تحولت ساحة البريهي أمام الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية يوم الحادي عشر من مارس في "جمعة الغضب" إلى "ميدان التحرير" الإعلامي كما شاء له أبناء الدار. وتوحدت إرادات وأصوات القيادات والمكونات النقابية الممثلة لفئات العاملين حول مطالب وشعارات سقفها واضح ومرتفع، وكانت كلمة السر تتأرجح بين "ارحل" أو"ديكاج". ويبدو أن صبر المهنيين قد نفذ بالفعل فأصبحت قناعتهم النهائية راسخة بالقطع مع كل رموز العهد المسيطر في الشركة " الفابريكة" بعدما انقطعت روابط الثقة بينهم وبين كل من يحمل لقب مدير أو مسؤول كبير، باستثناء طبعا بعض صغار المسؤولين الذين جرفتهم الموجة ولم يعد لهم وزن مؤثر في معادلة الصراع. اعتصام من أجل تحرير الإعلام حظيت المبادرة النضالية التي دعت إليها النقابة الديمقراطية للسمعي البصري باستجابة واسعة ونوعية للعاملين وممثليهم من النقابيين في الشركة "الفابريكة" للإذاعة والتلفزة ومشاركة لممثلي نقابة دوزيم. فالوقت حان للتغيير والتحرير والمناداة بالرحيل لهذا انطلقت أولى الشعارات مرددة: اعتصام... اعتصام لتحرير الإعلام. اعتصام... اعتصام لتغيير الإعلام. الفشل الحكومي في الإعلام العمومي. الإعلام العمومي هو إعلام مخزني. اسمع اسمع يا مدير بغينا إعلام الجماهير. ارحل ارحل يا مدير هذا يوم التحرير. وإذا كانت مجمل الشعارات استهدفت أسماء بعينها فقد كان اسم "عياد" هو الأكثر ترددا وحضورا، وبعده "الحضوري" ثم "بوفراحي" ثم "مجيد الفاسي" و"سيتايل" و"بوزردة" ف"العرايشي"، أما سقف المطالب السياسية المرتبطة بالإعلام والتي تناغمت معها أصوات الهيئات الإعلامية والجمعوية والحقوقية والشبابية "20 فبراير" فقد حدد بصريح العبارة أسماء "الهمة" "الماجيدي" "الفاسي" "العماري" كمسؤولين بشكل أو بآخر عن حالة الاحتقان التي بلغها الوضع وحالة الإحباط لدى المهنيين وحالة الانحطاط في الإعلام العمومي، فكان لابد من قول كفى وكفاية و"باراكا". باراكا... باراكا من التعيينات في لاهاكا باراكا... باراكا من تبعيات لاهاكا الشعب يريد تحرير لاهاكا الشعب يريد تحرير الوكالة الشعب يريد تحرير التلفزة الشعب يريد تحرير الإذاعة و... ارحل ارحل يا مدير هذا يوم التحرير وكان واضحا من خلال مذيعي الوقفة أن عبارة ارحل تعني بالضرورة كل مدير ومسؤول عن التردي والانهيار والانحطاط الذي بلغه الإعلام العمومي في زمن أكذوبة التحرير التي حولته بين أيدي "التجار" الذين قرصنوه وحولوه إلى سوق للشركات التجارية المطلوقة اليد في استنزاف الميزانية التي كان من الواجب تخصيصها للبرامج والإنتاج الإعلامي المعبر عن حقيقة المرحلة الانتقالية الديمقراطية التي انخرط فيها الكل، ملكا وشعبا وقوى سياسية وديمقراطية وحقوقية تقدمية حداثية وحية في البلاد، لكن المفارقة أنه بعد خمس سنوات ماذا أنتجت لنا هذه الفابريكة فضلا عن العاهات والتقرحات سوى: تهميش الكفاءات وتكريس الرداءات ونهب الميزانية و"تبريع" الدخلاء من خلال الصفقات المشبوهة. ومن هنا تكمن اتجاهات وطبيعة الحركة النضالية التي أرسلت الرسائل التالية: الحركة بدات بدات لإسقاط الرداءات