"بوريل" الشراكة مع المغرب تحضى بالقيمة الكبيرة    جماهري يكتب: مستجدات الخطاب الملكي    أزيد من 3 ملايين مسافر عبروا الموانئ المغربية خلال عملية مرحبا    آيت الطالب يعلن عن قائمة جديدة من الأدوية التي سيتم خفض أسعارها            الوزير بنسعيد: إذا لم يشعر الشباب المغربي بالثقة سنعيش مجددا ما رأيناه في الفنيدق    إصابة لامين جمال تربك حسابات برشلونة قبل قمتي بايرن ميونيخ وريال مدريد        رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي: بلادنا تتطلع إلى الارتقاء بعلاقاتها مع المغرب إلى مستويات أعلى    بعد 10 سنوات زواج...طلاق فرح الفاسي وعمر لطفي    فيضانات تازة تودي بحياة سيدتين وتخلف خسائر مادية جسيمة    انقلاب حافلة النقل المدرسي يرسل 20 تلميذا لمستعجلات سيدي قاسم    تعزيز التعاون البرلماني في صلب مباحثات الطالبي العلمي مع رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي        "البام " يرشح إبن برلماني من "الأحرار" لخوض غمار الانتخابات الجزئية بخريبكة    الكاتب العام لعمالة إقليم الناظور يترأس الذكرى 26 لوفاة الملك الحسن الثاني    تحذير من أمطار عاصفية هذا اليوم    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء – سطات تطلق عملية واسعة النطاق لتنقية شبكة التطهير السائل بالجهة    تعليق الدراسة اليوم في مدارس العالم للقروي بورزازات بسبب الأمطار الطوفانية    مجلس المالكي يُؤكد سطوة الخيار الفرنسي على التعليم باتفاقيات جديدة للشراكة    ناشط بارز ب"حراك الماء" في فكيك يغادر سجنه    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مصحوبة بحبات البرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الإثنين    عجز الميزانية بالمغرب يتراجع إلى 26,6 مليار درهم عند متم شتنبر (الخزينة العامة للمملكة)    دولة إفريقية تعلن تسجيل أول حالتي إصابة بفيروس جدري القردة    مناورات بحرية مشتركة بين المغرب وبريطانيا قبالة سواحل طنجة    هزالة الأجر ومدة التعاقد وقضايا أخرى تدفع الأطباء المقيمين والداخليين للإضراب    "لوموند": المغرب لديه "أكبر مسرح" في إفريقيا كلف بناءه 200 مليون أورو لكنه مغلق    فيلم "تيريفاير 3" يتصدر شباك التذاكر    دارون أسيموغلو وسيمون جونسون وجيمس روبنسون يفوزون بجائزة نوبل للاقتصاد لعام 2024    ماريا نديم تظهر لأول مرة مع مولودها وتكشف عن إحساسها بالأمومة (فيديو)    هذا موعد الدورة المقبلة من مهرجان موازين إيقاعات العالم    تراجع أسعار النفط بفعل مخاوف بشأن الطلب في الصين    دراسة: تناول كميات طعام أقل قد يكون له تأثير إيجابي على متوسط العمر المتوقع        الكاف يحدد موعد انتخاباته الرئاسية    عامل إقليم الفقيه بن صالح محمد قرناشي يترأس الذكرى السادسة والعشرين لوفاة المغفور له الحسن الثاني بمسجد السلام حي نزهة 1.    "غلوري" توقف المقاتل جمال بن صديق بسبب المنشطات    ترتيبات جديدة تنظم "إسعاف السفر"    حزب الله يستهدف ثكنة في وسط اسرائيل    "الفوارق في الثروة" تفوز بنوبل الاقتصاد    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مركز توزيع أغذية في جباليا        جامعة كرة القدم تكرم لاعبين دوليين بالمنطقة الشرقية    المعهد المغربي للتقييس يخلد اليوم العالمي للتقييس    رحيل المفكر اللبناني مصطفى حجازى صاحب كتاب "سيكولوجية الإنسان المهدور" عن عمر ناهز ال 88 عاما    قتلى وإصابات خلال قصف حزب الله لإسرائيل    السلاح النووي والصراع بين إسرائيل وإيران يدقان ناقوس الخطر في المنطقة    توقيف شخص مسلح قرب تجمع انتخابي لدونالد ترامب    من التصيد إلى الاحتيال .. هكذا تحمي نفسك في العالم الرقمي    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    أول عملية مغربية لتجميد مبيض تحفظ خصوبة شابة تواجه سرطان الدماغ    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى المولد النّبويّ وعاء المديح النّبويّ
نشر في أخبارنا يوم 16 - 09 - 2024

المديح فنّ من فنون الشعر الغنائيّ يقوم على عاطفة الإعجاب، ويعبّر عن شعور - تجاه فرد من الأفراد، أو جماعة أو هيئة- مَلَكَ على الشاعر إحساسه، وأثار في نفسه روح الإكبار والاحترام لمن جعله موضع مديحه. وفي هذا الفنّ من الشعر تعداد للمزايا الجميلة، ووصف للشمائل الكريمة، وإظهار للتقدير العظيم الذي يكنّه الشّاعر لمن توافرت فيهم تلك المزايا وعرفوا بمثل هاتيك الصفات والشمائل.
