الكلّ مجمع في الدّانمارك بلا مراءاة على أنّ الجالية المغربية، كان لها من بين الجاليات العربية الأخرى، قدم سبق في الهجرة بداية الستينيات من القرن الماضي. وكان العمال المغاربة، مثلهم، مثل باقي المهاجرين من دول غير أوروبية، يوصفون بالعمال الضيوف المؤقتين، الذين سرعان ما تنتهي فترة عملهم، استنادا للعقد الموقع مع رب العمل، ثم يعودون من حيث أتوا مأجورين. لكن الزمن دار دورته بسرعة؛ ما أدى إلى هذا الامتداد الذي عرفته الهجرة إلى يومنا الحاضر. لقد مرت تجربة الجيل الأول المؤسس، من فترة، بين التردّد في البقاء أو الرحيل وهي مرحلة طبيعية عرفت مجموعة من التجاذبات بحكم الأوضاع التي كان الغرب في عمومه يعيشها جراء ما مرّ به من أزمات، سببتها الحربان العالميتان الأولى والثانية. لم تكن هجرة المغاربة الأولى في عمومها، ما بين فترة الستينات والسبعينات، هجرة مباشرة من وإلى الدّنمارك. بل كانت عبر دول أوروبية مختلفة. وقد تشكلت من طبقات متوسطة وفقيرة على وجه العموم. وكان معظمهم من الذين لم يحالفهم الحظّ عكس حال أحفادهم في الوقت الراهن في الحصول على تعليم متقّدم. فقد كان المستوى التعليمي الغالب بينهم منحصرا بين المرحلة الابتدائية أو شهادة البروفي على أقصى تقدير. وهي الشهادة المؤهلة لدخول الإعدادية في وقتنا الحاضر. كما أنّ كثيرا منهم لم يسعفهم الحظ أصلا في الجلوس على مقاعد الدراسة، لانحدارهم من مناطق نائية ومعزولة، مثل، جهات الريف في الشمال، والأطلس في الوسط، والصحراء في الجنوب. لكن؛ ما تميّزوا به في مجملهم، أنّهم كانوا يحفظون بعض سور القرآن الكريم، ومنهم من كان يحفظه مع بعض المتون عن ظهر قلب. إنّهم إذن أناس ذوو ثقافة تكوينية ودينية متوسّطة. ومع ذلك؛ فقد كانوا يتميّزون عن غيرهم من أفراد الجاليات الأخرى بمستوى الترابط والتكافل الاجتماعي المحافظ فيما بينهم، بشهادة مَن عاصرهم من أبناء الجاليات العربية الأخرى. ترابط وتكافل مكّناهم من جبر النّقص في المستوى التعليمي الذي حرمهم الشهادات (ابتدائية أو جامعيّة). فقد كانوا أسرة واحدة، مترابطة، ومتواصلة يسعى بذمّتها أدناهم…. كان الهدف من هجرتهم في الأساس: إمّا العمل من أجل تحسين مستوى المعيشة، ثم العودة إلى بلدهم المغرب، بمجموع ما ادّخروا من المال، وما خبروا من الحِرف والمهارات لاستثمار ذلك في وطنهم الأم المغرب. وقد تمكّن كثير منهم بالفعل في إنشاء مشاريع تتلاءم وحجم ما جنوه وجلبوه من العملة الصعبة "الكرونة"، وهي عملة الدنمارك الرسمية، التي لم تنخرط بعد في العملة الموحدة الأوروبية، وما اكتسبوه كما أشرت من خبرة – وإن كانت جد متواضعة – حرّكوا بها اقتصاد بلدهم، كلّ بما تيسّر له، وبخاصة في ميدان العقّارات في فترة السبعينيات من القرن الماضي. لذلك كان وجودهم في الدنمارك محدودا، أو إن شئت فقل مشروطا. ولم تكن نيّة البقاء في المهجر راكزة… وإمّا: السياحة بالنسبة للقادرين على التنقّل من وإلى البلاد بصورة ميسورة غير مستعصية… ولكن بعد مرور السنين تغيّرت الأوضاع وتبدّلت، وليس كلّ ما يتمنّى المرء يدركه، فقد تجري الرّياح بما لا تشتهي السُّفُنُ!