بوعياش من رواق الحقوق: دول الجنوب تقدم نماذج ملموسة وممارسات حقوقية فضلى تتبلور معها فعلية كونية الحقوق والحريات    الرباط تحتضن "منتدى الحوار البرلماني"    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء    المعرض الدولي للفلاحة بمكناس: مجموعة القرض الفلاحي للمغرب توحّد جهود الفاعلين في مجال الزراعة الذكية    اتصالات المغرب تلامس 80 مليون مشترك    ميسي يطلب التعاقد مع مودريتش.. وإنتر ميامي يتحرك    فوضى أمام الفاتيكان في اليوم الأخير لوداع البابا فرنسيس الأول    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    شراكة تجمع "ويبوك" وجامعة كرة القدم    محاكمة أطباء دييغو مارادونا تكشف تفاصيل الأيام الأخيرة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    "TGV" القنيطرة – مراكش سيربط 59 % من الساكنة الوطنية وسيخلق آلاف مناصب الشغل    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    بودريقة يقضي ليلته الأولى بسجن "عكاشة"    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    إنزكان… توقيف شخص للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال أداة راضة    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    "تحالف الشباب" يراسل مؤسسة الوسيط ويصف تسقيف سن التوظيف ب"الإقصاء التعسفي"    الجزائر.. منظمة العفو الدولية تدين "تصعيد القمع" واعتقالات "تعسفية" وملاحقات "جائرة"    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    انهيار.. ثلاثة عناصر من "البوليساريو" يفرّون ويسلمون أنفسهم للقوات المسلحة الملكية    قبل 3 جولات من النهاية.. صراع محتدم بين عدة فرق لضمان البقاء وتجنب خوض مباراتي السد    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية يشكل خارطة طريق عملية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    الشيخ بنكيران إلى ولاية رابعة على رأس "زاوية المصباح"    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    الوقاية المدنية تنظم دورة تكوينية في التواصل للمرشحين من السباحين المنقذين الموسميين بشواطئ إقليم العرائش    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    فوز "صلاة القلق" للمصري محمد سمير ندا بجائزة البوكر العربية    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرائم قتل لأسباب تافهة!
نشر في أخبارنا يوم 27 - 10 - 2012

هي جرائم تقشعر لها الأبدان عند سماع تفاصيلها.. أبطالها أشخاص عاديون.. كان القدر يخفي لهم مصيرا غير متوقع، وقعوا تحت ظروف ورطتهم بقصد أو دون قصد في قتل أرواح، بسبب نصف درهم، أو شربة خمر، أو «بوسة» أو حتى «دجاجة»! بعد أن وقعوا أسرى لاندفاعهم، ليرتكبوا أفظع الأفعال في حق شخص قد لا تربطهم به صلة، أو صديق أو جار أو مستخدم لديه، والسبب لا يمكن وصفه سوى بالتافه..

بعد يوم طويل من العمل بسوق حد السوالم ضواحي مدينة سطات، التأم مجموعة من الباعة في مطعم السوق الشعبي، بعد أن استوصوا «الشواي» خيرا بلحومهم طالبين منه الإسراع في شوائها، التحقوا بزملائهم في طاولات المطعم، وأعادوا استرجاع ما حفل به يومهم من كسب ومواقف مثيرة مع الزبناء، كان من بينهم شابان في مقتبل العمر يلهوان ويلعبان بسكاكين مازالت مشحوذة رغم كثرة ما شقت من لحوم وقطعت من أوردة، كان الأول يضع تفاحة في يده ويحاول الثاني شقها بضربة سكين واحدة، وكل من فشل في شق التفاحة سيكون مطالبا بأداء مبلغ الغذاء كاملا. لعبة دموية جعلت العديد من رواد المطعم يترقبون ما ستسفر عنه، قبل أن يصيب الجزار الشاب صديقه بضربة سكين طائشة أصابت جزءا من كفه الذي كان يمسك التفاحة، وكاد يتطور الأمر من ضحك مجنون إلى عراك بالسكاكين، بعدما حاول الصديق الثأر من صديقه، وطعنه بسكين، قبل أن يتدخل أحد العقلاء بالمطعم ونهرهما على مزاحهما الثقيل الذي كاد أن يودي بحياتهما، ويدعوهما إلى الجلوس بجانبه ويشرع في تهدئة روعهما وسرد قصة شبيهة بقصتهما الفرق فقط في النهاية المأساوية التي انتهت بها بعد مزاح بين صديقين حميمين.
