تحظى خطابات وكلمات رئيس الحكومة المغربية زعيم العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران التي يلقيها في المهرجانات وفي التلفزيون وفي البرلمان بمتابعة كبيرة من الناس. وبينما يرى أنصار بنكيران لغة خطابه التي يفهمها عامة الناس وتتخللها "قفشات" بساطة في الخطاب، يعدها خصومه لغة "شعبوية" تعتمد على العاطفة من أجل كسب ثقة الجماهير وأصواتهم. واستطاع رجل آخر يتهم أيضا بأنه من نجوم "الشعبوية" في المغرب، وهو حميد شباط، أن يتولى قيادة أعرق حزب سياسي في المغرب هو حزب الاستقلال بعدما كان منصب الأمين العام لهذا الحزب حكرا على عائلة الزعيم الراحل علال الفاسي. ويترقب المغاربة المؤتمر القادم لحزب الاتحاد الاشتراكي الذي قد يتمخض عن زعيم جديد يتهم بأنه يمارس الشعبوية، وهو إدريس لشكر أحد المتنافسين على قيادة حزب مارس لعقود طويلة معارضة النظام المغربي. وتذهب بعض القراءات إلى وجود نية مبيتة في "تطعيم الحقل السياسي المغربي بشعبويين"، قادرين على استمالة عواطف الناس، واحتواء الاحتقان الشعبي الذي أذكته الثورات العربية. تحولات ويرى رئيس مركز الدراسات والأبحاث في منظومة التربية والتكوين بالرباط سعيد العلام أن "الشعبوية سلوك أصيل في الفعل السياسي ببلادنا يمارسه كل الفاعلين لكن بأساليب مختلفة". ويضيف العلام للجزيرة نت "طبيعي أن تنتعش الشعبوية في جل البلدان العربية لأنها مرتبطة بحجم التحولات التي يعرفها كل مجتمع على حدة، فكلما اتجهنا نحو تكريس مفهوم السيادة للشعب اتسعت دائرة الخطاب الشعبوي، ويبدو أن النظام المغربي ينتج هو أيضا "خطابا شعبويا، منسجما مع مرجعتيه الأيديولوجية ونمط المشروعية التي ينهل منها سلطته. بساطة أما عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عبد العلي حامي الدين فيدعو إلى ضرورة التمييز بين البساطة في الخطاب وشعبوية الخطاب، معتبرا أن من سمات الأولى الصدق والواقعية والصراحة، بينما ترتكز الثانية على المناورة والخداع وتضليل الجماهير. وحسب حامي الدين، فإن البساطة في الخطاب الحزبي "أصبحت تمثل ثورة حقيقية في عالم السياسة، لأن روادها يعيشون مع الشعب ويشعرون بمعاناته ويزعجون بتصرفاتهم كل من يحتكر العمل السياسي. ويرى أن بعض القوى السياسية تحارب منطق البساطة عند بعض السياسيين المغاربة بملاحقتهم بتهمة "الشعبوية"، معتبرا أن سر نجاح عبد الإله بنكيران في تواصله مع الناس ليس في شكل الخطاب فحسب، ولكن في "مصدر الخطاب ومضمونه، وفي مصداقية صاحب الخطاب وخلفيته السياسية والتاريخية". دلالات الخطاب على الجانب الآخر يصر خصوم زعيم العدالة والتنمية بالمغرب على أن الرجل "شعبوي" بامتياز، وأن "قفشاته السياسية" تخفي وراءها إخفاقه في محاربة الفساد والمفسدين. ولا يستبعد سعيد العلام أن تكون "التيارات المهيمنة على مفاصل السلطة تشكل جيوب مقاومة تحاول من خلالها الحفاظ على توازنات السلطة، حتى تتجاوز الأزمات الاجتماعية" الحالية، وهو ما ينتج خطابات مضادة تستعمل مفهوم الشعبوية وسيلة لكبح جماح الموجات المتجهة نحو التماهي مع الجماهير". ويعتقد العلام أن من يمتلك ناصية الشارع هو من يكون خطابه مبنيا على "الاتصال المباشر بالجماهير ومخاطبتهم بلغة يفهمونها عوض لغة الخشب التي يروجها عقلاء السياسة". ويزيد نشطاء فيسبوك من حدة هذا النقاش عندما يروجون لصور الزعماء السياسيين وهم "يمشون في الأسواق ويأكلون الطعام" ويعانقون الفقراء ويجلسون في المقاهي. أما الباحثون فيستمرون في تلقين طلبتهم في الجامعات أن الشعبوية دليل على "وجود خلل في العملية السياسية"، ومؤشر على غياب لغة الأرقام وطغيان منطق الكلام. ** المصدر:الجزيرة نت