ويعتبر المديح من الفنون القديمة قدم الإنسان، وقد عرف تطورا خلال العصور، وفي العصر الجاهلي عُدَّ المديح من أبرز الفنون عند العرب على الإطلاق حيث "بدأ المديح في الجاهلية شعراً يقال في مناسبات لا يستطيع المال أن يفيها حقها. فكان إقرارًا بفضل أو إمعانا في شكر أو تقديراً لموقف، وكان الشاعر يجد نفسه منساقا إلى التعبير عن مشاعره دون أن يبتغي جزاء أو معروفا وكأنه شاهد حق، وكان الناس يأخذون شعره دليلا يتناقلونه للتأكيد على قرب الممدوح من الفضيلة أو ابتعاد المهجو عنها. وكان الشعر الجيد من هذا المديح يتحول إلى أمثال سائرة يتناقلها الناس جيلًا عن جيل"
ولما جاء الإسلام خفت الشعر بصورة عامة، عدا شعر الكافرين الذين راحوا يناضلون الرسول صلى الله عليه وسلم، فاضطر النبي عليه السلام إلى الرد عليهم بسلاحهم، فكان حسان بن ثابت من الشعراء الذين تبعوه ووقفوا إلى جانبه مدافعين عنه وعن الدين الجديد. وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر واستنشده وأناب عليه، وأنشد في مسجده على منبره، وقال لحسان: "اهج قريشاً ‌ومعك ‌روح ‌القدس".
وقد رفض النبي أن يمدحه الشعراء إلا بما يتصف به ويدعو الناس إلى اعتناقه، من فضائل تصب في خدمة الدين ومصلحة الرسالة التي نذر نفسه لأدائها، فالمديح مقبول برأي النبي صلى الله عليه وسلم ما دام صادقا ويرمي إلى غاية سامية، وما دام لا ينجم عنه إلا الخير" أما غير ذلك «احْثُوا ‌فِي ‌وَجْهِ ‌الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ» .
وتختلف أنواع المديح باختلاف الممدوحين حيث نجد هناك المديح الديني، ومديح الملوك والخلفاء، ومديح الأمراء والوزراء والوجهاء، ومديح العلماء والأدباء، ومديح الأوطان والبلدان، ونقف هنا عند نوع المديح الديني حيث نجده أيضا يتنوع إلى مدح الله عز جلاله، والمديح النبوي، ومديح آل البيت...
لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وأشرق نور دعوته على جزيرة العرب، ولِما خصّه الله به من خصائص لم توجد فيمن قبله من الأنبياء، وظهور آثار أخلاقه وشيمه بين الناس حيث كان قرآنا يمشي بينهم، تعلق به أصحابه وأحبوه حبا خالصا، فكان أحب إليهم من أنفسهم، وكل من رآه إلا وأحبه، ومن ثم كانوا يتحدثون عن أوصافه وشمائله وأخلاقه نثر وشعرا، فدونك حديث أم معبد، وقصيدة كعب بن زهير "بانت سعاد" وقصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه في مدح المصطفى عليه السلام.
و«نجد أن ‌المديح ‌النبوي، ‌هو في بدايته قسم من المديح العام الذي عرف في أدبنا العربي، ولكنه انفرد عنه، لأنه مخصّص لسيد البشر، ولأن الممدوح يفترق عن عامة الناس، ولأن كل ما يرد في المدحة النبوية يلتزم نهجا خاصا في التأدب والسمو، لا نجده في المدائح الآخرى.
وافترق المديح النبوي عن الرثاء، بعد أن تطاول الزمن على وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد أن اتجه الشعراء نحو الإشادة بفضائله الكريمة وشمائله العطرة، وأفعاله المباركة، دون التعرّض للحزن والأسى، وهما من خصائص الرثاء، وبعد أن استقر في أذهان الشعراء تواصل حياة النبي المصطفى، اتسع نطاق المديح النبوي طلبا للمغفرة والرحمة، وتحقيقا لأهداف مختلفة أرادها الشعراء من وراء تسابقهم إلى المديح النبوي.»
