قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إن رفض مجلس العموم البريطاني القيام بعمل عسكري في سوريا لن يؤثر على رغبة فرنسا في التحرك لمعاقبة حكومة الرئيس بشار الاسد بعد هجوم بالأسلحة الكيماوية أودى بحياة مئات المدنيين. وأضاف أولوند في مقابلة مع صحيفة لوموند أنه يؤيد القيام بتحرك عقابي حازم بسبب الهجوم الذي قال أنه ألحق ضررا لا يمكن علاجه بالشعب السوري. ومضى يقول إنه سيتعاون عن كثب مع حلفاء فرنسا. وقالت مصادر دبلوماسية إنه في الوقت الذي يمثل فيه غياب بريطانيا عن اي تدخل انتكاسة قد تسهم في مضاعفة تحفظات الرأي العام الفرنسي بشأن ضرب سوريا فربما يشعر اولوند الآن بان عليه واجبا أقوى لتنفيذ وعد بمعاقبة مرتكبي الهجوم بالغاز السام. وقال اولوند للصحيفة "لا يمكن ويجب ألا تمر المجزرة الكيماوية في دمشق دون عقاب. والا واجهنا خطر تصعيد من شأنه التهوين من استخدام مثل هذه الاسلحة مع تعريض دول أخرى للخطر." وحين سئل هل يمكن أن تتحرك فرنسا دون بريطانيا أجاب اولوند "نعم.. كل دولة حرة في المشاركة او عدم المشاركة في عملية ما. وهذا ينطبق على بريطانيا مثلما ينطبق على فرنسا." وأيدت فرنسا وهي الدولة التي كانت تحتل سوريا المعارضة المسلحة منذ بداية الحرب في سوريا لكنها تخشى من امتداد العنف المتزايد إلى لبنان حيث يوجد لديها أقوى علاقات سياسية واقتصادية في المنطقة. وهناك حوالي 20 ألف فرنسي يعيشون في لبنان ولديها العديد من الشركات التي تعمل هناك وقوة لحفظ السلام قوامها حوالي 800 جندي. وتقول مصادر دبلوماسية إن باريس تخشى من أن قوات الأسد قد تهاجم مصالحها هناك ردا على الهجمات. وخلافا لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون - الذي خسر يوم الخميس تأييد البرلمان في بلاده لتدخل عسكري لمعاقبة الأسد - فإن أولوند بوسعه أن يتصرف من تلقاء نفسه قبل نقاش سيجري يوم الأربعاء القادم في البرلمان حول هذه المسألة. وقال اولوند - الذي سيتحدث هاتقيا إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الجمعة - إن فرنسا لديها "كومة من الأدلة" وإن قوات الأسد تقف وراء الهجوم بالغاز السام الأسبوع الماضي. وقال "أرى أنه لا بد من اتخاذ إجراء عقابي ضد نظام يلحق ضررا بشعبة لا يمكن علاجه ." وقال إن فرنسا لن تتخذ اي قرار الا اذا كانت الظروف تبرر مثل هذا القرار وإن أي رد سيكون حازما ومتناسبا. وتابع "هناك دول قليلة لديها القدرة على إنزال عقاب بوسائل ملائمة. فرنسا إحداها. نحن مستعدون وسنحدد موقفنا من خلال الاتصال الوثيق بحلفائنا." ومن المرجح أن ترسل فرنسا مقاتلات رافال وميراج المزودة بصواريخ سكالب جو - أرض من كورسيكا في البحر المتوسط. واصبحت فرنسا وبريطانيا حليفتين دبلوماسيتين وثيقتين في السنوات التي اعقبت اختلافهما بشأن الانضمام الى الحرب التي قادتها واشنطن على العراق عام 2003 وقامتا بالتنسيق بينهما في العمليات الدفاعية. ووقف كاميرون جنبا الى جنب مع نيكولا ساركوزي - سلف اولوند - قبل عامين عندما شنت دول اعضاء في الاتحاد الاوروبي ضربات جوية ضد قوات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لمنعه من سحق انتفاضة للمعارضة. وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن باريس كانت تتوقع رفض البرلمان البريطاني مشاركة لندن في عملية عسكرية بسوريا ورغم خيبة امل باريس من موقف لندن الا ان ذلك قد يعزز من اصرار فرنسا على مشاركة الولاياتالمتحدة في أي عمل. وقال مصدر دبلوماسي رفيع لرويترز "لم تكن مفاجأة ان يخسر كاميرون الاقتراع الا انها جعلت قرار اولوند اكثر تعقيدا... هناك عدة محددات يجب اخذها في الاعتبار. انه ليس قرارا سهلا لانه لا توجد أي اجابة صحيحة." وقال إن فرنسا لم تحدد بعد مسارا للعمل لكنها ترى ان عدم التحرك يرسي سابقة خطيرة. وقال فرانسوا ييسبورج وهو مستشار في مؤسسة البحوث الاستراتيجية ومستشار سابق في وزارة الدفاع إن فرنسا تنتظر الآن أن تنشر الحكومة الأمريكية التقييم الذي أجرته المخابرات للهجوم بالأسلحة الكيماوية. وأضاف "الأمريكيون سينشرون الأدلة التي لديهم بعد ظهر اليوم. وستحدد (الأدلة) ما سيقوله أوباما وهو سيطلق العنان لدعاة الحرب سواء بشكل سري أو علني."
وأظهر استطلاعان للرأي نشرا هذا الأسبوع وأجريا بعد الهجوم بالأسلحة الكيماوية في دمشق فتورا في تأييد الناخبين الفرنسيين للتدخل العسكري في سوريا.