نشرة خاصة: تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية يومي السبت والأحد بعدد من أقاليم المغرب    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    أمن الناظور يوقف مصابا في حادث سير فر من سيارة الإسعاف    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الهمجية في قطاع غزة إلى 45227 قتيلا    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    لشكر في مؤتمر الأممية الاشتراكية: إفريقيا تقدم نموذجا للتحدي والأمل.. وعلى الدول أن تعترف بفلسطين    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون تصريحات عزيز غالي بخصوص قضية الصحراء المغربية    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    القوات الملكية الجوية المغربية تعزز قدراتها بأسلحة دقيقة جديدة    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    سابينتو يغادر الرجاء…ومدرب مؤقت يشرف على قيادة الفريق    أحر التعازي في وفاة والدة أخينا الكريم السيد محمد بولخريف    عامل الحسيمة يترأس مراسيم المشاركة في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة    في اتصال هاتفي.. ولي العهد السعودي يطمئن على صحة الملك محمد السادس        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    "هيركوليس" تقرر عدم حضور مباراة فريقها اتحاد طنجة أمام الدفاع الحسني الجديدي        إيطاليا تغرّم "تشات جي بي تي" 15 مليون أورو بتهمة انتهاك خصوصية البيانات    الملك محمد السادس يتلقى اتصالا هاتفيا من ولي العهد السعودي    التوفيق: وزارة الأوقاف تعمل حاليا على ترجمة معانى القرآن الكريم إلى الأمازيغية    وزيرة المالية تعترف بعدم انخفاض أسعار المحروقات في المغرب بمستوى الانخفاض العالمي في 2024    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الأمن يرفع مستوى اليقظة في برلين    اجتماع بوزنيقة.. الأطراف الليبية تتفق على تشكيل حكومة موحدة    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    إعادة تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. مفاهيم مؤسسة وسردية تاريخية    بوزوق ينفصل عن الرجاء بالتراضي    العازف سفيان بامارت.. حين تلتقي الأناقة بالعاطفة في تناغم موسيقي فريد    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    زينب أسامة تطلق أغنيتها الجديدة "حدك هنا"...    أخنوش يُشرف على توقيع اتفاقية لتطوير المحطة السياحية "موكادور" بالصويرة    تطوان: معهد سرفانتس الإسباني يُبرز تاريخه ويعزز جمالية المدينة    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كمموا الأفواه.. كسروا الأقلام..
نشر في أخبارنا يوم 23 - 05 - 2011

في إطار حرية الرأي والتعبير، فإن الفيلسوف جون ستيوارت ميل John Stuart Mill هو من أوائل من نادوا بحرية التعبير عن أي رأي مهما كان، حيث قال:
«إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا، فإن إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة».
وقال أحد المدافعين عن حرية الرأي والتعبير: إذا سألني أحدهم بماذا يمكن أن نتعرف على الأسس الصحيحة للدولة الديمقراطية؟ فسأجيب: باحترامها لحقوق الإنسان، خاصة حرية الرأي والتعبير المخالف والمعارض.
وكتب أحد الحقوقيين قائلا: نحن نحيا حياة بلا حرية وننوء بأعباء غير طبيعية ونعاني عبء نظام لا يقبل النقد والمعارضة إذا كانت تضايق جهة متسلطة في المجتمع، فأين قيمتنا كبشر، إننا نعيش حياة غير آدمية فبالأحرى إنسانية.
إن الناس في حاجة إلى حرية الرأي والتعبير عن الأفكار وإلى المناقشات مختلفة الألوان والمشارب والحساسيات من أجل تبادل الآراء والتواصل للتوصل إلى قرارات رصينة قائمة على المعرفة لتسيير وتدبير شؤون الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية والبيئية.
فلا بد من تعدد الآراء واختلافها وتنوعها ولا بد من مؤيدين ومناصرين ومناهضين ومعارضين، وهذه سنة الحياة في الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مصداقا لقوله تعالى في الآية 118 من سورة هود»، «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين».
