وضع محمد بودن، محلل سياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، (وضع) القرار الأمي رقم 2654 الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة تحت مجهر التحليل. وفي هذا السياق، يرى بودن، وفق تصريح له توصل به موقع "أخبارنا"، أن "محددات الموقف السيادي ومكاسب المملكة المغربية في ملف الصحراء المغربية دبلوماسيا وتنمويا، فرضت تحولات هامة في مواقف عدد من القوى الدولية والاقليمية بمجلس الأمن، بفضل القيادة الحكيمة وتوجيهات الملك محمد السادس". وتابع المحلل السياسي أن "دعم 90 بلد في العالم لمبادرة الحكم الذاتي وعدم اعتراف حوالي 84% من بلدان العالم بالكيان الانفصالي وفتح 30 قنصلية عامة بالصحراء المغربية؛ يظهر من جهة الاتجاه الدولي الواسع لدعم المغرب ووحدته الترابية، ومن جهة أخرى يعبر عن الأهمية التي توليها دول وازنة للعلاقات مع المملكة المغربية". وبالتالي، يردف رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، ف"أهمية القرار الأممي 2654 الذي تم اعتماده في جلسة مجلس الأمن رقم 9168 تكمن في ما جاء به من مستجدات، وما أكد عليه من حقائق كامتداد للقرارات الأممية السابقة". وأمام هذا الوضع؛ يرى بودن أن القرار الأممي 2654 يتضمن أربع عناصر أساسية؛ أولا: القرار الأممي 2654 يعبر عن ارادة أممية قوية لدعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، ويركز على صيغة المائدة المستديرة باعتبارها الآلية الوحيدة للتوصل الى حل نهائي للنزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية. وعليه، يقول المحلل السياسي، ف"مجلس الأمن الذي يمثل الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة يعبر عن عدم قبوله لتجاهل الجزائر لصيغة المائدة المستديرة بعد المشاركة في اجتماعي جنيف 2018 و2019، حيث لا يمكن محو الجهود التي قام بها المبعوث الأممي السابق هورست كوهلر التي عمل عليها بشق الأنفس". ثانيا: القرار الأممي الجديد يكرس سمو وتفوق المبادرة المغربية للحكم الذاتي المقدمة سنة 2007؛ إذ تحظى هذه المبادرة الخلاقة والبناءة بدعم كبير للسنة ال15 على التوالي بمجلس الأمن، وقد عبرت الولاياتالمتحدةالأمريكية والامارات العربية المتحدة والغابون عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في تفسيرها للتصويت بنعم على القرار الأممي 2654. ومن خلال تأكيد مجلس الأمن في توصيته الثانية على أن الحل يجب ان يكون واقعيا وعمليا ومستداما وقائما على التوافق، فإنه يزكي مبادرة الحكم الذاتي التي تنسجم هذه المعايير الأممية بشكل تام مع روحها وأساسها المنطقي. ولاحظ رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية أن "عجلات القرار الأممي 2654 تسحق مجددا الأطروحة المتجاوزة للجزائر وجبهة البوليساريو، حيث إنه للسنة ال21 على التوالي لم تتضمن القرارات الأممية أية إشارة لتقرير المصير على أساس الاستفتاء". ثالثا: القرار الأممي 2654 يركز على الجزائر كطرف رئيسي في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ويطالبها بالواقعية، في اشارة الى سلوكها الأحادي المعاكس لارادة قرارات مجلس الأمن ومحاولتها اخراج العملية السياسية عن مسارها. من الواضح، حسب بودن، أن المجموعة الدولية تعارض بشدة مرة أخرى استمرار الجزائر في عدم السماح بتسجيل ساكنة مخيمات