«بوسة» ‪وراء‬ جريمة قتل
بدأت تفاصيل القصة كما حكاها الجزار الخمسيني، باستيقاظ البحار الثلاثيني عند أول خيوط الفجر كعادته وتوجه إلى ميناء أكادير لاستئناف عمله في إحدى البواخر. لم يكن يدور بخلده أنه سيرتكب جريمة قتل في حق صديقه الذي يعمل في باخرة أخرى تابعة للشركة نفسها. دخل ميناء الداخلة على الساعة السابعة صباحا، وبعد رحلة صيد في أعالي البحار على متن الباخرة، حيث يعمل كطباخ، هيأ الفطور للبحارة ونزل إلى الرصيف بالقرب من الباخرة وبحوزته سمكة وسكين، قصد تنظيفها وإعدادها للطهي. وأثناء قيامه بذلك مر عليه صديقه وسلم عليه كما تعود دائما. استمر كريم في تنظيف السمكة ، فطلب منه فريد «بوسة » مازحا، امتنع وطلب منه التوقف عن المزاح، لكنه استمر في العناد، وقبض بكلتا يديه على عنق صديقه وحاول تقبيله. ينتفض هذا الأخير ويلوح بيده التي يقبض بها السكين، فإذا بالنصل ينفصل عن القبضة ويصيب الهالك في الجهة اليسرى من عنقه فيصيب الوريد. أشعر كريم الشرطة بالحادث وانزوى بعيدا إلى حين قدومهم إلى عين المكان حيث سلم نفسه والسكين أداة جريمته. استعان كريم بالشهود عله يخفف ما ينتظره من عقاب، بغض النظر عن كونه وصديقه اعتادا المزاح باستمرار دون أن يدخلا قط في أي شجار، وكانا على علاقة طيبة كما كان يروج في أوساط زملائهم البحارة.
لم يكن أمام كريم بد من الاعتراف أمام قاضي التحقيق بالمنسوب إليه، مؤكدا أن علاقته بالهالك ممتازة، وأنهما كانا يتمازحان باستمرار في أي ميناء يلتقيان فيه، وأنه صبيحة الحادث بعد رحلة صيد في أعالي البحار، أعد الفطور للبحارة ونزل إلى الرصيف المجاور للباخرة التي يعمل بها، لينظف سمكة ويعدها للطهي، طلب منه صديقه قبلة على سبيل المزاح، لكنه في محاولة للانفلات من قبضته، انفصل النصل فأصابه في عنقه وأرداه قتيلا في الحال.
بعد جلسات ماراطونية قضت ابتدائية وادي الذهب بإدانة كريم بثمانية أشهر سجنا نافذا. حكم لم يشف غليل عائلة الضحية القاطنة بمدينة خريبكة، ورأت فيه جريمة ثانية في حق ولدها، ما دفعها إلى رفع تظلم إلى القوى الحقوقية للوقوف إلى جانبها لإنصافها والتخفيف من معاناتها، سيما أن الضحية متزوج ويعيل أفرادا من عائلته.
مات من أجل دجاجة!
الكل كان منشغلا بشؤون «التقدية» واختيار ما نضج من الفواكه والخضر والتفاوض مع الباعة، بسوق الخيام بحي مولاي عبد الله بالدار البيضاء في صبيحة ذلك اليوم من يونيو الماضي. ضجيج مكبرات الصوت سيطر على المكان، بسبب بعض التجار الذين شرعوا في حث المتسوقين على اغتنام فرص لن تتكرر، زادهم في ذلك ما جادت به قريحتهم من كلمات موزونة، قد لا تجدها في أكثر الإعلانات احترافية، تسببت في ضجيج متناغم لايؤذي الآذان، بل أصبح جزء لا يتجزء من فضاء السوق.
فجأة، تنكسر هذه الرتابة ويتبخر هذا التناغم، على وقع صوت مذعور: «شدو الشفار!، شدو الشفار!»، تختلط الأوراق وتتبعثر ردود الأفعال، ويتسرب الشك للمتسوقين الذين انتابتهم حالة من الخوف والاستنفار معا‫، ‬قبل أن ينكشف عن هذا الهرج والمرج حينما سدد «با عمر» حجرا صوب رأس اللص سقط لقوتها أرضا على الفور مضرجا في دمائه التي اختلطت بريش الدجاجة التي كان يحملها بين يده، وفرت بجلدها من سارقها كما لو كانت تعرف مسبقا ما ينتظرها في أحد المطابخ!