بغينا تشجيع الكفاءات ما بغيناش التعيينات همشتو الكفاءات وبرعتو الرداءات بالصفقات المشبوهة الفلوس نهبتوهوم ولاد الدار همشتوهم والدخلاء برعتوهم في الشركة الفابريكة فابريكة المديرين عرام دلمديرين على شوية دلعاملين المديرين علفتوهم والعاملين فقرتوهوم الامتيازات للمسؤولين والامتحانات للعاملين الشعب يريد تحرير الأخبار الشعب يريد إسقاط الاستخبار ورغم الموارد المالية الهائلة للشركة، فإن نصيب الإعلام منها سوى التشوه أو الشوهة في البرامج والتضبيع والتمييع في النشرات وهذا منتهى العار: هذا عار هذا عار لا إنتاج لا أخبار هذا عار هذا عار شركات التعمار التعتيم والتمييع نشرات التضبيع إذاعة عمومية أخبار الشعب منسية تلفزة عمومية أخبار الشعب مقصية وكالة عمومية أخبار الشعب ملغية والنتيجة الحقيقية لهذه السياسة هي : صفر أوزيرو زيروزيرو الشركة الوطنية زيروزيرو فالأولى والثانية زيروزيرو فالوكالة حتى هي الشعب يريد وكالة للأخبار الشعب يريد إذاعة للأخبار الشعب يريد تلفزة للأخبار وباراكا باراكا من التعيين ف لاهاكا وعبر المحتجون أيضا عن قرفهم من هذا الوضع بكلمة باراكا من: باراكا باراكا من الرداءة والركاكة باراكا باراكا النشرات مفبركة الرداءة والهزالة النشرات مطولة والحقيقة الحقيقة في البارابول ناطقة والحقيقة الحقيقة في الفايسبوك ناطقة كليك... افتح فايسبوك كيفضح هنا دخل عنصر الشباب على الخط بقوة، شباب الجيل الجديد من العاملين في قنوات الرابعة والسادسة والأولى ومختلف أقسام الشركة من المتضررين من نظام التعاقد المجحف والمذل والذين رفعوا أصواتهم مطالبين بالتغيير: الشباب يريد تغيير العقود الشباب يريد تغيير العقول ثم توجهوا مباشرة لعياد بالقول: الشباب ماشي براهش. وهو الذي أهانهم ذات اجتماع بهذا اللفظ المحقر الذي يقال عادة لكل من يلج المؤسسة في سنواته الأولى منذ عهد الداخلية في الإعلام، لكنه ما زال ساريا مع الأسف حتى في هذا العهد الجديد... أما بالنسبة للعاملين خاصة غي الإعلام الأمازيغي فقد وجدوها فرصة للتذكير بدسترة التعددية انسجاما مع الخطاب الملكي: اشهد اشهد يا جمهور تامازيغت في الدستور الملك مع الإصلاح يا المسؤول تلاح تلاح وكلمة تلاح طبعا هي صيغة أخرى لارحل. وكانت وحدة الهدف بالنسبة لمكونات الاحتجاج مختزلة في العناوين التالية: ناضل...ناضل من أجل الكرامة ناضل... من أجل الحقوق ناضل... من أجل الحرية ناضل... من أجل التحرير هيئات التحرير ميثاق التحرير ناضل... ضد القمع ناضل... ضد المنع ناضل... ضد المدير ناضل... ضد الفساد ناضل... ضد التمييز هدفنا مطلبنا شفافية في التسيير حرية في التعبير مهنية في التحرير مجالس التحرير هي السبيل للتغيير اعتصام بلا حدود إلى غاية اليوم الموعود: هكذا كان يوم جمعة الغضب هو يوم المطالبة بالتغيير والتحرير وكان مقر شركة الإذاعة والتلفزة هوميدان التحريرالرمزي ، وكان تحرير الإعلام العمومي من قبضة التجار ورموز المخزن هوالمطلب الأساسي ، حيث اتفق المحتجون على مواصلة الاعتصام في الأيام القادمة ضمن جمعات للصمود والاحتجاج حتى الرحيل. ............................