في خضم النقاش الدائر حول الحوار الذي تخوضه دوائر أمنية مع معتقلي السلفية الجهادية بعدد من السجون المغربية، أطلق مجموعة من المعتقلين مبادرة جديدة سموها ب»المناصحة والمصالحة». وحسب مصادر مقربة من المعتقلين، فإن الخطوط العريضة لهذه الخطوة تقوم على التسريع بفتح حوار مع المعتقلين من قبل الدولة وتثمين الخطوات التي أقدم عليها عدد من المسؤولين الأمنيين بالمغرب، الذين دشنوا خلال الأسابيع الأخيرة سلسلة زيارة لعدد من المعتقلين. واستند مطلقو المبادرة، التي مازالت في أطوارها الأولية حيث لم تعمم على باقي السجون الأخرى، على ما اعتبروه تصريحات إيجابية صدرت عن المجلس العلمي الأعلى، الذي عبر رئيسه في وقت سابق عن استعداده للمساهمة في الحوار مع المعتقلين. كما يطالب أصحاب المبادرة بإشراك الهيئات والمنظمات الحقوقية في أي حوار مرتقب. ويعتبر المبادرون بهذه الخطوة أنها توافقية بالدرجة الأولى من أجل نبذ العنف وإحلال الحوار وقيم المواطنة والسلفية الحقيقية. حيث يراد، بحسبهم، لهذه الخطوة أن تكون مبادرة «للالتفاف حول وطن واحد وفكر واحد من أجل تجنيب الوطن أمورا هو ليس في حاجة إليها». ويأتي إطلاق هذه المبادرة بعيد الزيارة الخاصة التي قام بها الأسبوع الماضي مسؤول أمني رفيع المستوى للسجن المدني بطنجة، حيث يتواجد محمد الفيزازي. وهو اللقاء الذي لم تتسرب تفاصيل كافية عما راج فيه. لكن مصادر من المعتقلين ذكرت أن المعلومات الشحيحة التي استطاعوا معرفتها من الشخص المعني الذي تحفظ كثيرا عن كشف ما راج، سواء خلال هذا اللقاء أو اللقاءات السابقة، هو أنه ناقش مع المسؤولين الأمنيين كل ما يروج بأذهان المعتقلين دون توضيح ما يقصده من وراء هذا الكلام. وتضيف المصادر ذاتها أن الفيزازي أخبر زواره بأن أي حوار مرتقب مع المعتقلين يجب أن يكون فقط مع المتورطين في جرائم دم، وهم معدودون على رؤوس الأصابع، أما المئات من المعتقلين القابعين وراء القضبان فيجب أن يفرج عنهم، حسب تعبير المصادر. إلى ذلك، أوضح محمد ضريف، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أن اقتصار الزيارات على محمد الفيزازي، يعود إلى رمزية الشخص الملتقى به، كما أنه يجب معرفة خلفيات هذه الزيارة، وما إذا كانت تأتي في سياق تحسين ظروفه السجنية أم بهدف آخر. وحسب ظريف، فإن معتقلي السلفية الجهادية يصنفون إلى 3 أصناف، فمنهم المتورطون بشكل مباشر في اعتداءات 16 ماي وهم قلة، يضاف إليهم أفراد من خلية يوسف فكري، وهؤلاء لا حوار معهم. والصنف الثاني من المعتقلين ممن تم الزج بهم في السجن على هامش الاعتقالات التي صاحبت اعتداءات 16 ماي، وهؤلاء ظلوا يدفعون ببراءتهم وهم يمثلون غالبية المعتقلين. أما الصنف الثالث من المعتقلين، فهم الذين تمت محاكمتهم وإدانتهم على أساس الأفكار التي يؤمنون بها، ويضم هذا الصنف الشيوخ خاصة. واعتبر ضريف في تصريح ل»المساء» أن أي حوار مرتقب مع المعتقلين يجب أن يكون صادرا عن الدوائر العليا للبلاد، باعتبارها صحابة القرار الأول والأخير للبت في هذا الملف، ورجح ضريف، في السياق ذاته، أن تكون هناك جهات معينة تنتظر إشارات من السلطات العليا للحسم في هذا الملف، ولهذا تقوم بين الفينة والأخرى بمبادرات تنبئ بقرب حله.