لم يكن «با عمر» يظن أن ردة الفعل هاته تجاه السارق ستجني عليه، سيما بعد نقل الشاب مغشيا عليه إلى العناية المركزة بمستشفى محمد السقاط‫.‬ لم تنفع التدخلات الطبية في إبقائه على قيد الحياة، ليتم اعتقال بائع الدجاج من لدن الشرطة القضائية للمنطقة الأمنية عين الشق بالبيضاء، وتم وضعه تحت الحراسة النظرية، وإحالته على أنظار الوكيل العام للملك باستئنافية الدار البيضاء، وهو غير مصدق لما اقترفت يداه، ولا كيف قادته الأقدار إلى ارتكاب جناية بسبب دجاجة وتهور لص!
وإذا كانت السرقة سببا في الموت، فالبعض ممن لعبت الخمر بعقله كان قادرا على أن يزهق روحا من أجل شربة خمر، كما وقع صيف العام الماضي بحي الراشدية بمدينة المحمدية، جرائم لأسباب تافهة، حيث يرى الدكتور محمد الأزهر مختص في علم الإجرام أن هذه النوعية من الجرائم لها ارتباط بالسلوك المجتمعي المفسر للظاهرة الإجرامية ككل، حيث تتخذ الممارسات الإجرامية أشكالا متعددة، كبعض ردود الأفعال غير المتحكم فيها اتجاه الأغيار أو الأصدقاء أو أحد أفراد الأسرة نفسها، كنتيجة لعوامل نفسية وسلوكية معينة، لعبت في البناء النفسي للشخص الذي يقدم على الفعل الجرمي بسهولة دون عقدة ذنب ولأسباب تافهة واسترخاص الروح البشرية.
شربة خمر قاتلة
بعد أن فعلت «الماحيا» فعلتها في رؤوسهما، قرر حسن الاستئثار بالقنينة لوحده سيما أنه هو الذي ابتاعها بعدما نفذت الثانية. رد فعل فعل لم يرق كمال لتتطور الأمور إلى الأسوأ عندما حاول انتزاع القنينة من حسن. هذا الأخير لم يستسغ هذه «الحكرة»، ولم يتردد في الاستعانة بسكين حاد، ويطعن كمال في عنقه ليفارق الحياة فورا قبل نقله إلى مستشفى مولاي عبد الله بالمحمدية.
السلطات الأمنية باشرت حملة تمشيطية، استهدفت أهم النقط بالمدينة، قبل أن تهتدي إلى الجاني الذي ألقي عليه القبض بالشاطئ المركزي بالمحمدية. ليتم تقديمه للعدالة بالمنسوب إليه. كان سبب الجريمة تافها، شربة من الخمر! طار مفعولها برأسه بمجرد القبض عليه من طرف الشرطة!
جرائم قتل بسبب مبالغ زهيدة!
كان العاشقان ينصتان إلى هدير أمواج شاطئ السعادة بعين السبع، لم يعكر صفو هذه الجلسة الحميمية سوى صوت مبحوح، لأحدهم ورائحة الخمر تفوح منه:
-«خويا الزين دبر عليا! شي درهم!»
- معنديش الله يسهل!!
رد لم يرق المتسول الذي ينوي ابتياع قنينة أخرى من«الروج» لإكمال سهرته، ليدخل مع الشاب في مشاداة كلامية أعقبها تشابك للأيدي، ولأن الشاب كان متفوقا عليه لقوة بنيته، استل المتهم سكينا من تحت معطفه ووجه إلى الشاب طعنة في العنق، لكن الضحية قاوم والدم ينزف منه، قبل أن يتملص المتهم منه بعد أن تلطخت ملابسه بالدم.
