يوسّع المغرب من تحركاته لحصار جبهة البوليساريو خارجيا، وإفشال أيّ تأثير للدعم الذي تقدّمه لها الجزائر. وبعد أن نجحت الزيارات المتتالية التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى دول أفريقية في تطويق البوليساريو، عكس الاتصال الذي أجراه مع الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رغبة مغربية في توسيع الضغوط على الجبهة الانفصالية. وطلب العاهل المغربي من الأمين العام للأمم المتحدة الجمعة، "اتخاذ إجراءات عاجلة للحدّ من بعض الممارسات التي تهدّد اتفاق وقف إطلاق النار وحالة الاستقرار الإقليمي بالصحراء المغربية". ولفت الملك محمد السادس انتباه غوتيريس في اتصال هاتفي إلى الوضعية الخطيرة التي تسود منطقة الكركرات بالصحراء المغربية، بسبب التوغّلات المتكررة للعناصر المسلحة للبوليساريو وأعمالهم الاستفزازية. وذكر بلاغ للديوان الملكي "بأن وزارتي الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية والمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية كانت قد أشعرت، في مناسبات عدة، المينورسو والأمم المتحدة بهذه الأعمال التي تتم بشكل مقصود، بهدف خلق البلبلة ". وأكد محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، في تصريح ل"العرب"، أن الاتصال الملكي سيمكّن من تعبئة جزء كبير من المجموعة الأفريقية والمجتمع الدولي، ويعتبر خطوة للتأكد مبكرا من نوايا الأمين العام الجديد بشأن الملف، والحصول على ضمانات أممية بشأن عدم خرق اتفاق إطلاق النار في ظل تلويح البوليساريو بورقة الحل العسكري. واعتبر صبري الحو، الخبير المغربي في القانون الدولي والهجرة، في تصريح ل"العرب" أن الاتصال الملكي بغوتيريس يهدف إلى تبرئة ذمة المغرب من أيّ مسؤولية في اندلاع الحرب بسبب تنامي وتعدد وتكرار استفزازات البوليساريو. وقال متابعون للشأن المغربي إن عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، والدعم الذي تلقاه رؤيته إقليميا ودوليا لإدارة ملف الصحراء من شأنه أن يدفع غوتيريس إلى النأي بنفسه عن سياسة خلفه بان كي مون الذي فشل في إدارة الملف. وعرف عن بان كي مون انحيازه لطرف دون آخره وإطلاق تصريحات غير محسوبة عقّدت مهمة المنظمة الأممية في الإمساك بالملف. وكان المغرب قد انضم مجددا إلى الاتحاد الأفريقي في أعقاب انعقاد القمة 28 للاتحاد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بعد أن انسحب منها في 1984 احتجاجا على عضوية جبهة البوليساريو. وذكرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية أن الرباط أبلغت "رئيسة ليبيريا والرئيسة الحالية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا برغبتها في الانضمام إلى هذا التجمع الإقليمي كعضو كامل العضوية". وعزا محللون هذه الخطوة إلى رغبة المغرب في استثمار شراكته الاقتصادية في تقوية موقفه، وزيادة الضغط على البوليساريو ومن ورائها الجزائر. واعتبر بودن أن هذا الطلب يهدف إلى التأكيد على أن التواجد المغربي في القارة يتطلب تطوير آليات العمل وتعزيز العلاقات مع الدول الأعضاء. وباعتباره كأول بلد أفريقي مستثمر في غرب أفريقيا سيتمكن بعد نيله لعضوية المجموعة من التحرك بسهولة أكبر في هذا المجال والتفاوض على مصالحه في القارة من موقع أقوى وضمان كتلة داعمة. وأفاد بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون، بأن "هذه الرغبة في الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (أكواس) تندرج في إطار الرؤية الملكية للاندماج الإقليمي باعتباره مفتاحا للإقلاع الاقتصادي". واعتبر محمد بودن، أن تواجد الملك لمدة شهر في المجال الأفريقي يخدم هذا القرار وقرارات أخرى ترتبط بتواجد المغرب في عمقه ويمثل خطوة استراتيجية مدروسة لما تمثله منطقة غرب أفريقيا بالنسبة إلى المغرب من عمق استراتيجي بحكم تعدد الروابط التي تجمعه بدول المنطقة. وأكد بودن على أن المغرب يرغب عبر هذا الخطوة في تطوير موقعه في تجمع "أكواس" من عضو مراقب إلى عضو كامل العضوية حرصا منه على جعل مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب مشروعا إقليميا، فضلا عن مشروع الطريق السيارة طنجة-لاغوس، والمساهمة في عمليات الأمن والسلم وترسيخ الديمقراطية بالمنطقة. الحدود / البوابة