قال الخبير الأمني المحنك "محمد بوزفور"، إن الأجهزة الاستخباراتية المغربية، تدشن في المرحلة الراهنة لانتقال منهجي، يعتمد أسلوبا تواصليا متطورا ومنفتحا، يروم التأكيد للعالم بأسره وللدبلوماسيين الأجانب وللرأي العام الدولي وللحلفاء والأشقاء والخصوم على حد سواء، على أنها تشتغل وفق المناهج المهنية السليمة. وفي حواره الحصري، الذي خص به موقع "أخبارنا المغربية" الإخباري، أكد "بوزفور" على أن المغرب يمتلك منتوجا استخباراتيا استثنائيا، في مجال محاربة الإرهاب و الجريمة المنظمة ، يقدمه بأريحية على واجهة التعاون الدولي بصورة غير مسبوقة قاريا و عربيا و دوليا... • كبف تقرأون زيارة وفد دبلوماسي لمقر المكتب المركزي للابحاث القضائية في ظل اتهامات الاستخبارات المغربية من طرف منظمة امنستي و ائتلاف فوربيدن ستوريز؟ بعد انصرام المهلة القضائية التي منحتها المحكمة الجنائية في باريس لكل من منظمة أمنيستي و الإتلاف الصحفي فوربيدان ستوريز الذي يضم مجموعة من وسائل الإعلام الأوروبية ، لم بتمكن هؤلاء لحد الساعة من تقديم أي دليل مادي لإثبات ادعاءاتهم باستخدام الاستخبارات المغربية لبرنامج التجسس بيكاسوس . ومن نافلة القول التاكيد على أن ربط خصوم المملكة للتفوق المهني للأمن المغربي بالاستعمال المزعوم لبرنامج بيغاسوس ، يعكس صعوبة هضمهم للنجاحات المخابراتية المغربية التي أفضت الى الإسهام في إحباط جملة من المخططات الإرهابية ذات الخطورة العالية داخل الوطن و بعقر دارهم و على المستوى الأوروبي كافة و الإفريقي ، علما ان تلك الإنجازات اعتمدت بالأساس على مقومات المنتوج الوطني الذاتي المتمثلة في مجموعة ركائز عامة من ضمنها ، منهج الاستباقية المبني على تحليل المعلومة و المعطيات الجيواستراتيجية وتقاطعاتها الإقليمية والدولية ، و المستندة على فهم متقدم لبنية العقل الإرهابي و قياداته وطريقة تفكير الخلايا والمنظمات وردود فعلها المحتملة ، و المعتمدة كذلك على قراءة استشرافية وتحليلية لأساليب التنفيذ Modus Operand للعمليات الإرهابية التي تنفذ هنا أو هناك عبر الجغرافيات المستهدفة من أجل الوصول إلى تشخيص و تقفي آثار الفاعلين و كذا الجهات الآمرة بالتنفيذ ، والمؤسسة بالطبع على تمثل و تمكن خرائطي منتظم و محين يمكن من متابعة تنقل تحركات الأخطار الإرهابية على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي . و في انتظار صدور أحكام القضاء الدولي في نازلة "بيغاسوس" ، فإن دينامية المغرب لم ولن تتوقف رغم نباح وعواء الحاقدين من إعلام مأجور و منظمات متآمرة تحركها بعض الدوائر المغرضة . في هذا الإطار قادت هذه الدينامية إلى فتح أبواب المخابرات المغربية على مصراعيها في وجه أكثر من عشرين ( 20 ) من الدبلوماسيين المعتمدين بالرباط من مختلف أنحاء العالم و القائمين بأعمال بعض السفارات مرفوقين بقضاة الاتصال والمسؤولين عن مكافحة الإرهاب، الأمر الذي شكل عنوانا بارزا لانخراط المغرب في صيرورة التعاون مع باقي دول العالم بعيدا عن أي انغلاق أو تقوقع حول الذات، في التزام تام بالمعاهدات و الاتفاقيات المبرمة دوليا ، و هو ما يؤكد أن مقاربة المدير العام لمراقبة التراب الوطني السيد "عبد الطيف الحموشي" قد مرت إلى السرعة القصوى من أجل إحداث تحول نوعي في السياسة الإعلامية الأمنية في شقها الخارجي ، بانفتاحها على الفاعل الدبلوماسي الأجنبي ، في إطار ما يمكن ان نطلق عليه "الدبلوماسية الأمنية " .!! • ما هي في نظركم الرسائل التي يمكن تشفيرها بعد هذه الزيارة لمقر الاستخبارات المغربية؟ أولا:بات واضحا أن المؤسسة الاستخباراتية الوطنية تدشن في هذه المرحلة لانتقال منهجي يعتمد أسلوبا تواصليا متطورا ومنفتحا يروم التأكيد للعالم بأسره وللدبلوماسيين الأجانب وللرأي العام الدولي وللحلفاء والأشقاء و الخصوم على حد سواء ، أنها تشتغل وفق المناهج المهنية السليمة ، و أنه ليس لها ما تخفيه ، وأن بيتها شفاف من الداخل والخارج ، وانها ماضية أيضا في تكريس القرب اليومي من المواطن المغربي في إطار التوجه الديمقراطي و من تحقيق تعاون و تواصل حقيقي مع محيطها الدولي دون مركب نقص أو عقدة استعلاء ، وذلك طبقا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس نصره الله . و تبعا لما سلف ، فإنه بمكن القول بأن المغرب يمتلك منتوجا استخباراتيا استثنائيا في مجال محاربة الإرهاب و الجريمة المنطمة ، يقدمه بأريحية على واجهة التعاون الدولي بصورة غير مسبوقة قاريا و عربيا و دوليا ، في ظل تعاطي مهني يقطع مع الكوابح أو الطابوهات التي تعرفها كثير من الدول . ثانيا:يمكن اعتبار فتح أبواب المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في وجه التمثيليات الدبلوماسية ، بمثابة تدشين لبوابة جديدة في الاستراتيجية الدبلوماسية للدولة المغربية ككل ، من شأنها المساهمة في تثمين عملية التسويق " للمنتوج الأمني الوطني" على الصعيد العالمي في أبعاده الميدانية واللوجستيكية و المعرفية ، بالنظر إلى تعدد الرهانات والتحديات الأمنية وارتفاع منسوب المخاطر الإرهابية في مناطق متعددة من المعمور ، سيما في منطقة الساحل والحدود الليبية . ثالثا:جودة العرض المغربي و سمعة المؤسسة الأمنية رغم حملات التضليل، جعلت عددا من السفراء يقدمون طلبات مباشرة لاستفادة بلدانهم وأجهزتهم الأمنية من رصيد الخبرة المغربية، عبر تقاسم مضامينها المادية و العلمية و البيداغوجية . • ماهي الدلالات الملموسة لهذا الحدث غير المسبوق في تاريخ التواصل الامني المغربي ؟ لا شك أن الزيارة التي قام بها الدبلوماسيون الأجانب إلى مقر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، تحبل بكثير من الدلالات القوية ، يتأكد معها أن الضجيج الإعلامي حول " التجسس المزعوم " قد أخطأ التصويب والتسديد ولم يتمكن من إصابة أهدافه ، بحكم أن تلك الزيارة لم تكن لتتم لولا موافقة الضيوف المعنيين و طبعا لولا الترخيص القبلي لقيادات بلدانهم . وللإجابة على سؤالكم بشكل مباشر يمكن استخلاص مجموعة من الدلالات من ضمنها ان المغرب ربح رهان الشفافية والحكامة الأمنية واستطاع السيد المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني السيد "عبد الطيف الحموشي" أن يحقق طفرة نوعية في التواصل رأسا مع الممثلين الدبلوماسيين لبعض الدول وذلك كلما اقتضت الضرورة والظرفية ذلك ، مادامت المصلحة الوطنية واحدة ، وهي الهدف في المبتدى والمنتهى . الأمر إذن يتعلق بتسريع الوتيرة علىً مستوى التعاون الدولي بتنويع سبل الترويج للمنتوج الأمني الوطني الذي يستحق أن تفرد له هذه المقاربات المتطورة على صعيد الشكل والمحتوى والمتفاعلة مع المحيط والأحداث ، باعتبار أن استماع الفاعل الدبلوماسي بين الفينة والأخرى مباشرة للفاعل الأمني التقني المشتغل مباشرة في "سخونة " الميدان يتيح إمكانيات موضوعية وسهلة لبسط كافة الإشكاليات المعقدة والمتشابكة المرتبطة بمحاربة الإرهاب ومعاول الشر في بقاع العالم . اذن ان اختيار القيادة الأمنية اليوم أسلوب التواصل المباشر مع بعض الدبلوماسيين الأجانب عند الإقتضاء يحمل في طياته قيمة مضافة تسهم في قطع المساحات التواصلية بسلاسة تمكن من تمرير الخطاب الأمني بقواميسه الخصوصية وشحاناته الميدانية والمعرفية .
وبهذا المعنى، فإن تواجد ذلك العدد من الدبلوماسيين في قلب نفس المؤسسة الأمنية التي استهدفت مؤخرا للتشهير من طرف أمنيستي و فوربيدان ستوريز ، يحيل على دلالات واضحة ، لان الأمر له علاقة بفتح دبلوماسي و أمني يحسب للمملكة بشكل يصدم جوقة المتآمرين من بينهم قادة الجزائر المفصولين عن الواقع الكوني ، كما تعد هذه الزيارة التاريخية جوابا مفحما لتلك الفلول المتربصة التي تحاول يائسة إشعال الشرارة بالنفخ في الفحم البارد !!