AHDATH.INFO- محمد أبويهدة النصيحة التي لم يستطع مستشارو بيدرو سانشيز أن يهمسوا بها في أذني رئيس حكومتهم، هي عدم التدخل في تفاصيل السياسة الداخلية لبلد ما لأن ذلك سيؤثر لا محالة على علاقات الصداقة. الدرس الأساسي من الأزمة، التي تسبب فيها رئيس الحكومة الإسبانية بقراره التافه، حسب وصف خبراء الأمن الإسبانيين، هو ذاك الذي يستخلصه مسؤولو السلطات الأمنية والاستخباراتية الإسبانية، عندما سينتبهون إلى أن هذا التوتر يسيء إلى العلاقات الأمنية بين أجهزة الاستخبارات في كلا البلدين، لاسيما خلال هذه المرحلة التي وصفتها صحيفة «أوكي دياريو» الإسبانية بأنها مرحلة تأهب في مكافحة الإرهاب أو ما يصطلح عليه في اللغة الأمنية الإسبانية ب«المستوى الرابع من التأهب». لقد تمكن التعاون الأمني، الذي يمتد لسنوات، والذي تعزز منذ تفجير قطارات مدريد سنة 2004، من إسقاط العديد من الخلايا في إسبانيا وإحباط محاولات إرهابية. وعلى هذا الأساس ظلت وزارة الداخلية الإسبانية تعمل على تقييم الخطر طبقا لمعايير مكافحة الإرهاب بشكل دوري بناء على التهديدات المحتملة، وتتكون هيئة التقييم من ممثلين عن الشرطة الوطنية والحرس المدني والمخابرات الإسبانية ومركز الاستخبارات الخاص بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. هذه المؤسسات الأربع، التي تنسق حول مكافحة الإرهاب وتركز بشكل أساسي على الخطر الجهادي، هي الأكثر تضررا بعد التوتر الديبلوماسي بين المغرب وإسبانيا، حيث إن الفرق العاملة تحت إشراف هذه المؤسسات ظلت تحافظ على اتصال مباشر مع الأمن المغربي بخصوص تبادل المعلومات حول الشبكات الإرهابية والتنظيمات الإجرامية المتخصصة في تهريب المخدرات والاتجار بالمهاجرين. مصادر استخباراتية أسرت لصحيفة «أوكي دياريو» الإسبانية، أنه إذا استمر التعتيم على الخلايا الجهادية ومراقبة العناصر المتطرفة إلى أجل غير مسمى فإن أمن إسبانيا وأوروبا سيتأثر بشكل خطير، واستدلت الصحيفة في ذلك بعدد المغاربة، الذين انضموا إلى تنظيم داعش الإهابي لاسيما من منطقة تطوان، والذين نفذوا هجمات دموية. في ظل هذه التخوفات الإسبانية تشير الصحيفة إلى اسم ياسين المنصوري، مدير المديرية العامة للدراسات والتوثيق (المخابرات الخارجية)، كشخصية مؤثرة في التعاون الأمني من ناحية المعلومات الاستخباراتية، التي تصل الرباط من العملاء المغاربة المنتشرين في إسبانيا ودول أوروبية أخرى والذين تمكنوا من اختراق التنظيمات المتطرفة والجمعيات الدينية، وهنا تكمن قوة هذا الرجل، الذي يعمل داخل جهازه الكثير من الأطر المتمكنة من أدوات وآليات تحليل المعلومات واستباق الخطر الإرهابي. لا يمكن هنا إغفال، أيضا، الدور الذي تقوم بها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني تحت إشراف مديرها العام عبد اللطيف حموشي، لاسيما على مستوى تفكيك الخلايا الإرهابية المحلية، وارتباطها بالتنظيمات الإرهابية في الخارج، وهو العمل الذي يوفر أيضا كما مهما من المعلومات التي سمحت بالتدخل في الوقت المناسب للحد من الخطر الإرهابي من خلال ضربات استباقية فعالة. ما تأمله الدوائر الأمنية والاستخباراتية في إسبانيا اليوم هو أن تخرج سالمة من توتر العلاقات بين البلدين لاسيما في إطار الحرب على الإرهاب، متوجسة من توقف المعلومات التي توفرها المخابرات المغربية. وتستحضر صحيفة «أوكي دياريو» أزمة العلاقات المغربية الفرنسية في سنة 2014 عندما جمدت السلطات الأمنية تعاونها مع المخابرات الفرنسية. هذا الحادث كانت إسبانيا قد استغلته لتقوية علاقاتها الأمنية مع الرباط ووشحت المدير العام للأمن ولمديرية مراقبة التراب الوطني بوسام الاستحقاق، محاولة بناء علاقات تعاون فعالة، ستتأثر لا محالة بقرارات رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز، الذي تسبب في توتر مع المغرب باستضافته سرا لجلاد البوليساريو إبراهيم غالي وتواطئه مع العسكر الجزائري وزيارته المستفزة لمدينة سبتةالمحتلة.