منذ زمن بعيد و المواطن المغربي في صراع دائم و شاق مع قناة لا تعرف سوى نهب المال العام و هدره في ما لا يفيد و ما يغني من جوع,مع قناة يبقى همها الوحيد و الأوحد هو إرضاء أصحاب السلط عن طريق توظيفات ترتبط بالنسب و القرابة غير مبالين بالطاقات الشابة التي يمكن أن تقول كلمتها في هذا المجال لكنها و لسوء حظها لا تتوفر على من يدافع عن حقوقها حتى أصبحنا نرمق وجوها على الشاشة ليس لها أي علاقة بالإعلام الذي أصبح في خبر كان بهذه الممارسات التي أفقدته رونقه و براءته الفطرية ,فحتى لو دوننا صفحات و صفحات فلن نستطيع أن نصور مدى الآثر السلبي الذي تخلفه قناة سميرة سيطايل و مصطفى بنعلي في نفسية الفرد المغربي الذي يكبت في نفسه سخطا عميقا تجاه سياسية هذه القناة التي تعبر عن عبثية كبيرة في التدبير,لكن تبقى من المظاهر التي تُبرز الإبتذالية اللامقبولة للقناة هو برنامج ستوديو دوزيم و الذي لطالما آرقنا بمغزاه الإنعدامي و أهدافه التي يمكن أن ننعتها بالحقيرة و الفاسدة,فبعد سبع سنوات من البث الموسمي لهذا البرنامج فلم نلمس أي تطور من شأنه أن يأتي بالنفع للأغنية المغربية إذ أن معظم المتوجين بهذه المسابقة لا تراودهم أصلا فكرة النجومية و أمل التألق و تشريف الأغنية الوطنية و غالبا ما يتم اختيار المشاركين بمعايير بعيدة كل البعد عن الموهبة و الإستحقاق الفني الذي يفتقده و بكل صراحة كل من مر على هذا البرنامج باستثناء فئة قليلة لم تتوفر على الإرادة اللازمة للإستمرار في هذا المجال الذي يتسم بالصعوبة و يتطلب التضحية ,فبمجرد مشاهدتنا لحلقة من حلقات البرنامج فسنلاحظ حتما تلك التجهيزات الحديثة التي تؤتث البلاطو و الفنانين المرموقين الذين يتوافدون بكل غزارة من أجل إكرام وفادتهم مقابل حضورهم الجسدي الباهت الذي لا تنبعث منه إلا مجاملات كاذبة في حق البرنامج أو البلد الذي أضحى مصدرا من قبل الفنانين لجمع الثروات و الأموال الطائلة,و من الدلائل القاطعة التي توضح لنا على أمر الواقع ذلك التبذير اللامحدود التي تمارسه القناة في هذا البرنامج يكفينا القيام بجولة صغيرة و خاطفة على أجور الفنانين الذين زاروا البرنامج و أدوا قطعة أو قطعتين ليعودوا إلىى بلدانهم محملين برزمات ثقيلة من المال الذي يُخصم من راتب ذلك المواطن البسيط الذي لا يسعه إلا الشكاية أمام فاتورة الماء و الكهرباء التي تُضخم قيمتها بشكل خيالي,فالشاب خالد الذي يتحفنا دائما بتلك الضحكات المشمئزة أمام شاشة التلفاز و مجاملاته الغزيرة يتقاضى عن حضوره للبرنامج 5000 أورو ,أما أصالة التي ترتدي الفستان المغربي لإرضاء المنظمين وللإفصاح عن حبها و اعتزازها الكاذبين ببلدنا فهي تكرم وفادتها ب 30 ألف دولار مقابل 15 دقيقة من الغناء ,بالإضافة إلى الفنان الفرنسي داني بريان الذي اقتنص 15 ألف أورو من ميزانية البرنامج أو بالأحرى خزينة الشعب,ثم الشاب فضيل الذي تقاضى 7000 أورو مقابل حركاته المثيرة للملل و الإشمئزاز وأغانيه التي اكتنفتها النمطية,دون نسيان الفنان اللبناني فارس كرم الذي