إن حرية التعبير والرأي، وخاصة بالنسبة إلى الصحفي، توجب عليه أن ينشر الإخلالات وأعمال الفساد التي تسود في الأجهزة والمؤسسات وفي البلاد بشكل عام، خاصة وأن هذه الأعمال والإخلالات التي يقوم بها المفسدون في الأرض أصبحت معروفة ومتداولة بفضل وسائل الاتصال المختلفة، كالفضائيات والأنترنيت والصحافة الإلكترونية وجميع وسائل التكنولوجيا الحديثة، وكذلك بفضل التقارير الدولية المنجزة من طرف المنظمات الحقوقية، الوطنية والدولية، وأصبحت أعمال المفسدين غير خافية على المواطن العادي الذي خرج مع حركة شباب 20 فبراير ليقول بصوت عالٍ في مسيرة سلمية: لا للفساد وللمفسدين. فضلا عن كون حرية التعبير من حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في القانون الدولي. وسأذكر هنا، على سبيل المثال لا الحصر، بعض مقتضيات القانون الدولي التي تنص على حرمة وحرية الرأي والتعبير، فقد نصت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود والجغرافية».
كما نص العهد الأممي للحقوق المدنية والسياسية في المادة 19 على أن لكل إنسان الحق في اعتناق ما يشاء دون مضايقة، ولكل إنسان الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين في أي قالب وبأي وسيلة يختارها، ودون اعتبار للحدود.
وقد جاء في التقرير الخاص للأمم المتحدة حول حرية الرأي والتعبير أن هذه الأخيرة تتضمن الوصول إلى المعلومات التي تحتفظ بها الدولة، وتلقى التزامات إيجابية على الدول لضمان الوصول إلى المعلومات.
كما جاء في الميثاق العربي لحقوق الإنسان أنه يضمن الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير، وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة، ودون اعتبار للحدود الجغرافية. ناهيك عن كون الكثير من الدساتير الدولية نصت على حماية حرية التعبير والرأي، ومنها ما جعل لها قيودا وحدودا، ومنها ما تركها حرة بدون قيود وحدود.
فالدستور الفرنسي نص على حرية التعبير والرأي، على ألا يكون داعيا إلى الحقد والكراهية لأسباب عرقية أو دينية.
ونص القانون الأساسي الألماني، الذي يسمى Grundgesetz، في بنده الخامس، على حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير، ورسم حدودا مماثلة للقانون الفرنسي تمنع خطابات الكراهية ضد العرق والدين، ومنع استعمال الرموز النازية، مثل الصليب المعقوف.
وفي نفس الإطار، نص الدستور البولندي على حرية التعبير، على ألا تتناول الكنيسة الكاثوليكية ورئيس الدولة، وفي هذه الحالة يعاقب مرتكب هذا الفعل بالحبس لمدة 6 أشهر.
وفي هذا الباب، يحمي القانون الكندي حرية الرأي والتعبير ما لم تتضمن خطابات وأفكار الكراهية ضد أي مجموعة دينية أو عرقية وتمنع الأفكار أو الكلام أو الصور الجنسية المسيئة إلى الأخلاق.
بل إن الدستوبل إن الدستور المغربي يضمن حرية الرأي والتعبير بجميع أشكاله دون أن يضع له قيودا أو حدودا إلا الثوابت المعروفة والتي لم يمس بها في شيء المناضل المعتقل، اللهم إذا اعتبرنا أن الأشخاص الذين أشار إليهم السيد رشيد نيني في مقالاته أصبحوا من مقدسات وثوابت هذه البلاد.
ولا بد من التذكير بأن الشريعة الإسلامية في مصدريها الرئيسيين، القرآن والسنة، نصت على حرية الرأي والتعبير. ويكفي رجوع أي متفحص لمركز حرية الرأي والتعبير في القرآن الكريم والسنة النبوية إلى هذين المصدرين الرئيسيين، فسيصاب بلا شك بنوع من الاندهاش والاستغراب لإطلاق وتوسيع هامش حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير.
