواردات بالصادرات يتحسن ببطء جراء تأثير واردات البترول والقمح على الخصوص. وأوضحت، في هذا السياق، أن السياسات الداعمة للاستثمارات الوطنية والأجنبية ترمي إلى تجاوز هذه الوضعية، مؤكدة أن السلطات المغربية تبحث عن شركاء جدد خارج الاتحاد الأوروبي الذي يمثل نحو ثلثي المبادلات. واعتبرت الخبيرة الفرنسية أن مفتاح صمود الاقتصاد المغربي في وجه الأزمة يكمن في الشرعية غير المنازع فيها للملكية والتفاف المغاربة حول شخص الملك الذي يعد حامي المملكة وضامن استقرارها. وذكرت بهذا الخصوص بمشاريع الإصلاح التي تم إطلاقها في نهاية سنوات التسعينيات والتي استهدفت التحديث الاقتصادي والسياسي، مشيرة إلى أنه يتعين بذل المزيد من الجهود من أجل رفع التحديات الاجتماعية في مجالات التعليم وتشغيل الشباب والولوج إلى الخدمات الصحية والسكن.