… فقد سرى التطبيع في النّاس مع المحيط حتّى أفقدهم شعور الانتباه إلى الزمن… فإذا الأيام والسنون تمرّ دون أن يشعر بها جلّ هؤلاء المهاجرين المغاربة أو بعضهم… وإذا بالأحوال تتبدّل، والتحديّات تتضاعف وتزداد، وظروف العيش تتعقّد وتصعب سواء في بلد الإقامة أو في بلدهم الأصلي المغرب، وأصبح التعايش والتأقلم والاستقرار مفروضا عليهم في المجتمع الذي يعملون فيه، خصوصا بعد سماعهم، بل ومعاينتهم لقصص الفشل العديدة التي مُنِيَ بها كثير ممّن عادوا إلى بلدهم حالِمين وحامِلين ما وفّروا من مال بعد عناء لسنوات، ثمّ أنّهم لم يُوفقوا في ما حلِموا به من مشاريعهم، فصرفوا ما وفّروا من أموالهم دون طائل إلا قليل. وبدا للآخرين الفشل واضحا، وتلاشى حلم الرجوع والعودة من حيث أتوا، وتبخرت الأحلام في الهواء، مما دعا العديد منهم إلى مراجعات حقيقية، ليعملوا فيما بعد على جمع الشمل واستقطاب أسرهم وذراريهم من بلدهم المغرب، لتبدأ مرحلة الاستقرار والتوطين، بدل التخبّط المتمثل في كثرة السفر بين بلد الإقامة الدّانمارك، والوطن الأم المغرب أواسط السبعينيات من القرن الماضي. يعدّ نجاح تلك الأسر القليلة المغربية التي استقرت آنذاك، دافعا قويا للآخرين الذين كانوا في حيرة من أمرهم، وتردد مستمر دفعهم إلى المزيد من المشاورات، مع من اعتبروهم قد نجحوا بالفعل في حسم مواقفهم، وهم الآن ينعمون باستقرار ورغد عيش حسب ظنّهم، بحيث تغيّر وضعهم من هجرة فردية إلى هجرة عائلية، ومن وضع مؤقت إلى استقرار دائم. خصوصا وقد كانت الدّانمارك يومئذ تشجع، وتساعد بكل يسر تلك الأسر بمساعدات اجتماعية ماديّة وعينيّة، ودعم غير محدود لدمجهم، مع الأولويّة المتقدّمة لذوي الأولاد في سنّ التّمدرس. مما دفع بالبقية المتبقية من الأسر الأخرى إلى اتخاذ قرار لمّ شمل أسرهم والاستقرار التام في مملكة الدّانمارك… كانت تلكم، لمحة قصيرة عن الجيل الأول المؤسس وما بذل من جهود يشكر عليها، بما تُوفر له من إمكانيات مادية وثقافيّة كما سلف الذكر. وما نراه اليوم في الدّانمارك، من انجازات على الأرض، من مساجد، ومصليات، ومدارس عربية، وتجمعات ودادية، ودكاكين القصابة (المجزرة) لتأمين اللحم الحلال للجالية الإسلامية في ربوع الدنمارك. هو نِتاج مجهود بذله الجيل المغربي الأول، ومهره ببصمة واضحة لا ينكرها إلّا جاحد. ثمّ كان أن استلم الراية كل من الجيل الثاني والثالث، من أجل رفع البناء على الأسس والأعمدة رغم هشاشتها… إنّ ما يطبع الجيلين المذكورين خلاف الآباء والأجداد، هو التباين الواضح في نمط العيش الاجتماعي، والخلفية والرصيد الثقافي المكتسب، بحكم المولد والانتماء. إذ تُطرح أسئلة جدّ صعبة ومعقدة على مستقبل الجيلين، وما سيخلفهما من جيل قادم؛ فهو من جهة، ابن البلد الذي ولد وترعرع ودرس وتخرج من معاهده، ويتكلم لغته، ويحلم أحلام ساكنيه، لا يكاد يطيق الابتعاد عن محيطه، كلما غادره إلا واشتاق للعودة إليه سريعا حتى، وان كان في موطن آبابئه وأجداده!، يساعده في ذلك نظامه الديمقراطي الحر المنفتح الذي تشبّع به، خلاف نوعية العلاقة التي تربطه مع بلده وجذوره المغربي. وهذه إشكالية وجب على الدولة المغربية الانتباه إليها والتعاطي معها بكل صدق وجدية، وأمانة، وانفتاح. بل والانخراط الحقيقي في استكشاف الخبايا حول قضية بناء الهوية عند هذه الفئة الجديدة، وما سيتلوها في مستقبل الأيام، لتدارك ما قد يفقد الجيل الصاعد من ارتباط بموطن الآباء والأجداد، الذين تمكنوا ونجحوا بالفعل في الحفاظ على ربط الصلة به طوال مدة إقامتهم في المهجر إلى