صدمت الفتاة التي كانت رفقة الشاب وهي تشاهد صديقها يفارق الحياة أمام عينيها، لتتوجه نحو أقرب مركز أمني وأبلغت عن الحادث، ليتم الاتصال بسيارة إسعاف نقلت الضحية، غير أنه لفظ أنفاسه الأخيرة في الطريق إلى المستشفى. تدخلت عناصر الشرطة القضائية على الخط بعد أن توصلت بمكالمة هاتفية من المستشفى تتعلق بإخبار عن جريمة قتل، وانتقلت المستشفى وعاينت الضحية، كما استمعت إلى صديقته التي أعادت سرد وقائع الجريمة وقدمت أوصاف المتهم، لتباشر الشرطة أبحاثا ميدانية، استعانت فيها ببعض المخبرين، قبل أن تتوصل بإخبارية مفادها أن شخصا يقيم بدوار «احسينو» بعين السبع، جاء في حالة سكر وثيابه ملطخة بالدماء، ولما استفسره بعض السكان أخبرهم بأنه ارتكب جريمة قتل. استغلت عناصر الشرطة القضائية هذه المعلومات في بحثها عن المتهم، إذ ترصدته بمنزل إقامته رفقة والديه، غير أنها لم تعثر عليه، قبل أن تبحث في مجموعة من الأماكن التي من الممكن أن يتردد عليها ليتم إيقافه قرب إصلاحية عكاشة بعين السبع.
أنكر المتهم، لحظة إيقافه، التهمة المنسوبة إليه، لتنتقل عناصر الشرطة رفقته إلى منزل أبويه وتعثر على معطفه الملطخ بدماء الضحية، وعند تنقيطه بالآلة الناظمة تبين أنه مطلوب في قضايا تتعلق بالسرقة الموصوفة، لتتم إحالته على محكمة الاستئناف بعد متابعته بتهم القتل العمد ومحاولة السرقة الموصوفة وتعدد السرقات.
هذه الحالة ليست سوى نموذج من الجرائم التي تتصدر صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية بسبب نزاع حول مبلغ مالي لا يغني ولا يسمن من جوع، كما وقع بفاس في السابع من أكتوبر الماضي. حينما تسبب سوء تفاهم نشب بين سائق طاكسي بفاس، حول ثمن الرحلة ما بين وسط مدينة فاس وحي «عوينات الحجاج»، حيث رفض الزبون، إضافة مبلغ نصف درهم إلى أربعة دراهم سلمها له في البداية، معتبرا ذلك نوعا من «السرقة» والابتزاز. رد صاحب الطاكسي كان مفحما، مخبرا إياه أن الزيادة كانت بسبب الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين، قبل أن تتطور الملاسنات فيما بينهما. أوقف سائق الطاكسي سيارة الأجرة واستعان بهراوة ليواجه الزبون مهددا، لكن رد فعل الزبون كان قويا حيث استعان بمدية ووجه للسائق طعنات في جهازه التناسلي وكليتيه كانت كافية لإزهاق روحه قبل وصول سيارات الإسعاف.
رفض كراءه «حصيدة» فقتله!
خلاف حول «حصيدة» للرعي كانت سببا في جريمة قتل، بأحد الدواوير جنوب مدينة سطات. رفض فلاح كراء «حصيدته» لجار له، وفضل كراءها لشخص غريب عن الدوار، خلاف تافه كان مثار ملاسنات بين العائلتين، قبل أن يتطور في ماي من السنة الماضية ويصل إلى مواجهة بالعصي والفؤوس والمعاول، وكانت النتيجة إصابة ابن مالك «الحصيدة» بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى مصلحة بمستشفى الحسن الثاني بمدينة سطات، حيث حررت له شهادة طبية مدة العجز مدتها 27 يوما. توجه مالك «الحصيدة» وأخ الضحية صباح اليوم الموالي إلى سرية الدرك الملكي بأولاد سعيد، وأدلى بشواهد طبية. حكى للدرك أنه تعرض رفقة أخيه للضرب والجرح وأن تعرض للسرقة من قبل جاره الذي طالما ألح عليه في كرائه لأرضه المحصودة.
في هذا الوقت كان أخ المشتكي في غرفة العمليات لإجراء عملية على مستوى الرأس فارق على إثرها الحياة بسبب نزيف داخلي. فور علمه بالخبر بخبر وفاة شقيقه قام بإشعار الدرك الملكي وانتقل رفقتهم إلى المستشفى لمعاينة الضحية.
