من المعروف أن العنف الجنسي والاغتصاب من سمات الحروب، وخاصة في الدول الفقيرة، وقد تجري تلك العمليات بشكل منظم وواسع النطاق، كما قد تقع بشكل فردي، ولكن الظاهرة التي لم تلتفت إليها التقارير الدولية إلا مؤخراً، هي واقع تزايد حالات الاغتصاب التي تنفذها نساء تحت تهديد السلاح. وتجلس ماريا، وهي إحدى ضحايا عمليات اغتصاب النساء للنساء، في ركن مظلم من منزلها الذي تعيش فيه مع أولادها الستة، وهي مازالت تعيش في ظروف نفسية صعبة منذ تعرضها للحادث قبل أشهر، عندما كانت في طريقها إلى قرية نائية بالكونغو، مستخدمة إحدى الحافلات المحلية. وتقول ماريا إن الحافلة تعطلت يوم الحادث في طريق وعرة تقع في وسط الأدغال، ما حال دون وصولها إلى بلدة "واليكال"، فاضطرت إلى انتظار وسيلة نقل على الطريق، ولكن مجموعة مسلحة اعترضت طريقها. وتتابع ماريا قائلة: "المجموعة المسلحة كانت مكونة من النساء، فاعتقدت أنني بأمان، ولكن اتضح أنهن تراهنوا مع الرجال في المجموعة على هوية من سيفوز بي، وكنت من نصيب النساء... نظرت المسلحات إلي وسألنني عن سبب سمنتي، وقلن لي إن علي البقاء في الأدغال معهن حتى أصبح نحيفة." وأضافت المرأة الكونغولية روايتها المذهلة بالقول: "فجأة قامت إحداهن بوضع يدها على جسمي، بينما دست الأخرى أصابعها في أعضائي الحساسة لتبدأ رحلة من العذاب الجسدي والنفسي." وبحسب رواية ماريا، فقد اضطرت إلى تلبية الرغبات الجنسية للمسلحات لأربعة أيام متتالية قبل أن تصاب بالنزيف، وقد رغبت المسلحات بقتلها، ولكن الرجال في المجموعة رفضوا ذلك، وقاموا بإطلاق سراحها بعد تسعة أيام. ورغم معرفة المجموعات المتخصصة بالأبحاث بمدى انتشار العنف الجنسي في الصراعات المسلحة، إلا أن ظاهرة اغتصاب النساء للنساء غير ملحوظة بالشكل المطلوب. وتشير بعض الدراسات إلى انتشارها بشكل يفوق المتوقع، إذ تقول الباحثة لين لوري، إن نتائج دراسة ألف حالة لضحايا العنف في شرق الكونغو أظهرت انتشار تلك الظاهرة. وبحسب لوري، فقد جرى الطلب من ضحايا الاغتصاب تحديد جنس المعتدين، فاتضح أن 40 في المائة من النساء وعشرة في المائة من الرجال تعرضوا للاغتصاب والاعتداء الجنسي من نساء، وقد شكك البعض بنتائج الدراسة في البدء، لكن محللين قالوا إن المشككين يشعرون في الواقع بالذهول تجاه هذه الحقائق الصادمة. ومازالت القضية من الأمور التي يتكتم المجتمع الكونغولي عنها، وجميع الضحايا اللواتي تحدثن لمجلة "تايم"، الشقيقة لCNN، عرضن شهاداتهن للمرة الأولى، وتشير الشهادات إلى أن عمليات الاغتصاب التي تنفذها النساء كانت تتم باستخدام عصا أو موزة أو قارورة مياه أو حتى خناجر. وسبق أن وقعت حالات اغتصاب وعنف جنسي من قبل نساء في دول أفريقية أخرى، كما في رواندا، التي أدانت المحكمة الدولية المختصة بالنظر في الجرائم الواقعة فيها وزيرة سابقة، هي بولينا نيراماسيهوكو، بجرم المشاركة بأعمال اغتصاب، كما سجلت حالات مماثلة في ليبيريا وهايتي وسيراليون وأيرلندا الشمالية وسريلانكا.