يومنا هذا. إلا أنه؛ أي الجيل الأول، هو في تناقص بحكم عامل السن والوفيات… يعيش اليوم في الدنمارك ما يزيد عن اثنى عشر ألف مغربي ومغربية، نصفهم من طبقة الشبيبة من الجيلين الثاني والثالث، ينحدر أجدادهم من جميع مناطق المغرب، من الشّمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب. إلا أنّ نسبة كبيرة منهم ينحدرون من أصول أمازيغية متنوّعة، غالبيتهم من سلسلة جبال الريف والأطلس والصحراء. وتعتبر كوبنهاغن العاصمة، مركز الثقل من حيث التجمع. كما يوجد فيها مقر السفارة المغربية، وعدد لا بأس به من جمعيات المجتمع المدني والمساجد. صحيح أنّ عدد الجاليّة المغربية مقارنة مع دول أخرى كفرنسا وبلجيكا وهولندا، والجارة ألمانيا لا يكاد يذكر… إلّا أنه وجب الاعتراف بالواقع والتاريخ والأرض التي يعيش هؤلاء على سطحها، فهي الدّانمارك وليست فرنسا أو ألمانيا من حيث كثافة السكان الأصليين والمساحة، وكذلك مجرد المقارنة هو ضرب من الخيال. فمهاجرو تلك الدول العريقة والكبيرة، يختلف تماما عن مهاجري الدول الاسكندنافية عموما؛ فهجرة المغاربة إلى فرنسا مثلا يغلب عليها الطابع الطلابي، ورجال الأعمال، ونخبة من الطبقة المثقفة أو العقول المهاجرة، وأصحاب الشهادات العليا واللاجئين السياسيين، بالإضافة إلى أنّها بلد المستعمر القديم… لذا فإنّ الفرق واضح بالنسبة لمهاجري الدّانمارك، وقد عرفنا وضعهم قبل الهجرة في بداية البحث. إلّا أنّه وجبت الإشارة إلى أمر غاية في الأهمية في هذا البحث المتواضع؛ ففي فترة أواسط الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن المنصرم، وفدت هجرة من نوع مغاير، تمثلت في جيل شبابي جديد، هاجر من المغرب وتنقل في أرجاء أوروبا ليستقر به الوضع آخر المطاف بمملكة الدّانمارك، وكانت هذه الفئة من الشباب الحاصلين على شهادة الباكلوريا فما فوق، وهم الذين انخرطوا بقوّة في عملية إحداث التوازن في العلاقة مع باقي الجاليات الأخرى، تجلت في تفاعلها ونشاطاتها في مجالات مختلفة، خصوصا مع الجاليات العربية التي كانت لها نظرة جد سلبية ثقافيا عن الجيل المغربي الأول!. كما أنّ الكثير منهم أكمل دراسته في الدّانمارك وحصل على وضع جيّد في أوساط المجتمع الدّانماركي. كما وتعدّ هذه الفئة من الشباب الوافد والمهاجر الجديد، حلقة الوصل المهمة بين الجيلين الأوّل المؤسّس، والثاني الرافع للبناء. واليوم عندما يُذكر للجالية المغربية اسمها في مكان ما؛ فلا بد أن نذكر لتلك الفئة المهاجرة الجديدة بصمتها الواضحة في مستقبلها. ورغم ما يُقال عن الجالية المغربية في الدّانمارك من سلبيات يراها أصحابها، إلّا أنّها تمكّنت من أن تكون ممثلة على العموم في أوساط المجتمع الدّانماركي ومنتشرة كباقي الجاليات مع بعض التفاوت… فنجد فيها على سبيل الذكر لا الحصر: الطبيب والمهندس، والأستاذ والمعلم، والشّرطي والجندي، والفنّان والإعلامي والسياسي، والإمام وخطيب الجمعة، وشباب حافظين لكتاب الله، وسائق الأوتوبيس وتاكسي الأجرة، وأصحاب الحِرف المهنية والتخصّصيّة المتعدّدة والمتنوّعة… نحن لا نقول أنّ الصورة ورديّة مكتملة الأركان، ولا ننكر على من يقول أنّ الأمر يحتاج إلى مضاعفة الجهود ولا شك، خصوصا ما تعلق بالعمل الجماعي والتنسيق بين الجسم الجمعوي الذي يشهد صراعات لا مبرر لها في نظري، حتى وان كانت من أجل الهيمنة