ليس غريبا أن يخرج قيادي من حزب المصباح بتدوينة يتساءل من خلالها؛ (ما جدوى الانتخابات) بسبب حكاية القاسم الانتخابي... ولن يكون غريبا أيضا إذا ما خرج علينا قيادي آخر، يدعو إلى الانسحاب من الانتخابات المقبلة، حالة ما إذا أصر (التماسيح والعفاريت) على احتساب القاسم الانتخابي بعدد المسجلين وليس بالأصوات الانتخابية الصحيحة... لكن، الواقع والتاريخ يقول بأن البيجيدي سيقبل هذا القاسم الانتخابي وسيشارك في الانتخابات، ولو تم احتساب هذا القاسم بعدد سكان العالم. ولو كان صادقا في حكاية الانسحاب، لكان الأجدر به فعل ذلك حينما تم إعفاء بنكيران بطريقة مذلة للغاية استنكرها أعداؤه قبل أصدقائه...
إذن، الحكاية لا ترتبط بالقاسم الانتخابي بقدر ما هي مشروطة بوجود إرادة سياسية تفوق إرادة أحزاب فقط دورها تأثيث مشهد الواجهة.
ولكي نفهم الأمر جيدا، نعود قليلا الى منتصف تسعينيات القرن الماضي حين رفع حزب العدالة والتنمية في نسخته السابقة، شعار (النضال من أجل الديمقراطية)، وقتها صدقه كثيرون، وهذا طبيعي جدا مع خطاب سياسي جديد وغير مألوف في الوسط المجتمعي، حيث جاهر الحزب بمحاربته للفساد والاستبداد، كما دعا إلى الحد من الفوارق الاجتماعية. بل أكثر من ذلك، دافع قادته عن الملكية البرلمانية وحمل بعضهم اليافطات أثناء مظاهرات حركة 20 فبراير. لكن ما حدث بعد ذلك هو أن الزعيم بنكيران كان له رأي آخر، يبدو أننا سنتذكره هذه الأيام.
فقط أقول؛ لو كان قادة حزب المصباح صاقين مع أنفسهم قبل صدقهم مع الغير، لشكروا الحراك العشريني، الذي لولاه لما قاد حزبهم الحكومة لولايتين متتاليتين. وبدل هذا الشكر، وفي موقف ليس بغريب عن
السياسيين، وصف الزعيم قادة الحراك كونهم (طبالة وغياطة)، قبل أن يتصل بقنوات إعلامية دولية، مصرحا بأنه وحزبه ضد المشاركة في مظاهرات 2011، وهي الرسالة التي التقطها من في الحزب ليتراجع البعض عن التظاهر ويمزق البعض الآخر لافتات كتب عليها حينذاك؛ لا للفساد ولا للاستبداد.