عندما زار المخرج الأميركي جون سلاتري المغرب لأول مرة شعر تجاهه بألفة شديدة، كما لو أنه انتزع من صور الشرق الغريب التي استحضرتها هوليود، ذلك الاختلاف بين صورة المغرب وواقعه هو الدافع لعمل سلاتري الرائع عن بلد يحبه بوضوح والذي يجعل فيلم "الدارالبيضاء حبي" ردا مدروسا على الثقافة الشعبية في أميركا والرؤية التي كرستها افلام هوليود. الفيلم الذي استغرق إنجازه سبعة أعوام يستعير من كتاب "العرب الأشرار في السينما" الذي ألفه جاك شاهين ودرس فيه الصور النمطية السائدة المعادية للعرب في هوليود، ويشير عنوان الفيلم إلى فيلم "هيروشيما حبيبتي" الذي أخرجه الفرنسي ألان رينيه في عام 1959.
أمضى شابان مغربيان ثلاثة أسابيع في السفر عبر بلدهم يصوران ما يرونه بكاميرا رقمية، بينما يمران على الأستوديوهات والمواقع التي شكلت الخلفية لكثير من أفلام هوليود الشهيرة، وهي صناعة صقلها المغرب.
وتتخلل الفيلم لقطات لأناس عاديين مرتبكين بشكل ودود أو متوترين وهم يعرضون آراءهم أمام الكاميرا عن هوليود ونجومها العالميين، كما تتخلله مقتطفات من أفلام كلاسيكية مثل فيلم "كازابلانكا" الذي يقدم أفكارا مغلوطة شائعة معادية للعرب مثل "لا يمكنك أن تثق فيهم" و"كلهم متشابهون" رؤية مختلفة وقام بالتصوير حسن الذي يقدم سردا عن الرحلة بالفرنسية وتتنقل الصور من مشاهد للحياة اليومية التقطتها الكاميرا إلى علاقته المتوترة الهزلية مع رفيقه في الرحلة إلى فرقة موسيقية صادفوها في مكناس تقدم الموسيقى المغربية التقليدية. ويستخدم حسن -الذي كان في ذلك الوقت طالبا في مدرسة لسينما الواقع- الرحلة في عمل مشروع دراسي، بينما يريد رفيقه زيارة عمه الذي يحتضر في الناحية الأخرى من البلد. وقال سلاتري بعد عرض الفيلم في مهرجان دبي السينمائي الدولي "فكرنا في أن نذهب في هذه الرحلة وأن نكون فريق التصوير الأميركي الغبي الذي يذهب ليصور هذا الفيلم التقليدي مستخدما المغرب، لكننا أردنا تغيير ذلك". وأضاف "في الواقع لم يكن هناك نص مكتوب، لكن الرحلة كانت رحلتهما ومن ثم تتبعناهما أينما ذهبا وبتلك الطريقة كانا في الحقيقة يخرجان الفيلم". ويدمج سلاتري لقطات من التلفزيون المغربي لمهرجان مراكش السينمائي يظهر فيها الممثل الكوميدي المغربي بشار سكيريج وهو يعلن أن بلدا لا ينتج فنا خاصا به لن يكون له تاريخ أبدا، وكان ذلك تلميحا إلى أنه ينبغي للحكومة أن تبذل المزيد لتشجيع صناعة السينما المحلية بدلا من تأجير مواقع تصوير كي تقدم من خلالها هوليود تصويرا مشوها للواقع. وقال سلاتري -وهو أميركي من أصل إيرلندي ويقيم في كاليفورنيا- "يجري تدمير صناعة السينما الوطنية في كثير من البلدان أو جرى تدميرها بسبب القوة التسويقية الهائلة التي تمتلكها هوليود، إنهم يدمرون الأفلام الصغيرة وفرص القصص الصغيرة".