أو التمثيل، وأنّ هناك أفرادا من أبناء الجالية المغربية مع الأسف الشديد يسلكون سلوكات مخلّة لا تشرف بلدنا ولا ترقى لتطلعاتنا، ويوجد مع الأسف الشديد عدد منهم في السّجون الدّانماركية بسبب التعاطي مع الجريمة أو الانخراط في عصابات إجراميّة. لكن هذه الفئة القليلة ليست بدعا ممّا يجري في كل مناطق العالم بما في ذلك بلداننا الأصلية. وحتى نكون واقعيين ولا نقع في فخ المجاملات؛ فإنّ مبادرات الهيئات الرسمية والمجالس العلمية التي استحدثت أخيرا في أوروبا، بدعم أوروبي، والتي من المفترض أن تعنى بالتأطير الديني عموما قد جاءت متأخرة. فقد تٌرك أبناء الجالية المغربية لأنفسهم منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي، حتى انجرف وانحرف منهم العديد في غياب شبه تام للمؤطر المغربي المسلم، إذا استثنينا للأمانة بعض التجارب. لكن على كل حال، وكما تقول القاعدة الشهيرة "ما لا يٌدرك كله لا يٌترك جٌله" فما على هذه الهيئات والمجالس، خاصة التي يدفع لها بالمقابل، إلا أن تشمر على سواعد الجد وتخرج من جدرانها الأربعة، وتترك مكاتبها مرة أو مرتين أسبوعيا، لتلتقي بالشباب المنتشر هنا ونهاك في ربوع مكان إقامتهم لإنقاد ما يمكن إنقاده، وتحصين البقية الباقية من أبناء الجالية المغربية من تأثيرات العديد من التيارات الفكرية والمذهبية الهدامة، ولتقوم بأدوارها على النحو المطلوب والمنوط بها كهيئات جاءت بالفعل للعمل في حقل الدعوة والإرشاد، والتوجيه الصحيح لفلذات أكبادنا على ضوء الكتاب والسنة، وفهم علماء الأمة في إطارالعقيدة والمذهب المعتمد، وبالتالي حماية الهوية الدينية والثقافية على حدّ سواء. أما عن دور المساجد عموما، فلا يخفى على كثيرنا؛ فلا يزال الخطاب في حاجة إلى تطوّر مستمر لتلبيّة حاجيات الشباب من الجيلين الثاني والثالث، إذ يعتبر الشباب أن عقلية الخطيب وخطابه في واد، وعقلية المتلقي في العدوة الأخرى. يلاحظ كذلك، الغياب التام لمجلس الجالية، على الرغم من كونه مؤسسة استشارية، يتمتع باستقلال مالي وإداري مهم، وتتمثل مهمته في ضمان المتابعة والتقييم، الذي من بين ما يعنى به كذلك التوجهات الرئيسة للسياسات العمومية الكفيلة بضمان حفاظ الجالية المغربية على روابط متينة وقوية مع هويتهم المغربية، وخاصة ما تعلق بالتعليم والتربية الدينية والنشاط الثقافي… وكذلك الدفع بعجلة التنمية من أجل التواصل مع بلدان الإقامة على المستويات الثقافية والاقتصادية والإنسانية… حسب ما جاء في أدبياته. فأين هو من هذه الأدوار المسطرة في برامجه من واقع الجالية؟؟؟ أما عن دور الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، فحدث ولا حرج. الدول الاسكندنافية بما فيها من تعداد الجالية ولو على بساطتها؛ فإنها تعد بالنسبة للوزارة الوصية مجرد صحراء قاحلة. فمنذ ما يقارب الأربعين سنة تقريبا ثمنت الوزارة زيارات يتيمات تعد على رؤوس الأصابع لوزرائها المحترمين، لم تسمن ولم تغن من جوع. ما ينقص الجالية المغربية في الدّانمارك بالفعل هو الأخذ بزمام المبادرة التي قد تأتي من جهة ما!!!