حينما يحرص الملك - حفظه الله ورعاه- على ذكر الشباب، واختصاصهم بهذا الذكر فهو يعني ذلك ويريده، وحينما يوجه جلالته الجميع في لقاءاته المباركة بالمشايخ الكرام بحضور المسؤولين إلى الاهتمام بالشباب وتمكينهم، وإعطائهم المساحة الكافية فهو يريد ذلك؛ إرادة من يروم في شباب هذا الوطن الخير كله، ويأمل من خلالهم تحقيق الآمال العظيمة، والأهداف السامية الجليلة. لا شك أنَّ الشباب حياة المجتمع وزهرة أيامه، وعدته وعتاده، وأنهم المعّول عليهم حمل لواء تطويره وتنميته، ولا شك أنَّ الشباب المعدّ إعدادا يليق بالمستقبل قادر على القيام بواجبه الوطني، وتنفيذ خطط وبرامج التنمية الشاملة وفقاً للمراد منها، وبدرجة عالية من الإتقان. تابعت باهتمام كبير اللقاءات التي دعت إليها المجلس الجهات المختلفة، للقاء الشباب، والأخذ منهم، والاستماع إليهم، ومعرفة ما يدور في مخيلة الحضور منهم من أفكار وتصورات مع مرور الوقت تكون مبادرات لها أركانها المكتملة من حيث الأهداف والآليات والاحتياجات والمدد الزمنية، ومن ثم نتاج هذه المبادرات وقيمها المضافة، ومحلها من مسيرة التنمية والتطوير، وعلاقتها الوطيدة بما يريده المجتمع، ويرغب في تحقيقه. ومع شغف الكثير من الشباب لهذه اللقاءات والبدار إليها من خلال التسجيل عبر روابطها المختلفة، ومع تعدد آليات اللقاءات حسبما تراه كل مُحافظة؛ إلاّ أن الحضور لم يكن عند المستوى المأمول، ومن حضر لم يكن عند مستوى الطموح المنشود. ولربما لذلك أسبابه العديدة ومنها؛ سرعة العديد من المحافظات للدعوة لهذه اللقاءات دون تمهيد مُسبق لها ودون معرفة واضحة لدى الشباب بالمطلوب منهم، أو لازال عدد من الشباب لا يعطي هذا الأمر اهتمامه المستحق لأنَّ الأخذ برأيه، ومعرفة مقترحاته أمر جديد عليه، أو لأنَّ الثقة في العمل بتلك المقترحات ليس عند المستوى الذي يجعله مبادراً حريصاً ساعياً ملتزماً. ومع قلة عدد الحضور مقارنة بالمبدين للرغبة في ذلك؛ إلاّ أن الأمر يدعو للتفاؤل، ويشير إلى أننا نسير في الطريق الصحيح للأخذ بيد الشباب ومعرفة مبادراتهم، والاستماع إليهم، وإلى نتاج فكرهم وحسهم الوطني المأمول. ومن خلال مقالي هذا، أتمنى من الجهات المعنية في الجهات إعادة اللقاءات الشبابية من جديد على أن يسبقها؛ تعريف بالمفاهيم المراد مساهمة الشباب فيها، وتحديد للأولويات التي تنطلق منها تنمية المحافظات، وبيان مختلف الأبعاد التي يمكن أن تؤخذ من خلالها المبادرات، ومحتوى كل مبادرة حتى تكون أركانها مكتملة، قابلة للتطبيق والتنفيذ. كما إنه من المهم التوعية اللازمة بكيفية مشاركة الشباب في هذه المبادرات ومجالاتها المختلفة، والمسار الزمني لهذه المبادرات حتى تصبح واقعاً ملموساً، وطرق المفاضلة بين مبادرة وأخرى، ومجال دون آخر. ومن الضروري أن يدرك الشباب المبادرون أن هذه المبادرات للوطن كله، وأن هدفها المغرب قاطبة فيخرجون بأفكارهم ومبادراتهم من الضيق الجغرافي إلى الاتساع الوطني، ومن نظرة الولاية إلى نظرة الوطن العظيم. وإلى الشباب دعوة خاصة بضرورة الحرص على المشاركة حتى ولو لم تكن لديك مبادرة يكفيك الحضور فهو بحد ذاته مساهمة وطنية، وشعور عالٍ بالمسؤولية، وتحقيق لمتطلبات المواطنة، وحق لك تكتسبه بالحضور الفاعل. ورغم علمي وإدراكي لعدد من الصعوبات التي قد تواجه العديد من الشباب وتحول دون المساهمة في مثل هذه المشاريع الوطنية؛ إلاّ أنني أعلم يقيناً أنَّ شبابنا المغربي وطني بامتياز، مغربي مع مرتبة الشرف، محب إلى أبعد الحدود، مبادر إلى أقصى الدرجات، حاضر لكل في كل المواقف