أسفر توقيع النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية واللجنة الحكومية الثلاثية على "محضر 26 دجنبر"، (أسفر) عن عدد من المتغيرات في الساحة التعليمية التي تمر من احتقان غير مسبوق. فبينما رفضت التنسيقيات ما جاء في محضر الاتفاق بين الحكومة والنقابات حول النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية عنوانه: "من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع"، بحضور، هذه المرة، الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي FNE؛ وافقت النقابات الخمس على مضامينه، موقعة بذلك على اتفاق مع الحكومة، الغاية من ورائه العمل على إنهاء الأزمة التي يمر منها قطاع التربية الوطنية منذ 5 أكتوبر المنصرم. "كبير قاشا"، عضو المكتب الوطني للجامعة نفسها، قال إن "ما جاء به محضر 26 دجنبر نتفق نحن أيضا، إلى جانب هيئة التدريس والتنسيقيات الغاضبة، أنه لا يرقى إلى تطلعات وانتظارات الشغيلة التعليمية". وزاد قاشا، وفق تصريح خص به موقع "أخبارنا"، أن "الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي شاركت في 5 جولات فقط من مسلسل الحوار الذي عقدته الحكومة مع النقابات الأربع المعلومة؛ وهذه الأخيرة شاركت فيما يناهز 100 جولة دون أن تحقق أي مكسب للأساتذة الغاضبين". عضو الFNE أوضح أن "هناك ضغوطات من مركزيات نقابية وأحزاب سياسية، تروم ألا يتجاوز العرض الحكومي ما اتُّفق بشأنه يوم 10 دجنبر الجاري"، مشيرا إلى أن "الحكومة فيما يخص ملف الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، تقول إنه قرار البنك الدولي، الذي يشدد على 'المؤسسة التنفيذية' ألا تتجاوز 20 ألف موظف في السنة في جميع القطاعات الحكومية". واستطرد "قاشا" أن "الحكومة، التي نحاورها، لا تملك القرار فيما يخص 'ملف التعاقد' الذي بدأ العمل به منذ سنة 2016، ثم أخرج الأساتذة إلى الاحتجاج للمطالبة بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية"، موضحا أن "إنهاء التعاقد في التعليم يحتاج صراعا سياسيا ونقابيا، تنخرط فيه جميع هيئات وفعاليات المجتمع المدني". وكدفاع عن الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي؛ أورد المصدر عينه أن "نقابة قطاعية من قبيل الFNE غير قادرة على حل هذا المشكل بمفردها، دون تظافر الجهود مع باقي الفاعلين في القطاع"، مشددا على أن "نقابته على الأقل انتزعت ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، في أفق مواصلة الاحتجاج إلى جانب الشغيلة التعليمية". "إن توقيع محضر 26 دجنبر الحالي من عدمه عرف نقاشا في المجلس للوطني للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، بمشاركة الكتاب الجهويين والإقليميين وكل الجهاز التقريري للنقابة؛ إذ خلصنا إلى قبول التوقيع على الاتفاق إلى جانب باقي النقابات التعليمية الأربع"، يشرح "قاشا" نفسه. وزاد عضو الFNE أن "قرار التوقيع جاء خشية منا من تمرير اتفاق لا يرقى إلى مستوى التطلعات، ولهذا قررنا التوقيع كأخف الضررين ليس إلا"، كاشفا أن "الجامعة علقت الإضراب مؤقتا، نظرا إلى وجود التزامات مع وزارة التربية الوطنية تقول إنها ستفي بها بحلول شهر مارس المقبل". وفي حالة تملصت الوزارة الوصية على القطاع من التزاماتها، يخلص كبير قاشا، "آنذاك سنعود إلى الساحة النضالية التي كنا فيها قبل ظهور بعض التنسيقيات التي تدافع عن مصالح ضيقة"، مستطردا في ختام تصريحه أن "نقابتنا لا تعد المطالب بالآلة الحاسبة؛ بل تنظر إلى الملفات بشكلها الشمولي لا الفئوي". تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق وقعه من جانب الحكومة كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ومن جانب النقابات كل من الجامعة الوطنية للتعليم UMT، والجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي FNE، والنقابة الوطنية للتعليم CDT، والجامعة الحرة للتعليم UGTM، والنقابة الوطنية للتعليم FDT. يذكر أيضا أن محضر الاتفاق ينص على إصدار مرسوم يتم بموجبه نسخ المرسوم الصادر في 6 أكتوبر 2023 في شأن النظام الأساسي، الذي أخرج الشغيلة التعليمية إلى الشارع للاحتجاج، مسببا شللا في المدارس العمومية لما يزيد عن شهرين من الزمن، وسط دعوات إلى الاستجابة لمطالب رجال ونساء التعليم، حتى يستفيد المتعلمون من حصصهم الدراسية أسوة بباقي التلاميذ المغاربة الذين يدرسون في المدارس الخصوصية بشكل طبيعي.