فالمرجعية الإسلامية تعتبر أن غياب حرية الرأي والتعبير يحدث خللا في أي مجتمع، وبالتالي فالمسلم مطالب بعدم كتمان الشهادة السياسية والاجتماعية والقضائية وفق ما جاء في الآية 283 من سورة البقرة: «وَلا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثمٌ قلبُه وَاللهُ بما تعملون عليم».
وفي هذا المجال، أقر القرآن الكريم بتعددية الآراء وتنوعها، حيث قال سبحانه في الآية 118 من سورة هود السالف إيرادها أعلاه: «ولو شاء ربك لجعل النَاس أمة واحدة ولا يزالونَ مختلفين».
وانسجاما مع هذه الآية، فالاختلاف بين البشر ليس أمرا طبيعيا فحسب، بل هو أمر إيجابي أيضا، والرأي المخالف أو المعارض يغني دائما النقاش وينور الفكر ولا يجب أن يكون سببا للعداوة والبغضاء وإقصاء الآخر والانتقام منه إلى حد سجنه وكسر قلمه. كما أقر القرآن الكريم بأن يتمتع المجتمع، رجالا ونساء، بالحرية في التعبير عن آرائهم ومواقفهم، وفق ما جاء في الآية 71 من سورة التوبة : «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر».
كما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع لا يقتصر على الأمور الدينية والعبادات والعقائد، بل على كل النشاط الإنساني في التفكير والنقد والمعارضة والتقييم في شؤون السياسة والثقافة والاقتصاد وغيرها.
ولنا كمسلمين في الرسول الكريم والصحابة الراشدين الإسوة والقدوة الحسنة في احترام الرأي الآخر المناهض والمعارض.
ويذكر كذلك أن السيرة النبوية مليئة بالاعتراضات، التي صدرت بالحق أو بالباطل، على مواقف وتدابير اتخذها الرسول صلى الله عليه وسلم، وسمح لكل من شاء أن يقول ما شاء، سواء من المؤمنين أو المكذبين له، ولم يزجر ولم يعاقب أحدا على رأي مخالف، ولم يعترض على أي رأي بالرغم أن هذه الآراء المناهضة كانت أحيانا تتسم بالخشونة، بل تعامل معها بالرفق والصفح وسعة الصدر.
وفي نفس السياق، رُوي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه كان في مجلس ونبهه أحد الرجال من بطانته إلى بعض عيوبه وأخطائه، فنهض أحد المؤيدين غاضبا في وجه المنتقد، إلا أن أمير المؤمنين أسكت غضبه قائلا: بل دعه ينبهني إلى عيوبي وأخطائي، مضيفا: الحمد لله الذي لا زال بيننا من يملك شجاعة تنبيهنا إلى عيوبنا وتصحيح اعوجاج أنفسنا، ولم يقم لا بقتل الرجل المعارض ولا بسجنه ولا بإسكات صوته وتكميم لسانه ولا بالانتقام منه والحقد عليه، بل شجعه وأثنى عليه.
فأين نحن من هؤلاء الرجال العظام؟ فالسيد رشيد نيني عندما عبر عن آرائه لم يمس في شيء بالثوابت المنصوص عليها في الدستور، بل نشر أخبارا عن بعض الأشخاص الذين ليسوا من الثوابت وليسوا أشخاصا مقدسين لا يجب أن تنتهك حرمتهم وليسوا فوق القانون، بل هم أناس ملكوا سلطة التحكم في البلاد والعباد، وبالتالي فمن باب احترام حق حرية التعبير والرأي وجب نشر تجاوزاتهم وإخلالاتهم التي تضر بالبلاد والعباد. ويدخل كل هذا في باب: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده أو بلسانه وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.


بقلم - الدكتورة نجاة الكص
(محامية ونائبة رئيس جمعية الدفاع عن استقلال القضاء)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.