جُلب بما يقارب 20 ألف دولار ,فكل هؤلاء الفنانين لا تربطهم سوى علاقة مصلحة و عمل مع هذا البلد بخلاف ما يفصحون عنه من حب و تقدير لشعبه,لكن أكثر ما جعلني أتخلى عن هدوئي هو تصريح لمطرب مفاده أن الدافع الأول الذي يجعله يحيي حفلات بالمغرب هي الطبيعة الساحرة له و ثقافته الغنية ثم لباقة أفراده الذين بالتأكيد يدركون أن هؤلاء المرتزقة لا يترددون على بلدنا إلا لإثقال وفادتهم بأموال طائلة ,و من المؤكد أن كل من سبق له أن شاهد مقتطفات من البرنامج فسيلمس انحلالا أخلاقيا يهيمن على فقراته و لا يمت بأي صلة بأعرافنا و تقاليدنا الشامخة و ديننا المقدس بيد أن كل هذه الثوابت لم تصبح بتلك الخطوط الحمراء التي لا يسمح بتجاوزها كما في السابق و إنما أضحت تصنف ضمن لائحة الأشياء العادية التي لا فرق بين احترامها أو عدم احترامه,فبوسعنا عن طريق ربع ميزانية هذا البرنامج أن نخلق مشاريع هادفة تنعتق بنا من لهيب البطالة القاتلة لطموح الشباب المغربي الذي يعتبرونها عدوهم الأول بعد التخرج ,بإمكاننا إنتاج برامج تحمل رسائل تتخللها الفائدة العامة و القيم الحسنة التي تساعد الناشئة في الإتصاف بالأخلاق الحميدة التي تعبر عن كل مغربي و كل مسلم,بإمكاننا القيام ببرامج ثقافية تساهم في القضاء على الأمية و الرفع من الوعي الذي سيلعب بلا شك دورا كبيرا في تنمية هذا البلد على جميع الأصعدة سواء السياسية ,الإقتصادية أو الثقافية ,فكل هذه المنجزات الخارقة التي من شأنها أن تتقدم ببلادنا إلى بر الأمان و التطور إذا قاطعنا هذا البرنامج الذي لا يؤدي أي دور يُذكر بل لا يكتفي بذلك عبر النوايا السيئة التي يحملها و التي لا يكون مرادها سوى الحفاظ على محدودية الفرد المغربي لكي تمتص دماءه بسهولة ,فهنا يكمن الفرق بين دول العالم الثالث و نظيراتها المتقدمة التي قطعت أشواطا كبيرة في الوعي ,لأن هذا الأخير يعد مفتاح التطور و التنمية و التخلص من الأحكام المسبقة و اتخاذ المبادرة للإفصاح عن ما لا يلائمنا لأن هذا من الحقوق التي خولتها لنا طبيعتنا و فطريتنا ,فمن العيب غياب آليات المراقبة و المحاسبة و توالي الإخفاقات في هذا المجال بينما القائمين عنه و مسؤوليه يتمتعون بحرية تامة في تبذير المزيد من أموال الشعب الذي و للأسف لا يمتلك حاسة المساءلة و الإحتجاج عن ما لا يرضى عنه أو ربما أن صدى هذا الأخير لا يسمع بسبب التعتيم الإعلامي الممارس و الذي لا يرى من صالحه ارتفاع الأصوات المناهضة بإخفاقاته,و لهذا فأصبح علينا من الضروري اتباع سياسة تصعيد الإحتجاجات ضد هذه القناة وبرامجها التي لا تفلح إلا في سلب حقوق المواطن و أمواله,لأن من غير المنطقي استمرار هذه القناة في هذه الممارسات غير المشروعة و التي ليس لها أي نتيجة إيجابية تُذكر,و بالتالي فبإمكان تسوية هذه الجزئيات التي يستهان بها اللحاق بقطار التنمية و التطور و القضاء بشكل فعلي على كل أشكال خدمة المصلحة الخاصة و استحضار المسائلة و المحاسبة في منظومة المواطن المغربي. rafikayoub.blogspot.com [email protected]