وها هي كتب الأدب حبلى بأمداح نبوية لا تبلى، قصار ومطولات، فما من عالم أو شاعر مسلم مطبوع ومحب إلا وله في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم مدحة، لا فرق في ذلك بين بقاع الإسلام مشرقها ومغربها.
وأضحت الموالد النبوية وعاء هذا المديح النبوي حيث اشتهر بفضل تعظيم مولده والذي بدأ في المشرق «وانتقلت إلى المغرب والأندلس على يد أبي العباس العزفي بسبتة، فكان يعقوب المريني أول من احتفل به في المغرب، ثم انتقل هذا الرسم إلى الأندلس»
قال في المرشد: «وكم مدح النبي صلى الله عليه وسلم نظمًا ونثرًا من أئمة أمته من الصحابة فمن بعدهم، سادات أجلاء الواحد منهم أكثر أدبًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة بما يليق به من ملء الأرض مثل المتنبي وأمثاله، ولكن السبب الصحيح الذي أراه لعدم مدحهم له عليه الصلاة والسلام أن مدحه من جملة الطاعات والعبادات فيحتاج للتوفيق من الله تعالى للعبد حتى يتيسر له فعله، وهؤلاء وأشباههم لم يوفقوا لهذه الطاعة العظيمة لعدم تأهلهم لها بسبب ما اتصفوا به من أخلاق الشعراء من نحو توغلهم في الكذب بأبلغ العبارات في المدح إن رضوا والذم إن غضبوا، فضلًا عن تعديهم على أعراض الناس وقذفهم المحصنات والتشبيب بمعين النساء والغلمان ونحو ذلك من السفاهات وكفى بذلك مانعًا لهم من مدح النبي صلى الله عليه وسلم».[وانظر كتاب: منح المدح أو شعراء الصحابة ممن ‌مدح ‌الرسول صلى الله عليه وسلم أو رثاه لابن سيد الناس أبو الفتح اليعمري (ت 434 ه)، تقديم وتحقيق: عفت وصال حمزة، دار الفكر دمشق، ط 1407 ه/1987م]
وقد أبدع المغاربة في المديح النبوي نثرا وشعرا في جمع سيرته صلى الله عليه وسلم وتشذيبها واختصارها والتأليف في أصحابه رضوان الله عليهم، وأيضا بيان حقوقه الشريفة، والعناية بسنته رواية ودراية، خصوصا كتب الشمائل والسيرة النبوية، والتأليف أيضا في الحجازيات، والمولديات، مع الأذكار الصوفية: الوظائف والأوراد، والأحزاب، والأدعية، والتصليات...وهذا فيض من غيض، حيث لم نجد من أحب محمد حقا من بعد أصحابه إلا إخوانه الذين لم يرهم.
وقد أحسن البحاثة الشيخ "محمد المنوني" رحمه الله في جمع مؤلفات مغربية في الصلاة والتسليم على خير البرية صلى الله عليه وسلم وهي كثير، ومؤخرا جمع ومهد الدكتور محمد المعلمي في كتاب، قصائد مدحية في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم لمختلف الشعراء الأندلسيين حيث يذهب الدكتور محمد المعلمي بالقول: (تبيَّن لنا أن حضور ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غمر كل مناحي التراث الأندلسي، ورسخ رسوخا بيِّناً بصيغ متنوعة في كل العلوم والآداب والفنون..)، وهكذا ختم عمله معتبرا إياه رداًّ عمليا على كل الأصوات المبحوحة التي يريد أصحابها أن يطفئوا نور الله بأفواههم، بما ينوء به العالم اليوم من كراهية وإساءة للمقدسات والشعائر..
الهوامش:
- «أروع ما قيل في المديح»، لإيميل ناصف، دارالجيل بيروت، ص: 9
- «أروع ما قيل في المديح»، لإيميل ناصف، دارالجيل بيروت، ص:13
- «المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي»، المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي، المؤلف: د محمود سالم محمد، الناشر: دار الفكر – دمشق.الطبعة: الأولى - 1417 ه (ص57)]
- «المرشد إلى فهم أشعار العرب»، عبد الله بن الطيب بن عبد الله بن الطيب بن محمد بن أحمد بن محمد المجذوب (ت 1426 ه)، الناشر: دار الآثار الإسلامية- وزارة الإعلام الصفاة – الكويت، الطبعة: الثانية سنة 1409 ه - 1989 م (5/ 46)
- «منتخبات من ديوان الشعر النبوي في الأندلس» جمع وتقديم: الدكتور محمد محمد المعلمي، نشر الرابطة المحمدية للعلماء مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات والبحوث الأدبية واللغوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.