شارد النظرات ,ملبد الأفكار جلست وحيدا أداعب الفنجان الذي ظل على حاله منذ أن وضعه النادل على طاولتي ,أحاول جاهدا طرد رواسب الحوار الذي دار بيني و بين والد الفتاة التي اقترفت جرم خطبتها ,مؤمنا بأفكار بالية و متسلحا بطموحات دفعتني لتسلق أسوار عالية . جلست قبالته في ارتباك حاولت جاهدا مداراته خلف ابتسامة هادئة و نظرة واثقة ,سرعان ما اختفت مع أول تعقيب صدر منه بمجرد سماعه للقب عائلتي: * أصولك ليست تطوانية إذن !؟ اعتقد انك جبلي الأصول! رفعت راسي مشدوها لأصطدم بنظرة متعالية و ابتسامة باردة مقيتة ,فغضضت بصري محاولا تجاهلها و الحفاظ على بقية أمل يحتضر في قلبي ,و أجبته : * اجل و هذا لا يعني شيئا بالنظر إلى مؤهلاتي العلمية و الأخلاق التي يشهد الجميع... قاطعني بضحكته المستفزة و نطق حكمه الذي ما زال صداه يتردد في كل خلايا عقلي : * التطواني لا يصاهر غير التطاونيين ,اسف حكم يتشارك في تبنيه اغلب حاملي مفاتيح المنازل الأندلسية مطرودو الحملات التطهيرية الذين احتضنتهم القبائل المغربية,و يعكس بشكل سافر ماهية الأسر التطوانية الموسومة بقبلية تمتد جذورها الى غياهب الجاهلية, و تتجسد بشكل سافر في عقول متحجرة غبية تحاول تكريس أريتها و تضع أسسا لتصنيف البشر وفق معايير يرفضها العقل و الدين ,أسس عرقية عنصرية تكرس التقوقع على الذات و رفض الأخر خصوصا إذا كان ذا أصول "جبلية" أو "عروبية". فأين نحن من قول الحق عز و جل :"إن أكرمكم عند الله اتقاكم" صدق الله العظيم