باشرت عناصر الضابطة القضائية للدرك الملكي بحثها في الموضوع، فاستمعت إلى الضحية الذي أفاد بأن القاتل طلب منهم كراء «حصيدة» لرعي ماشيته فرفضوا وقاموا بكرائها لشخص آخر، وليلة الحادث ذهب رفقة أخيه إلى تلك الأرض قصد تفقدها ففوجئ بالمتهم وزوجته وابنيهما وأشخاص آخرين مدججين بالعصي وانهالوا عليهما بالضرب، فأصيب الضحية في رأسه وسقط مغمى عليه، وفي تلك الأثناء سرق منه مبلغ مالي قدره 5000 درهم.
أحيل ملف القضية على غرفة الجنايات الابتدائية بمدينة سطات، وبعد مناقشة ظروفها وملابساتها والاستماع إلى الطرفين وهيئة دفاعهما، والاستماع إلى شهود القضية، لاحظت المحكمة أن شروط الدفاع الشرعي وشروط حالة الاستفزاز غير متوفرة، كما أن الشهود لم يصرحوا أمام المحكمة بما يفيد أن المتهم تعرض لااعتداء من طرف الضحيتين، وارتأت هيئة المحكمة تمتيع المتهم بظروف التخفيف نظرا لظروفه الاجتماعية من جهة، ولانعدام سوابقه القضائية من جهة ثانية، وهكذا قضت بالحكم على المتهم بالسجن 12 سنة و إدانته بجناية الضرب والجرح العمدين بالسلاح المؤديين إلى الموت دون نية إحداثه، وأدائه لفائدة المطالبة بالحق المدني تعويضا مدنيا قدره 40.000 درهم، ولكل واحد من أبنائها الأربعة تعويضا مدنيا إجماليا قدره 20.000 درهم لكل واحد منهم، وبأدائه لفائدة المطالب بالحق المدني تعويضا مدنيا قدره 6000 درهم.
قتلت خادمتها بسبب قميص!
استيقظت الزوجة متأخرة من نومها في صباح يوليوزي قائظ من سنة 2011. فوجئت بأن الخادمة لم تقم بالمهمة التي طلبت منها ولم تنظف القميص بطريقة جيدة. شرعت ربة البيت تصرخ في وجه الخادمة ثم تناولت قطعة أنبوب بلاستيكي خاص بتركيب قنينة الغاز من الحجم الكبير، وانهالت عليها ضربا دون اهتمام لصرخات وتوسلات الطفلة الصغيرة، بل واصلت اعتداءها على الجسد الصغير بواسطة صندل بلاستيكي، حيث وجهت إليها عدة ضربات خرت على إثرها الضحية أرضا بالمطبخ.
واصلت الزوجة فنون التعذيب في حق الخادمة، ولم يكترث الزوج لتوسلاتها وغادر البيت نحو المقهى دون تخليصها من بطش زوجته، أو توجيه اللوم إلى هذه الأخيرة التي قصدت بدورها أحد الدكاكين من أجل اقتناء بعض المواد الغذائية لتحضير وجبة الفطور، تاركة وراءها الخادمة تئن وحيدة من وطأة الألم الناجم عن وحشية الاعتداء الذي طالها.
وفي أعقاب عودتها إلى الشقة اندهشت المتهمة لأمر الخادمة التي كانت قد دخلت في غيبوبة تامة، حاولت إنقاذها بتزويدها بقرص دواء منشط، بل وعمدت إلى رشها بالماء في أفق أن تساعدها على استرجاع وعيها لكن دون جدوى.
صارت الزوجة أشبه ما يكون بطير يرقص من ألم الذبح، إذ غادرت الشقة مسرح الجريمة لتصادف زوجها يصعد درج العمارة حيث أشعرته بالفاجعة، ففضّل التوجه رفقتها نحو بيت إحدى قريباتها التي تعمل ممرضة عوض تقديم المساعدة للضحية بنقلها إلى المؤسسة الصحية ذاتها.
قام الزوج بإيصال زوجته وقريبتها إلى البيت قبل أن يغادر هو المكان حيث اختفى عن الأنظار. اكتشفت الممرضة أن الضحية قد لفظت آخر أنفاسها لتطلب سيارة الإسعاف. اشترط رجال الوقاية المدنية ضرورة حضور الشرطة قبل نقل الجثة بواسطة سيارة نقل الأموات، لينكشف سر هذه الجريمة. ماتت الصغيرة أما المشغلة فقد أدينت بعشر سنوات سجنا نافذا بعد مؤاخذتها بتهمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.