… فعلى سبيل المثال، لا يوجد في الدّانمارك كلّها إلا مؤسسة مالية مغربية واحدة ووحيدة زمانها تربط الجالية بموطنها المغرب من حيث التحويلات المالية دون منافس على الساحة، إلا أنها لا تقوم بأي دور مهم يذكر في المساهمة الحقيقية والدّعم المفترض لها أن تقوم به، ولو على سبيل التشجيع والإشعاع في التواصل مع أبناء الجالية المغربية لربطهم بوطنهم الأم، من خلال البرامج السوسيو ثقافية والرياضية والفنية…إلا أنّي للأمانة لمست مؤخرا من خلال تواصلي مع الموظف الجديد: السيد كمال الغزيوي، استعدادا غير مشروط للتواصل مع الجالية، من أجل العمل على شرح كل ما هو متعلق بالمؤسسة المالية، والامتيازات التي يمكن لأفراد الجالية المغربية الحصول عليها من حيث التأمين، والمساعدات المنصوص عليها في المؤسسة المالية، خصوصا ما تعلق بتأمين الجثة، وإعادتها للدّفن في المغرب، وما يشوب هذا الملف من تساؤلات وتعقيدات لم تحل إلى حد كتابة هذا البحث؛ إذا استثنينا وعود "السيد الوردي العايدي" مدير عام بالإدارة المركزية الذي زار الدّنمارك مؤخرا في لقاء تواصلي مع الجالية. أعتقد أنّ الوضع لا يزال فيه من الفسحة والوقت الكافيين للتواصل مع مغاربة الدّانمارك على جميع الأصعدة. وذلك من خلال التنسيق والشراكة مع جمعيات المجتمع المدني المخلصة، والجادة في العمل، لرفع التحديات المستقبلية التي تواجه الأجيال المقبلة. وفي الختام هذا مقتطف، من مقال كتبه أحد الشباب المهتمين بالإعلام والسياسة، معترفا ومنوها بوضع الجالية المغربية، ومثنيا على دورها وأدائها على وجه العموم؛ وهو الأستاذ نضال أبو عريف، من أصول فلسطينية، أنقله لكم بتصرف. فقد كتب يقول: [إنّ واقع الجالية المغربية بالمقارنة مع الآخرين، يظل في أفضل حال من نظرائها في الجاليات الأخرى، خصوصا، وأنها تتمتع بعلاقة قوية مع الوطن الأم. وهناك اهتمام ملحوظ من المملكة المغربية بالجالية، وهناك روح تنافسية في صفوف المغاربة بشكل عتم تحسّن أداءهم وتهدف إلى إعادة إخراج صورة وجودهم على الساحة الدّنماركية، بطريقة أفضل وأكثر تنظيما. وهذا ما يلاحظه المراقبون في الفترة الأخيرة، حيث بدأ المغاربة في تدشين مشاريع كبرى، مثل: مؤسسة الإمام مالك في "كوبنهاغن"، والمركز الثقافي في "فيستاين" ووقف المسيرة في مدينة "غينستيت". والعديد من المصليات والجمعيات في جميع أنحاء الدّانمارك، مع وجود قوي لشباب مغاربة في إدارات ولجان مجموعة من المؤسّسات هنا وهناك، وعلى رأسهم إدارة كلّ من الوقف الإسكندنافي للخدمات الأساسية أكبر وأعرق مؤسسة ذات النفع العام في العاصمة "كوبنهاغن" ووقف مدينة "أودنسا" والمركز الثقافي الإسلامي. بالإضافة إلى مسجد طيبة ومسجد الفتح ومسجد مكي، والمركز الثقافي في مدينة "أوغوس"… ومن المنتظر أن تبرز على الساحة أطر شبابية وثقافية ونسائية مغربية ستلعب بلا شك دورا ملموسًا على الساحة. إلا أنَ هذا التطور مرتبط بشكل أساسي بحل الخلافات والنزاعات الداخلية بينهم أولا، وخصوصا ما تعلق بالعمل المؤسساتي لخلق تعاون مع جميع أطياف الجالية العربية في الدنمارك ورسم صورة أفضل عن العالم العربي على الساحة الدّانماركية]. انتهى الاقتباس. وأخيرا، وليس آخرا: هذه وجهة نظري الخاصة؛ أسوقها إليكم جمعتها من خلال احتكاكي عن قرب مع مختلف شرائح جاليتنا المغربية في الدّانمارك، وأنا من الجيل الجديد المهاجر في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، قد يتّفق معي فيها أناس ممّن عايشوا المرحلة، ويختلف معي حولها آخرون. ويبقى لكل وجهة نظره الخاصة به في الموضوع، ولن يفسد الخلاف للود قضية كما يقال.