تندوف وفقا لاتفاقية اللاجئين لسنة 1953. وبالتالي، يقول المصدر ذاته، ف"الجزائر عليها ان تتصرف بمنطق يستحضر انه لا يمكن العمل مع المجتمع الدولي على أساس انه لا يوجد احتمال للتوافق مع المغرب، على أساس مبادرة الحكم الذاتي، وفي ظل الاحترام الكامل للوحدة الترابية المغربية". رابعا: مجلس الأمن في مستجد بارز يوجه رسالة حازمة للبوليساريو، التي تقوم بعرقلة قدرة ونطاق عمل بعثة المينورسو، ويتضمن القرار مساءلة واضحة بخصوص القيود التي تفرضها البوليساريو على الأنشطة الجوية والبرية للبعثة الأممية، وقدرتها على رصد الأوضاع والانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار شرق منظومة الدفاع المغربية. وبقراءة لرد فعل الجبهة الانفصالية بخصوص القرار الجديد لمجلس الأمن، يردف بودن، يتبين أن الكيان الوهمي لازال يقرأ قرارات مجلس الأمن الدولي بالأبيض والأسود، بينما انتقل المجتمع الدولي الى مرحلة متقدمة تركز على السلم والأمن في بعده الاقليمي على مستوى الأطلسي والساحل والصحراء. وزاد: "يمثل قرار مجلس الأمن 2654 مساهمة جوهرية وهادفة لتحريك المسار السياسي، وفرصة جديدة يتحتم على الجزائر والبوليساريو اغتنامها بواقعية من أجل مستقبل المنطقة. كما أن القرار يمثل نافذة تسلط الضوء على المسؤولية الحقيقية للجزائر، والتناقض الحاصل بين أقوالها وتصرفاتها وعرقلة البوليساريو لعملية الإمداد الآمن والمنتظم لبعثة المينورسو". وبخصوص تفسير التصويت، يوضح رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية أن "دعم القرار الأممي الذي صاغته الولاياتالمتحدةالأمريكية بأغلبية 13 مقابل امتناع روسياوكينيا يمثل، من جهة، تعبيرا عن نجاح الدبلوماسية المغربية في شرح مواقفها للمجتمع الدولي، ومن جهة أخرى يمثل تعبيرا عن عالم اليوم". "إن امتناع روسيا التي تملك حق النقض عن التصويت لصالح القرار الأممي لا يعبر بالضرورة عن معاكسة للمصالح المغربية، لكنه يوازن المصالح الروسية ويعبر عن طبيعة العلاقات الدولية اليوم"، يشرح المحلل السياسي قبل أن يواصل أن "روسيا تذهب في الاتجاه المعاكس للغرب في أغلب القرارات الأممية". وبالنسبة لمواقف الولاياتالمتحدةالأمريكية والامارات العربية المتحدة والغابون، فإنها تعبر عن الطابع المستدام والثابت للعلاقات التي تجمعها بالمملكة المغربية، وفق المصدر نفسه. أما الموقف الفرنسي الذي صوت لصالح القرار، يشدد بودن، ف"إنه يمثل استمرارية للموقف الفرنسي الايجابي تجاه مبادرة الحكم الذاتي ولا يلبي انتظارات الجزائر، لكن ينبغي الانتباه الى ان فرنسا لم تتناول الكلمة هذه المرة بمجلس الأمن لتفسير موقفها كالمعتاد". "وفي تقديري، فإنها حاولت عدم تقييد نفسها وهي تفكر في تكلفة موقفها، في سياق يشهد ايقاعا مختلفا للعلاقات الفرنسية مع كل من المغرب والجزائر"، يبرز المصدر المذكور. بالنسبة لكينيا، يخلص بودن، "أتصور ان موقفها متأثر ببيئة تنافس كبيرة بالقارة الافريقية، بحيث أصبحت ملعبا جديدا للمصالح في القارة الافريقية، ولهذا دخل موقفها مرحلة الشك بفعل الارتباك الواضح في التعبير عنه، لكنه قابل للمراجعة بعد نهاية ولاية كينيا في مجلس الأمن، وترسيخ الرئيس الجديد ويليام روتو، الذي يؤيد الموقف المغربي لقناعاته، بعيدا عن تأثيرات ادارة اوهورو كينياتا التي لا زالت تنسق مع الجزائر وجنوب افريقيا".