بعد أن تم تنصيب حميد شباط أمينا عاما جديدا لحزب الاستقلال، خرجت الأفواه تتعالى بين منوهة ومتحفظة من هذه القيادة الجديدة، إذ اعتبرها البعض انتصارا لأبناء الشعب على طبقة مسيطرة، خصوصا وأن شباط تمكن من زحزحة العائلة الفاسية التقليدية (آل الفاسي) عن كرسي دام طويلا تجسد في عباس الفاسي وقبله محمد بوستى ومؤسسه علال الفاسي. نجاح عمدة مدينة فاس في هذه الانتخابات اقترنت بظهور مفهوم جديد على مستوى الحقل السياسي الذي يحمل نوعا ما دلالات قدحية؛ وهو مفهوم الشعبوية. الذي إن كان يبدو للوهلة مألوفا إلا أنه يحمل ضبابية كثيفة من حوله. فماذا تعني الشعبوية؟ وما معنى أن تكون شعبويا؟ وكيف اقترن اسم حميد شباط بالشعبوية؟ إذا كانت الشعبوية تحيل على مفهوم النسبية إلى الشعب أي أنها تصور بواقعية حياة عامة الشعب، فإن الخطاب الشعبوي يفترض التوجه مباشرة إلى الشعب. فأن تكون شعبويا يعني أنك تنحدر من الوسط الشعبي أو ما يصطلح عليه ب''ولد الشعب''. من خلال هذا التحديد البسيط لمفهوم الشعبوية لا نستشف أية قدحية، على أن استعمال هذا المفهوم في الحقل السياسي نشعر بأنه يوظف بنوع من السلبية والعدمية. نصل إلى اقتران اسم شباط بالشعبوية. فأمام فشل الديمقراطية التمثلية في شخص الطبقة الحاكمة يبقى الحل هو اللجوء إلى الشعب بحيث يكون الخطاب من الشعب وإلى الشعب، وبالطبع هو حل ضمن مرحلة انتقالية لتلجيم الأفواه الساخطة على الوضع القائم وعلى جمود الكراسي القيادية، وهو ما تجسد في اختيار شخص حميد شباط. فالشعبوية لا يمكن أن تقود بالضرورة إلى تغيير الوضع القائم بقدرما تكون حل بديل ضمن وضع مأزوم. إذن فالشعبوبة لا ترتبط بأية صور نمطية أو أي حدث خارج عن المألوف وهي لا تحمل أية دلالات قدحية، بقدرما تدل إلى العودة للمصدر الشعبي للسلطة في غياب مشروع جماعي وذلك في سياق المطالبة بالمزيد من الديمقراطية.