بمناسبة ذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، واستئنافا لسلسلة أعلام وأقلام من تطوان، لكاتبها الباحث محمد المجاهد، والتي تنشرها حصريا جريدة "بريس تطوان الإلكترونية"، عقدت العزم على ذكر مؤلفات في السيرة النبوية، لبعض الشيوخ والأساتذة المعاصرين من مدينة تطوان، تبصيرا للواقع التطبيقي للإسلام، من خلال تناول مواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وترسيخا لمحبته، والاقتداء به في أقواله وأفعاله، واتخاذه صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى في حياته. وهذه المصنفات شهد لها العام والخاص بالجودة والتدقيق، في المحتوى والتحقيق، وهي كالتالي: الكتاب الأول: "الشذرات الذهبية في السيرة النبوية". للعلامة الفقيه، أبي أويس محمد بن الأمين بوخبزة الحسني، شهد له الكثير بالتمكن وغزارة العلم، له كثير من المؤلفات المفيدة لا يسع المقام لذكرها. وهو عبارة عن دروس علمية، في مادة السيرة النبوية، ألقاها الشيخ محمد بوخبزة بمعهد الإمام الشاطبي لتحفيظ القرآن وتدريس علومه بتطوان، بطريقة سهلة ميسرة، يستطيع الطالب استيعاب علم السيرة النبوية وتلقفها. جمعت هذه الباكورة بين دفتي كتاب، طبعته دار ابن حزم، ودار البشائر الإسلامية، وآخرها طبعة دار الأمان بالرباط، 1437 ه – 2016 م، وهو في 313 صفحة من الحجم المتوسط.
قال الفقيه في مقدمة كتابه : "فهذه دروس مباركة – إن شاء الله – في السيرة النبوية الصحيحة، جمعتها لطلبة الفصل الثاني من مدرسة مؤسسة الإمام الشاطبي لتحفيظ القرآن وتدريس علومه بمدينة تطوان، متوخيا فيها الصحة والوضوح والاختصار غير المخل، مشيرا بالهامش إلى مصادر الأخبار ومخرجيها، والله سبحانه أسأل أن ينفع بها جامعها، ومن جمعت لهم، ويجعلها من العمل الصالح المقبول". انتهى كلامه. ويقول محقق الكتاب الدكتور بدر العمراني في مقدمته : "ولأجل هذا تجده كتبها بأسلوب سلس، ينحو إلى السهولة واليسر، يفهم بأدنى تأمل، مع حسن الاختيار والانتقاء في إيراد الأحداث والأخبار، وإدراجها في السياق المناسب لها، متوخيا من ذلك التثبت في النقل ..." انتهى كلامه. والكتاب بحق نفيس في بابه، أفاد فيه الفقيه وأجاد، بحيث أتحفنا بكتاب مختصر مفيد في السيرة النبوية العطرة، أحاط بجل أبواب السيرة وأهم أحداثها وقضاياها، مستهلا الكتاب بنسبه صلى الله عليه وسلم وميلاده، ثم إرهاصات النبوة، والبعثة والدعوة وأطوارها، وهجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينةالمنورة، وغزواته، ومرضه، وشمائله وأزواجه وتركته، وموته صلى الله عليه وسلم. وكل ذلك بترتيب عجيب، وتنسيق فريد، وجودة في الكتابة والتأليف، دون إغفال للفوائد والعبر واللطائف والنكت. الكتاب الثاني : "صورة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الفكر الإسباني المعاصر، تزكية الذات وتجريح الغير"، للدكتور الأستاذ محمد بلال أشمل. أستاذ الفلسفة والفكر الإسلامي بثانوية القاضي ابن العربي للتعليم الأصيل بتطوان، وباحث في شؤون الفكر الإسباني، دار نون للنشر، رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة، عدد صفحاته 154،الطبعة الأولى 1436ه/2015م.
تتجلى أهمية هذا العلق النفيس، في كونه يكشف صورة نبينا الكريم عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم في الفكر الإسباني، عرض فيه مؤلفه لكتابات أدبية وتاريخية في الفكر الإسباني عامة، والاستشراق الإسباني خاصة، أساءت بعضها للإسلام ونبيه الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الكتابات نسجت بأسلوب تشم منه رائحة الكراهية والعدوانية للإسلام والمسلمين، وتقدم القلق والخوف من دين السلم والسلام. وأقول : إن الكتاب الذي بين أيدينا هو كتاب حوار مع الآخر، هدفه الاستفادة العلمية العملية، وتعلم فن المفاوضات وإغناء الحوار وإدارته، من أجل الوصول إلى الحقيقة وتفنيد ادعاءات بعض الكتابات الإسبانية في حق شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي لا تستند إلى دليل علمي رصين، وذلك بمنهج معتدل فريد، تجرد فيه المؤلف من لغة السب والشتم والتهجم، متسلحا بخصال العلم والمعرفة والدليل العلمي العملي، بلغة سهلة سلسة أكاديمية ممنهجة، جعلت من الكتاب تحفة علمية فريدة في الدفاع عن شخصه صلى الله عليه وسلم. والطريقة الحوارية الممنهجة للدكتور بلال أشمل تعتمد على إيقاظ التفكير وإثارة الانتباه إلى الحقائق التي يراد الوصول إليها، وهي ناجحة في التعليم والتوجيه ونشر الفكر والدعوة إلى الإسلام والسلم، وهذه المنهجية تساهم في تقليص حدة التوتر والتعصب تجاه أحدهما للآخر حين يلتقون على مفاهيم مشتركة تبعث مشاعر الود والطمأنينة ونشر السلم والسلام وبناء الحضارات. الكتاب الثالث : "فقه السيرة النبوية: المفهوم والأسس والنماذج"، للدكتور رشيد كهوس.
وهو أستاذ السيرة النبوية وعلومها – والسنن الإلهية ، كلية أصول الدين / جامعة عبد المالك السعدي – تطوان. والكتاب في 424 صفحة. إصدار جديد عن دار الكتاب المغربية، ودار الكلمة بمصر، الطبعة الأولى : 1437ه – 2016 م.
وتضمن الكتاب المباحث الآتية: السيرة النبوية :المفهوم والأسس والمقاصد، المنهاج الدعوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم،دروس من الهجرة النبوية، المنهاج النبوي في التزكية والتربية وبناء الإنسان، المستفاد من المغازي النبوية،مركزية فقه السنن الإلهية في المنهاج النبوي ، مبدأ المواطنة وحق اللجوء، العلاقات السلمية والتعايش السلمي بين الشعوب والأديان. والكتاب يتناول فقه السيرة النبوية ، والذي ألفت فيه كتب عدة منها : كتاب فقه السيرة للغزالي، وفقه السيرة للبوطي،والسيرة النبوية –دروس وعبر- للدكتور مصطفى السباعي وغيرهم، والكتاب الذي بين أيدينا لؤلؤة ازدان بها هذا الفن، استعرض فيه المؤلف أهم أحداث السيرة النبوية، مستنبطا منها الدروس و العبر حتى تكون مرجعاً في فقه الدعوة إلى الله، مبرزا فيه الصورة العلمية العملية للقواعد والتعاليم التي اشتملت عليها رسالة الإسلام المتمثلة في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا ما بينه المؤلف بقوله: "وقد حاولت في هذا الكتاب الذي سميته، فقه السيرة النبوية، أن ألتقط من كنز السيرة نفائس ثمينة، ودررا غالية، وفوائد وفرائد ونكتا لطيفة، ودروسا نافعة،وقنوانا دانية، تفيد القارئ في دينه ودنياه وتسعده في أخراه". انتهى كلام المؤلف. الكتاب الرابع: "منتخبات من ديوان الشعر النبوي في الأندلس"، للدكتور محمد المعلمي.
مفتش سابق بوزارة التربية الوطنية لمادة اللغة العربية ، ورئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية بتطوان التابع للرابطة المحمدية للعلماء. ويعتبر هذا الكتاب المولود الأول لمركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية بتطوان ، سلسلة ذخائر شعرية، والكتاب في 265 صفحة. والشعر النبوي، عبارة عن الشعر الذي يهتم بمدح رسول الإسلام محمد بن عبد الله بتعداد صفاته الخُلُقية والخَلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارته والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته، مع ذكر معجزاته الماديّة والمعنويّة ،ونظم سيرته شعراً والإشادة بغزواته وصفاته والصلاة عليه تقديراً وتعظيماً. وغالبا ما يتداخل المديح النبوي مع قصائد التصوف وقصائد المولد النبوي. وتعرف المدائح النبوية بأنها: فن من فنون الشعر التي أذاعهاالتصوف، كماهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع؛ لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص قاله : زكي مبارك. ويعد الكتاب من أروع ما ألف في هذا الباب، إذ جمع المتفرق من هذه الأشعار من بين فرث ودم، ومن بطون أمهات الكتب، بين دفتي كتاب وعلق نفيس نعتز به وبمؤلفه؛ الذي عرف بين الناس بالجد والجودة في التأليف. وقد قدم للكتاب العلامة الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء حيث قال: "هذه القصائد تعد رحيق الحب الذي كنَّهُ شعراء الأندلس للحبيب المصطفى على امتداد الحضور الإسلامي في الربوع الأندلسية، كان لا بد من جمعها وسلكها في عقد نضيد حتى تبقى شاهدة على إسهام الشعراء الأندلسيين في إثراء ديوان المديح النبوي الواله في ذاكرتنا الجمعية التي تتأبى على كل محاولات المحو والتبديد. وببركة حب الحبيب المصطفى يسر الله للباحث د. محمد المعلمي الاهتداء إلى الاهتمام بتتبع موضوع محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعر الأندلسي، فنهد إلى جمع هذه الباقة الشعرية العطرة التي تشكلت من خمس وعشرين قصيدة لعشرين شاعرا من عصور مختلفة سجلت الحضور المسلم النابض بأرض الأندلس". وقال مؤلفه الدكتور محمد المعلمي : "مذ أشرقت بلاد الأندلس بنور الإسلام، غمر حضور النبي صلى الله عليه وسلم كل مناحي التراث الأندلسي، ورسخ رسوخا بينا بصيغ متنوعة في كل العلوم والآداب والفنون. وهذا الكتاب، الذي يدشن به مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات والأبحاث اللغوية والأدبية سلسلة: ذخائر شعرية، يرصد مظاهر محبة الأندلسيين للحبيب المصطفى التي كتبوها بأحرف من نور سواء في مقدمات كتبهم، أم في دواوينهم ومصادرهم الأدبية. وهو يتكون من قسمين: أولهما: يحوي مقتطفات وقبسات انتخبها من مختلف فروع التراث الأندلسي العلمية والأدبية،شعت بمحبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. وثانيهما: يضم باقة شعرية بلغ عددها خمسا وعشرين قصيدة مقتطفة من دواوين ومصادر أدبية أندلسية، تنتمي إلى مختلف عصور الحضور الإسلامي في الفردوس المفقود". انتهى كلام المؤلف. والله أسأل التوفيق في مثل هذه العجالة القصيرة المستعجلة إلى إمعان النظر في ما ألفه بعض الشيوخ والأساتذة من مدينة تطوان العلمية في السيرة النبوية، بحيث يشجع هذا النوع من التأليف على قراءة ودراسة سيرته الطاهرة، فيحملوا من معانيها ودروسها في نفوسهم ما يجعلهم قدوة للناس في استقامتهم وصلاح سيرتهم، وحسن هديهم في الدعوة إلى الإصلاح حتى يعود الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين شمسا منيرة تبدد ظلمات حياتهم، وتمدهم بالحرارة والدفء في قلوبهم وعقولهم وسلوكهم، فيعود للمجتمع الإسلامي صفاؤه واستقامته ومثاليته التي تجعله من جديد في مكان الصدارة والقيادة لشعوب العالم.